|
لم يكن متوقعا أن تُعمّد الخطيئة بماء التكفير أوتحدث المعجزة لتتغير النظرة الخاطئة الى رؤية سليمة، وليس السيد المالكي من يملك العصا السحرية في البلاد ليغيّر بين عشية وضحاها تراكمات عقود من السلبيات وجيش من الفاسدين لينعم الشعب بالأمن والرفاه ودولة القانون وهي الملفات الثلاثة المهمة التي إعتبرها رئيس الوزراء الجديد من أولويات برنامج حكومته نأمل أن يتمكن منها حيث أعلن وبلهجة تنم عن شجاعة هجومية أن الحرب ستكون قاسية على الإرهاب والفساد مع تفعيل برامج الخدمات العامة. لقد رأينا خلو برنامج الحكومة الجديدة من العادة المؤلوفة عن ذكر عبارات التعاطف الإلزامية مع المفردات التي شغلت أذهان المواطنين خلال الأعوام الثلاثة الماضية بظل ثقيل وأهمها خصوصية المطالب القومية لزعماء الأحزاب الكردية، وربما لأنها تحولت الى مواد دستورية ووزارات ورئاسات لأركان الجيش والمحاكم وأجهزة الدولة المهمة والجمهورية العراقية مع حكم ذاتي مستقل في الشمال يفرض نفسه على الجميع . ورغم تأكيد البرنامج على مبدأ المشاركة وحكومة الوحدة الوطنية والتعددية والديموقراطية مع تهميشه للتركمان إلا أنه حمل في فقراته إستسلاما لإملاءات الحزبين الكرديين في أهم قضية خطيرة تستهدفت وحدة (الشعب والأرض والوطن) هذه القضية هي قضية كركوك التركمانية تريدها الأحزاب الكردية كردية شاء من شاء أو أبى، ليوسعوا بها حدود كردستانهم الكبرى من النهر الى البحر، إنها رؤية طويلة الأمد بدأت قبل أكثر من خمسين عاما من دولة مهاباد الكردية في إيران التي دامت تسعة أشهر والتي ترفرف علمها اليوم في شمال عراقنا الحبيب بدلا من العلم العراقي الذي يتشرف السيد الطالباني الجلوس في ظله رئيسا ليتجاوز المرحلة من الفوق، ميكيافيلية بإمتياز، فلذلك يفترض أن لا يأخذنا حماس البدايات في تشكيل الحكومة الدائمة والمنتظرة منذ خمسة شهور عن الغايات الخطيرة التي تسللت الى قلبها ومراكز قراراتها . إن الفقرة 22 من البرنامج قد تعهدت بتنفيذ المادة 140 من الدستور المعتمد على المادة 58 من قانون إدارة الدولة( بشكل إستنقائي) بعد رفع المادة 53 التي تعارضت مع النوايا والطموحات الكردية في كركوك وفي مراحل ثلاثة تبدأ من (التطبيع)(والإحصاء)(والإستفتاء) الذي سيكون نذير شؤم يقلّب الأوضاع رأسا على عقب لكونه تلاعب كبير وخطير في كيان أحد مكونات الشعب العراقي الرئيسي وهم التركمان ومناطقهم الأصلية ويستحيل تحمله إنسانيا وحقوقيا وأخلاقيا ، وأن تعهد الحكومة بتنفيذها بعيدا عن العقلنة والمراجعة للمادة 58 وفق المادة 125 من الدستور وإجراء التعديلات المطلوبة فيها أو حذفها أصلا يعتبر شكلا من أشكال العنف الحكومي ضد مواطنيها ظلما ترضية لقومية معينة . ولأن السيد المالكي يعرف جيّدا حيثيات القضية وطبيعتها وخلفياتها ومن يقف من ورائها ومن تواطأ لصالحها من الداخل والخارج نستبعد منه الإقدام لأية خطوة غير حكيمة تكون لعنة على العراق الى الأبد. إن إجراء مسح للهويات التي إشتركت في الإنتخابات السابقة وإستعلام مصادرها وحقائقها عبر لجنة تحقيق مهنية بحتة تعرضنا الى بعض تفاصيل عملها في (رسالة مختصرة مفيدة الى رئيس الوزراء السابق الدكتور الجعفري) ضرورة ملحة في كركوك لتحديد من يحق له المشاركة بالإستفتاء وبدونه سيكون التطبيع إجراءا تعسفيا وكيلا بالمكيالين والعملية بحد ذاتها تتطلب جهودا جبارة وزمنا ليس بالقصير نظرا لضخامة عدد المتسللين الأكراد الى كركوك من المحافظات الشمالية ومن إيران وتركيا وسوريا، وفي ظل الظروف الحالية للعراق وكركوك خاصة وفي إطار سيطرة الأحزاب الكردية وميليشياتهم على المؤسسات والإدارات الحكومية كإدارة النفوس والأحوال الشخصية والطابو والتموين والشرطة والمحافظة تجعل فكرة (الإحصاء ) في كركوك و( الإستفتاء) مجرد خدعة كبيرة للرأي العام لتمرير وتبرير أكبر جريمة وعملية سحق لمجتمع كامل ومكوّن مهم من مكونات النسيج العراقي التركمان،.فلذلك نلفت إنتباه الحكومة الجديدة المحترمة الى ضرورة تشكيل لجنة حكومية محايدة مكونة من ممثلي الطبقات القومية الثلاثة التركمان والعرب والأكراد اللذين تخصهم النزاعات دون غيرهم وبرقابة دولية من ممثل الأمم المتحدة في هذا الشأن لتحديد كل مفردات القضية على أسس قانونية عادلة . ونؤكد بأن الأحزاب الكردية الطامحة في كركوك كغنيمة تمتلك كل الوسائل لنقل نصف مليون كردي الى كركوك خلال أيام لغرض المشاركة في الإستفتاء في كركوك وإسكانهم في المخيمات المنصوبة في أطرافها لهذا الغرض دون أن يحقق أحد عن وثائقهم وهوياتهم وخلفياتهم السكنية وهذه ليست حالة إفتراضية مطلقا وإنما حدثت مرتين على نطاق واسع شهد لها العيان قبل البيان مما يطعن بشرعية كل الإجراءات التنفيذية ذات العلاقة بمصيركركوك .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |