|
الوجود الفلسطيني في الأردن ورقة بيد من؟ د. عصام المصري منذ العام 1948م وبدء مرحلة ما يسمى الشتات الفلسطيني تحملت الأردن الجزء الأكبر من مخيمات اللجوء الفلسطيني، ومنذ ذلك الوقت بدأ الوجود الفلسطيني يفرض نفسه في داخل الأردن سياسيا واجتماعياً وثقافياً، وبقي هذا الوجود الفلسطيني يحضر بقوة مع بدء انتشار وبروز التيار الناصري في المنطقة العربية بشكل أقوى، عندها بدأ النظام الأردني يتجاذب هذا الوجود الفلسطيني لديه كورقة سياسية بينه وبين النظام المصري أيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، حيث انضم أغلبية الشعب الفلسطيني في الأردن الى حركة القوميين العرب منذ منتصف الخمسينات وبرزت قيادات هامة في الحركة، ناضلت سنينا من أجل اسقاط النظام الأردني الحليف التاريخي والاستراتيجي للندن ومن ثم واشنطن، وحلفائهما في المنطقة كاسرائيل والسعودية والعراق ابان الحكم الفيصلي فيه، لوصول الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات لقناعة بأن النظام الهاشمي هو المسؤول عن ضياع فلسطين بتواطئ الملك عبدالله الأول مع حلفائه الإنجليز وحين قام الإتحاد السوفيتي وقتها بفضح معرفه الملك عبدالله الأول بإتفاقية سايكس بيكو، وكذلك برسائله الشهيرة مع مكماهون ( طبعاً لا يعني هذا إتهام الأردنيين بشيء من ذلك) وكان الشعب الفلسطيني المقيم في الأردن قد انخرط في الحب والولاء والانتماء للمشروع الناصري ومعه الكثير من أبناء شرق الأردن الوطنيين لما رأوا في هذا المشروع ما يعيد لهم الحلم الأكبر بالوحدة والحرية من جديد والتي فقدوها على أيدي الأنظمة الملكية كنظام الملك فاروق والملك عبدالله، وقدّموا تضحيات كبرى في سبيل ذلك، قضوا خلالها سنينا في سجون الجفر وسواقة وغيرهما، ونشاطا سرّيا قام بالأساس على توعية الشعب وعدم انجراره – سذاجة - وراء أكاذيب النظام الأردني المأفون. جاءت نكسة حزيران عام 67 حيث واجه النظام المصري بقيادة عبد الناصر هزيمة كبيرة، واستفاق الشعب العربي على جرحه الذي ما زال ينزف في قلبه الدامي، وقرأ العقلاء أخطاء الناصرية متمثلة بفساد كثير من السياسيين في الحكم المصري، والقمع الذي كان جزء كبير منه موجه ضد الوطنيين من الشعب المصري والعربي كذلك، كما ساعد – كسبب رئيس- وقوف دول عربية ضد المشروع الناصري وعلى رأسها الأردن والسعودية، وبهذه الهزيمة حقّق النظام الأردني مكاسب جديدة باخضاع فئة جديدة من الشعب الفلسطيني له وتكيفهم مع نظامه، ولكنّ في الوقت نفسه بدأ الشعب الفلسطيني بتنظيم قواه تحت راية الزعيم الراحل ياسر عرفات ومعه رموز الكفاح الفلسطيني: جورج حبش، وديع حداد، سعد صايل، أبو علي اياد، أبو جهاد، نايف حواتمة، أبو اياد وغيرهم الكثير الكثير. وانحاز الفلسطينيون في الأردن الى المشروع الوطني بقيادة منظمة التحرير، وبدأوا معركتهم بمقاومة المشروع الصهيوني عبر عمليات فدائية أو ما سميت بحرب الاستنزاف منذ 1967 ولغاية 1970، خاضوا خلالها معركة الكرامة والتي أصابت قادة الكيان الاسرائيلي بالمهانة والعار. بقيت المعركة مستمرة حتى أتى أيلول الأسود حيث حوّل النظام الأردني شروط اللعبة، وطرد منظمة التحرير من الأردن إلى لبنان، وكسب في تلك المعركة باخضاع غالب قطاعات الشعب الفلسطيني البطل في الأردن تحت وصايته، مستسلمين للواقع وحقائقه. ولم يكتف النظام الأردني بذلك بل بقي يلاحق فصائل المنظمة داخل الأردن وفي الدول العربية، وقام بالعديد من التصفيات والملاحقات والاعتقالات، ولكنّه تلقى صفعة قوية في قرار فك الارتباط والذي لم يستطع بلعه حتى الآن رغبة منه في وصاية حتى على فلسطيني الضفة. وبعد انخراط الأردن ومعه منظمة التحرير بقيادة فتح وبعض فصائل المنظمة في مشروع التسوية، بدأ الاعتراف بواقع مذل ومهين قضى ويقضي حقيقة بأن الوجود الفلسطيني في الأردن بات ورقة سياسية يحكمها النظام الأردني بعد خسارة المشروع الناصري وبعده المشروع الفلسطيني – بسبب تكالب الظروف والقوى العربية والدولية ضده - واستشهد أبو عمار وهو يرفض المساومة على ورقة اللاجئيين وعلى رأسهم لاجئي الأردن، وصار الوجود الفلسطيني في الأردن والذي يزيد عن 3,5 مليون فلسطيني، لا تأثير له على الاطلاق، بعد أن كان على مدار عقود شوكة في حلق النظام الأردني والكيان الاسرائيلي. اليوم يحاول الفلسطينيون مجدداً اعادة القضية الفلسطينية الى العمق العربي وبقيادة حمساوية (نأمل لها أن تتشارك مع باقي القوى الوطنية) وهي نقطة تحوّل هامة في مسار الكفاح العربي الفلسطيني، فعندما كانت القضية الفسطينية قضية عربية كان يقودها العرب بالنيابة عنهم، وعندما أصبحت القضية الفلسطينية تدار فلسطينيا حكم عليها – في نهاية الأمر- بالتقوقع داخل كنتونات الضفة والقطاع، اليوم ينهض الفلسطينيون بقيادة حماس ويحاولون اختراق جبهتهم القديمة (الأردن) .. واليوم النظام الأردني (المرتزق) مرعوب أكثر من ذي قبل، وهو بذلك بدأ معركته ليس ضد حماس فحسب بل ضد كل الشعب الفلسطيني سعياً لإبقاء الوجود الفلسطيني عنده ورقة بيده لا ينازعه عليها أحد.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |