|
ان يدعي المرء انه خالٍ من النقص فتلك مغامرة ، ومغامرة كبيرة . اننا لسنا في زمن العصمة ومن يدعيها لا يخرج عن اثنين فأما انه مجنون او مغرور وصل بهِ غروره حدّ ادعاء العصمة وعدم الوقوع في خطاء . من سمع خطاب الدكتور الجعفري ابان عرض التشكيلة الحكومية على البرلمان وهو يتكلم عن حكومته يتصور ان العراق بلغ مرحلة الانتعاش والازدهار الى الدرجة التي سينحني التاريخ هيبة واجلالاً لتلك الانجازات كما ادعى السيد الجعفري – والادعاء ليس أسهل منه شيئاً - وان يطأطئ التاريخ راسه لحكومة الجعفري كلام فيه غلواء ولا يصمد امام النقد وهذه الاطلاقية ربما تكون نابعة من الجانب الفكري لدى السيد الجعفري . لا يوجد اليوم عمل متكامل لا يعتريه النقص من بين يديه ومن خلفه سوى القرآن الكريم . انا اؤمن بأن المسيرة بأي طريق من طرق الحياة مسيرة تكاملية اللاحق يستفيد من خطاء السابق لتحقيق النجاح في أي امر ما وحكومة الجعفري هي حلقة من حلقات سلسلة العملية السياسية الحاصلة في العراق بعد 9/نيسان/2003 وانا اعتقد ان العملية السياسية في العراق بعضها يكمل بعض ، فمجلس الحكم الذي تشكل بعد سقوط النظام كانت له ايجابيات وفي الوقت ذاته لا يخلوا من إخفاقات وسلبيات لكنه على كل حالٍ دفع العملية السياسية الى تشكيل حكومة يترأسها الدكتور اياد علاوي الذي دفع هو ايضاً وحكومته العملية السياسية الى تشكيل حكومة منتخبة من قبل الشعب وعلى الرغم من وجود اخفاقات كثيرة في حكومة الدكتور علاوي لكنها مع ذلك ارست كثيراً من دعائم الحكم الديمقراطي في العراق ، ثم جاءت حكومة الجعفري التي لم تكن توجد لولا توفر تلك المقدمات وهي ايضاً عملت الكثير من اجل ابراز ملامح الدولة الديمقراطية في العراق ، لكن ان يدعي احد انها متكاملة وان لها إنجازات لا يشق لها غبار وان التاريخ سيحني رأسه اجلالاً لها فذلك الكلام غير دقيق ولا يسلم من مبضع النقد . اتذكر الخطاب الاول للدكتور الجعفري عندما تسلم رئاسة الوزراء شخص في ذلك الخطاب ثلاثة مفاصل حيوية في جسم العراق يجب علاجها وانصباب الجهد عليها وهي توفير الامن ، والقضاء على الفساد الادراي ، والعمل على توفير الخدمات واعتقد انه كان واعياً جداً بهذا التشخيص وقد وضع يده بالفعل على جرح العراق النازف وكان ثمّه آمل اخذ يداعب احاسيسنا وقلنا " انشاء الله ، الله يعينه " ولا اتصور ان احداً من المواطنين العراقيين - غير المتحزبين لان هؤلاء اذا كلمتهم عن شئ خاطئاً في حكومتهم يمتشق عليك لسانه الحاد ويسكتكَ – سيجرؤ ان يقول لك ان شيئاً مما شخصه حضرة رئيس الوزراء تحقق فلا آمن ولا استقرار ولا كهرباء ولا ماء وفساد اداري مستشري بشهوانية كبيرة في دوائر الدولة ومؤسساتها . كان يتمنى الشعب ان يُحاكم احدهم بتهمة سرقة امواله – اعني الشعب- ليشعر ان احداً عينه على ماله ويرعى مصالحه ومجرد نظرة بسيطة الى الاوضاع في العراق كفيلة بأن تنبئك بهذه الحقيقة ومع ذلك كله لا احد ينكر ان ثمّه انجازات حققتها حكومة الجعفري لكنها تبقى شحيحة ولا تستحق ان ينحني التاريخ لها لان التاريخ لا ينحني للمم . والله لو قدم الدكتور الجعفري كلمة اعتذار للشعب العراقي المجروح في ذلك اليوم واوحى لهم بالتقصير عن عدم تحقيقه ما كان يصبوا هو اليه وكذلك الشعب لكان خير له مما ادعاه ولربما ظل التاريخ يذكرها له لكنه اخطئ في كيفية الدخول الى التاريخ . مسكين هو الشعب العراقي دائماً يوجد من يريد ان ينصب نفسه عليهم بطلاً تاريخيا ولم يهيئ له رجلاً يكون خادماً تاريخياً . نتمنى على السيد نوري المالكي ان لا تكون لديه شهوة البطل التاريخي وان يهشم هذه المقولة ويستبدلها بالخادم التاريخي للشعب العراقي.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |