الشعب الكوردي يدين بشدة تسمية البيشمه ركه بالميليشيات

 أحمد رجب

ahmad.rustom@comhem.se

بين فترة وأخرى يتكاثر الكلام عن الميليشيات في العراق وضرورة الإسراع في حلّها ليكون السلاح بيد الحكومة ويحاول البعض إقحام اسم البيشمه ركه (الثيَشمةرطة ) ضمن الميليشيات وأول من طالب بذلك أياد علاوي عندما كان رئيساً مؤقتاً للعراق الذي بدا على شاشات الفضائيات في النصف الأول من شهرحزيران 2004  مستبشراً فرحاً وهو يعلن بأنه سيتم مع حلول العام المقبل حل جميع الميليشيات التابعة للأحزاب العراقية التالية : الحزب الديموقراطي الكوردستاني، الاتحاد الوطني الكوردستاني، الحزب الشيوعي العراقي، الحزب الاسلامي العراقي، قوات بدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الاسلامية، حزب الله العراقي، المؤتمر الوطني العراقي، التشكيلات العائدة لحزب الدعوة، حركة الوفاق.

ولكن عندما جاء الإمتعاض وعدم الإرتياح من لدن الكورد قيادةً وشعباً وبدأ الكتاب الكورد يندّدون بنهج أياد علاوي ويعزون تصريحاته إلى الفكر الشوفيني العروبي، تراجع بسرعة البرق وأعلن أمام العالم وفي تصريحاته للإذاعات والفضائيات والصحف قائلاً بأنّه لم يقصد بيشمه ركه كوردستان.

ان قوانين وتوجهات الأمم المتحدة والمباديء الإنسانية للأفكار التقدمية تقر لجميع الأمم صغيرها وكبيرها بحق تقرير مصيرها بنفسها، حق التحرر من نير الإضطهاد القومي وإنشاء الكيان القومي المستقل والموّحد لكل امة، بإعتباره حقّاً مشروعاً وعادلاً. وقد كانت القضية الكوردية مشكلةً قومية مضطهدة لها مثل ما للقومية العربية من تاريخ وأرض ولغة وبالتالي طموحها القومي المشروع.

ليس من السهل القفز على سياسات الدكتاتوريات المقيتة التي حكمت العراق منذ مجيء البعثيين والقوميين العرب في مؤامراتهم القذرة 8 شباط الأسود، و18 تشرين الثاني عام 1963 و17 تموز 1968 إذ انّ الأفكار والسياسات الرجعية الشوفينية التي إنطلقت وتنطلق دائماً، من حيث نظرتها ومعالجتها للقضية الكوردية، من عقلية التنكر لحق الأمم في تقرير المصير، والتي سعت وتسعى لتشويه أهداف الحركة التحررية الكوردستانية، وبدلاً من الإستجابة لمطاليب الشعب الكوردي العادلة، لجأت الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة إلى أساليب الإرهاب والقمع البوليسي وبالتالي إلى شن الحرب الظالمة ضد الشعب الكوردي، من إعتقال أبنائه المناضلين وزجّهم في السجون والمعتقلات الرهيبة وقتلهم، كما لجأت هذه الأنظمة الجبانة إلى حرق القرى والقصبات والمدن الكوردستانية، ووصلت حالة الهيستيريا لديها إلى إستخدام السلاح الكيمياوي المحرم دولياً، وإلى شن عمليلت الأنفال القذرة والسيئة الصيت والإبادة الجماعية.

لم يكن للشعب الكوردي التوّاق للحرية والسلام في البداية أي سند، ما عدا قوة أبنائه وحكمة قادته ببناء تنظيمات عسكرية أطلقوا عليها اسم البيشمه ركه للدفاع عن كوردستان وعن أنفسهم وبقاء شعبهم.

واليوم يعيش العراق حالة الفلتان الأمني وتزداد وتيرة القتل العشوائي جراء السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة من قبل الأشرار وقوى الظلام، كما تزداد القتل المنّظم من قبل قوى وجماعات أخرى مستفيدة من الأوضاع الأمنية، وضمن إتهامات متبادلة من السنة والشيعة والميليشيات التابعة لهم، ولكن بالرغم من كل الأعمال الهمجية يزداد اللغط من قبل الحاقدين والموتورين ، وهم يحاولون درج أسم البيشمه ركه ضمن أعمالهم الشريرة.

ونحن نعلم بأنّ للشيعة كما للسنة ميليشيات، وتعمل ميليشيات السنة تحت واجهات عديدة غير معروفة، ويحمل بعضها اسم " المقاومة " ، وتتشكل هذه " المقاومة " من وافدين أجانب، وزمر سلفية حاقدة وبقايا النظام البعثي الساقط، امّا ميليشيات الشيعة عديدة ومتشعبة، وترتبط الكثير منها بزعماء شيعة من ذوي نفوذ، ولها وجود في الشرطة وقوات الجيش العراقي المزمع تأسيسه على أنقاض هزيمة جيش صدام الذي تبّخّرّ مع البدايات الأولى للحرب على نظامه الساقط.

يجري الحديث عن نضال الميليشيات قبل سقوط نظام البعث في العراق، ويحق للمرء مثلاً أن يتساءل: أين كانت قوات بدر؟ وهل إشتبكت في معركة مع النظام البعثي الساقط ؟ أين ؟ ومتى ؟..

يعلم الناس بأن قوات بدر تابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وهي قوات تشكلت وتدربت داخل الأراضي الإيرانية.

خلال سنوات وجودي في قوات البيشمه ركه أكثر من عشر سنوات لم (أرى) قوات بدر في كوردستان بدءاً من خانقين إلى المثلث الحدودي بين إيران والعراق وتركيا، وهي مناطق النضال ضد البعث وأعوانه، بإستثناء أيام معدودة بعد سقوط النظام في بغداد، حيث جاءت قوات بدر إلى منطقة هورين و شيخان التابعة لمدينة خانقين، ولم يقبل أهالي المنطقة وجودها، الأمر الذي أرغمها للعودة من حيث أتت.

ويعمل البعض من الميليشيات تحت مظلة الحكومة بحرية، إذ أنّ عملها، هو خارج القوانين. ويصّر البعض من قادة الحكومة العراقية على إدماج الميليشيات المسلحة في الجيش والشرطة، وهنا تكمن الخطورة، إذ أن قوات الجيش والشرطة مخترقة من قبل دعاة الحقد والضغينة مثلما صرّح السيد باقر صولاغ عندما كان وزيراً للداخلية.

ان تسليم الأسلحة مهمة غير سهلة، وخاصةً في عراق اليوم، وأن الميليشيات تشكل أكبر تحد للإستقرار، ولها القوة على زعزعة الأوضاع التي تعيش حالة الفوضى في الأساس، وتقوم الميليشيات بخطف وقتل من تشاء دون أن توجه لها أصابع الإتهام، وتمارس قمع خصومها في كل مكان لعدم قوة رادعة، توقفها عند حد، وترغمها على نزع سلاحها.

وعلى كل حال فانّ البعض من الميليشيات كان لها شرف العمل ضد الدكتاتورية، وهناك ميليشيات ظهرت إلى الوجود بعد أن سقط الصنم البعثي في العراق ويحمل البعض منها أسماء إسلامية أو مذهبية، وأصبحت بمرور الأيام قوية لضمها بقايا أزلام البعث وعناصر المخابرات العفلقية إلى صفوفها، وتكون هذه الميليشيات خطرة على أمن المواطنين في العراق، لوجود عناصر متدربة على زرع الأكاذيب وخلق الأزمات في صفوفها، كما أن المشرفين عليها من ذوي العقليات المتخلفة  والمتحجرة الذين يحاولون التدخل في القضايا الملتهبة والحسّاسة عند الكورد، كمسألة كركوك، ونضال الكورد في سبيل حلها خدمةً للمواطنين من سكَانها الأصليين.

يكثر المسؤولون العراقيون ممن يحملون أفكاراً عدوانية وشوفينية تجاه الكورد وأبناء الشعوب العراقية الأخرى من الكلام عن الإستراتيجية بوجود جيش قوي عرمرم، وأن تكون الدولة صاحبة هيمنة وقوة وقدرة تضع حداً لإستفزازات الميليشيات، ويضيف هؤلاء المسؤولون عبارة : الميليشيات في كل العراق من الشمال إلى الجنوب !!، وهذا ما يخيف الكورد الذين ناضلوا بضراوة ضد الهيمنة وقوة وقدرة الأنظمة الدكتاتورية، ومن باب التربية البعثية التي تأصلت في أعماقهم يكرر هؤلاء الذين لا يرون في حياتهم حكماً بعثياً في العراق، يلبّي رغباتهم كلمة " الشمال ".

في ظروف العراق الحالية لا يمكن تأسيس جيش نظامي، أو إحياء جيش صدام العروبي الشوفيني لطغيان نظام المحاصصة والطائفية في كل تحركات الدولة ومجالاتها المختلفة، وانّ الطائفية والمحاصصة التي تضطلع بها قادة الميليشيات، والذين أصبحوا مرشدين ووعاظاً لها تحمل آثاراً سلبية لإشعال نار فتنة طائفية.

ان قوات البيشمه ركه الأنصار هي القوة الأساسية والرئيسية التي حاربت النظام الدكتاتوري على الأرض، وهي تستمد قوتها وجبروتها من الشعب الكوردي والقوى الوطنية والديموقراطية في العراق والمنطقة، وقدمت التضحيات الجسام، وسقت أرض كوردستان بدماء أبنائه الشهداء، وأن هذه القوات ليست ميليشيات، كما أنها ليست بحاجة إلى شهادة من الآخرين، وتناضل في الوقت الحاضر للوقوف بوجه التحديات التي تواجه العراق وكوردستان.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com