|
النظام المصري واصلاحه المنشود ياسر سعد في كلمته خلال افتتاح أعمال منتدى دافوس قال الرئيس المصري حسني مبارك: "إن الإصلاح لا بد أن يكون نابعا من داخل المنطقة لكي يضمن الاستمرار، أما تحقيق الطفرات المتسرعة فسيؤدي إلى حدوث فوضى، وانتكاسة في مسيرة الإصلاح". وتابع: "الإصلاح الذي نريد أن نصل إليه هو الإصلاح الذي يضمن حقوق الإنسان، نريد أن نصل إلى الإصلاح الذي يحترم الدستور والقانون وليس الخروج والجنوح للفوضى". وأضاف مبارك: "أنا معني بأمر مصر والمنطقة وأرى أن تحقيق الإنجاز على مختلف محاور الإصلاح أمامه طريق طويل أمام إرساء الديمقراطية وتحديث المجتمع وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية السياسية". من جهة اخرى وبالتناغم مع رئيسه قال رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف في تصريحات نقلتها رويترز قبيل افتتاح المنتدى العالمي: "لن يحدث ذلك (الإصلاح السياسي) في شهر أو شهرين أو ستة.. سيستغرق أعواما.. لدينا الوقت ولسنا في عجلة من أمرنا". نافيا أن تكون حكومته قد تراجعت عن الإصلاح السياسي، معتبرا بأن الحكومة "اضطرت" لأن تقوم بإجراءات تأخذ بعين الاعتبار النجاحات التي حققها "الإسلاميون" في المنطقة من خلال الانتخابات البرلمانية. وقال: "ما إن تبدأ هذه العملية الديمقراطية حتى تحدث تطورات. ترى الإسلاميين على سبيل المثال يحققون مكاسب في البرلمان هنا وفي فلسطين وفي العراق ولهذا نبدأ بإعادة النظر في حساباتنا بشأن ما يجري". وتابع: "هناك حاجة كي تعيد النظر في حساباتك وتعيد تقييم بعض افتراضاتك للتأكد من أنك بالفعل على المسار الصحيح، لكن في النهاية لا أعتقد أنه سيكون هناك مجال للتراجع عن ذلك الإصلاح". الاصلاح ربما تكون الكلمة الاكثر ترددا على ألسنة كثير من المسؤولين العرب والشعار الاكثر رواجا هذه الايام, ليتناغم مع التاريخ الطويل لزعامات عربية محنطة تفعل عكس ما تقول وتتصرف خلاف ما تعلن, تلك الزعامات والتي أوصلت البلاد والعباد الى قاع يصعب على المرء ان يتخيل اوضاعا اكثر سوءا منه ولو كانت مقصودة بتخطيط دقيق وجهد عظيم. مجرد ان تعترف رموز انظمة حكمت الوطن وقادت المواطنين وبشكل استبدادي مطلق بالحاجة الى الاصلاح بعد ما كان وما يزال اعلامها يطبل ويزمر بانجازات القيادة الحكيمة ويتغنى بمناقبها ومآثرها, فإن الامر يعتبر بمثابة اعتراف وان مبطن بالفشل الذريع في الحكم وبممارسة الكذب الممنهج في الطرح والاعلام. وإذ ذاك فإننا لا نستطيع ان نصدق انظمة تفتقد تماما للمصداقية في طروحاتها وتبنيها لنهج الاصلاح والذي يقتضي منها – ان صدقت- ان ترحل معتذرة عن حكمها الطويل والممل للبلاد وتحكمها المطلق بمصائر العباد. تصريحات الرئيس المصري ورئيس وزرائه موجهة وبالدرجة الاولى للجهات الدولية الغربية وبالتحديد للولايات المتحدة والتي ترفع ظاهريا شعار الاصلاح ونشر الديمقراطية, والطريف ان الرئيس المصري يصرح بعد ذلك بأن "إن الإصلاح لا بد أن يكون نابعا من داخل المنطقة", ثم ان توجه الخطاب للخارج يظهر بوضوح ان شعار الاصلاح جاء ردا على طروحات خارجية -ولم يكن بناءا على اقتناع ذاتي او للتجاوب مع الاحوال المتدهورة والتي يعاني منها المواطن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا- مما يفقد الطرح الرسمي في مسألة الاصلاح اي صدقية او مصداقية. الرئيس المصري والسيد نظيف ليسا في عجلة من الامر في مسألة الاصلاح لإن مسالة التوريث ما زالت في مرحلة الاعداد والانضاج ولإنهم غائبون تماما عن نبض الشارع والمعاناة المتصاعدة للقطاع الاعظم من الشعب المصري والتي توحي كثير من الاشارات المتصاعدة منه وتطوراته المتلاحقة عن اقتراب انفجار اجتماعي وثورة محرومين تطيح بالاسرة الحاكمة واتباعها في مصر الكنانة. مبارك دأب في السنوات الماضية إلى ترهيب الغرب عموما والادارة الامريكية تحديدا من وصول الاسلاميين للسلطة عبر انتخابات ديمقراطية مما يؤثر على المصالح الامريكية في المنطقة كما اشارت الى ذلك الكثير من التقارير الاعلامية الغربية, وكأن وظيفة القيادة المصرية واولوياتها الاساسية في الحفاظ على المصالح الامريكية ولو تقاطعت مع الحاجات الاساسية لمصر الوطن والمواطن. الحكومة المصرية وحسب تصريحات رئيسها "اضطرت" لأن تقوم بإجراءات تأخذ بعين الاعتبار النجاحات التي حققها "الإسلاميون" في المنطقة من خلال الانتخابات البرلمانية. المطلوب إذن ديمقراطية تبقي على الانظمة الفاسدة وتسمح ببضع مقاعد لمعارضين "مشاغبين" لتفريغ والتنفيس عن إحتقانات الشارع المتزايدة. في نفس السياق حذر صائب عريقات منذ ايام حماس من تشكيل سلطة موازية ردا على تشكيل القوة الامنية الجديدة في غزة, على الرغم من ان حماس وصلت للحكم عبر انتخابات ديمقراطية, فأي سلطة تلك التي يفترض انها تتوازى مع الحكومة الفلسطينية. العقلية الرسمية العربية ترفض تماما مسألة تدوال السلطة وتعتبرها من المحرمات وتتحدث بعد ذلك عن الاصلاح المتدرج والديمقراطية والتي تناسب المنطقة, الديمقراطية المنشودة هي التي تناسب مصالحهم المادية وتبقى على سلطتهم وتسلطهم . وسائل الاعلام ابرزت حضور خطيبة "ولي العهد المصري" وهي تجلس بجواره مع رجال الدولة في منتدى دافوس لتنتقل بنا خطوة متقدمة من توريث السلطة الى تمليك الدولة واعلان الاسرة الحاكمة في مصر كعائلة مالكة, والا ماذا تفعل خطيبة جمال مبارك في المنتدى وما الذي أهلها للجلوس مع الرسميين المصريين والشخصيات الدولية. ما يجري في مصر وفي غيرها من الدول العربية يظهر ان ثمة انظمة عربية عصية على الاصلاح وإن صلاح البلاد يكون في رحيلها غير مأسوف عليها.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |