الليبراليون العراقيون غائبون حاضرون

جواد السعيد

J12alsaaid@hotmail.com

الليبرالية كما يسمونها أي العمل بحرية في مجالات المجتمع والدولة، اقتصاد حر وفكر حر ودين حر ومجتمع حر ولا جدوى من هذه الحريات بدون ديمقراطية حقيقية وهذا التلازم بين الاثنين لاينفك ابدا .

وكما ظهرت في العراق تيارات سياسية عديدة بعد تغير الحكم وسقوط بغداد فأن لليبرالين نصيب منها ، والذي استولى على الساحة هو التيار الأسلامي بسب هوية الشعب العراقي واعتقاد الغالبية العظمى منه بأن الخلاص من كل المشكلات في العراق هو الفكر الأسلامي إضافة لما قدمته هذه التيارات الأسلامية من تضحيات أبان الحكم الدكتاتوري في العراق وحققت فعلا فوزا جيدا في الانتخابات الماضية, هذه التيارات الأسلامية تتقاطع أفكارها تماما مع ما يحمله الليبراليون من فكر وبدورها سببت عقبة كأود في طريقهم. ولكن السؤال المطروح هل أن المخلصين للعراق هم فقط من الأسلامين؟ وهل هناك عناصر حريصة على مصلحة العراق وأهله غيرهم؟ والجواب هو نعم هناك عناصر ليبرالية كفؤة تحب العراق وتسعى لخدمة العراق ولديها مشروع سياسي مهمته أن يلتحق الشعب العراقي في الركب الحضاري ولكن ليس كل هؤلاء مخلصين أيضا, وقد يكون مشروعهم فاشلا أيضا لأسباب عديدة.

المشكلة عند الليبرالين العراقين هي  ليس لديهم  أحزاب أو تنظيمات تحتويهم وتجمعهم وليس لديهم الأمكانية بتنظيم أنفسهم وطرح مشروعهم, وإذا كان البعض يعتقد أن التيارات الليبرالية متمثلة بشخصي السيدين الدكتور أياد علاوي والدكتور أحمد الجلبي فهذا ليس صحيحيا أذ أن الدكتور أياد علاوي ليس لديه مشروع سياسي واضح بقدر ماهو يسعى للسلطة بسبب انتماءاته البعثية السابقة وتوقه للكرسي والوصول إليه عبر كل الوسائل من مساعدة الأمريكان والدول العربية واللعب على الوتر الوطني ووحدة العراق وما شاكل ذلك وإن احتوت قائمته على شخصيات بعضها مرموقة وذات فكر ليبرالي ولكنهم لا يستطيعون ثني علاوي عن أهدافه بسبب تسلطة على القائمة وكما كان متسلط على حركة الوفاق وكيف استغنى عن الكثير ممن ساعدوه أيام المعارضة وفي بداية الحكم ومنهم السيد نوري البدران والذي كان يعتبره عضده الأيمن اضافة الى استعانته بعناصر بعثية قد سببت الأذى للشعب العراقي مما أدى بعدم مقبوليته لدى الكثير وهناك سبب آخرهو حدته في التعامل مع أصحابه ورفاقه.

أما بالنسبة للدكتور أحمد الجلبي فلم يفهمه أحد وكانت طروحاته يكتنفها الغموض أحيانا ولم يستعن بعناصر عراقية أصيلة لها جذورها في المجتمع العراقي وبقي منكفئا على عناصر تؤدي دورا إداريا فقط ليس لديهم امتدادا جماهيريا واسعا همهم الاول هو الأستفادة من الأمكانات المالية لديه, وحاول الدكتور الجلبي سد الفراغ هذا في حركته من خلال توجهه نحو التيار الأسلامي الشيعي في أول الأمر والأستفادة من الأئتلاف معهم الذي حقق من خلاله وجوده في الحكومة مما حدا بالامريكان بتغير نظرتهم فيه وتخوفهم منه وعزوفهم عنه الأمر الذي قلل من موقعه في الآونة الأخيرة وعاد للعمل في الدولة بهدوء وكرجل اقتصاد لاغير، وعليه أن يعيد النظر في مشروعه والتوجه نحو الرجال الذين لديهم جذور حقيقية أصيلة في المجتمع العراقي سيما في الجنوب الذي فيه من قوة المال والرجال اذا أراد أن يعمل حقا وأن لايبقى في بغداد التي سوف تعيش في أزمات الحكومة الضعيفة باستمرار، ويدعم بدوره مشروع الفدرالية في الجنوب بصدق واخلاص، وهكذا فأن الدكتور الجلبي على ما هو عليه الآن لا يحقق طموح الليبرالين العراقين في الوقت الحاضر.

أما الأحزاب الكردية وإن وجدت فيها حالة الليبرالية نوعا ما فهي أحزاب تعمل في محيط كردستان وليس لها وجود في الأجزاء الأخرى من العراق، كما أنها غير مهيئة لأستقبال العراقين الليبرالين العرب في صفوفها.

اضافة الى المشكلة الأولى عند الليبرالين العراقين فأنهم لديهم مشكلة أخرى عصية عليهم وهي أن أغلبهم يعيشون في أوربا وتعلموا منها الكثير وخير ما تعلموه منها هو ترويض أنفسهم على المبادئ الديمقراطية وكما ذكرنا أن الفكر الليبرالي يحتاج الى ديمقراطية حقيقية وليس إجراء وقتي مثل اداء الإنتخابات وكفى, بل وجود مجتمع مدني حر يؤمن ايمانا حقيقيا بالديمقراطية ووجود مؤسسات دولة ومنظمات مجتع مدني وأحزاب حقيقية فاعلة وغيرها وهذا غير متوفر في العراق حاليا اذ لايمكنهم العمل وسط هذه الضوضاء العالية، وليس هناك من يسمع  كلامهم وطرح مشروعهم في هذه الظروف الحرجة, فسيادة العشائرية وفقدان الأمن وانعدام سيادة القانون وتخبط العملية السياسية ووجود المحتل كلها عوامل لم تمكنهم من العمل بحرية في العراق، لأن كل مايجري في العراق الآن هو يتناقض مع الديمقراطية تماما.

والسؤال هل لليبرالين مكانا في العراق الجديد؟ أو هل بإمكان مشروعهم تغير الحال العراقي المتردي؟ وهل سيكون المستقبل لهم في نهاية المطاف بسبب فشل الجميع؟

اسئلة كثيرة نترك أجوبتها للأيام القادمة وأملنا أن يكون لهم دور كبير في بناء المجتمع العراقي لانهم أبناء العراق في النهاية.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com