|
تضربك سيارة ... تضربك هامر سليمان الفهد كاتب وسياسي عراقي أراقب بشغف كل جلسات محكمة العصر , لجناة العصر . حضرتها جميعا دون انقطاع أو ملل مهما كانت ظروفي . وكل جلسة يجب أن يكتب عنها مواضيع عدة ومتشعبة من وجهة نظري , لتشابك الأحداث والمفردات داخل القاعة إضافة لدراسة شخوص الحضور دون استثناء. لقد جلب انتباهي هذه الجلسة ليوم 29 نيسان . احد قيادي البعث المنحل , محافظ تكريت ووزير للداخلية وأمين سر قطر للحزب آنذاك . الرجل المعتقل حاليا والشاهد بداخل القاعة اليوم . أسهب الشرح لأكثر من ساعة تقريبا . بحرية مطلقة لم يشهدها من قبل حتى أيام توزيره الذهبية . الشاهد رقم (1) : قدم هوية الأحوال المدنية للقاضي وان الوثيقة لم يذكر فيها مواليد الشاهد وقدم بديلا عنها . والمضحك المبكي أن هويته الأولى المقدمة للمحكمة هي وثيقة ( سوق مريدي ) بالدليل القاطع . حيث لا توجد وثيقة أحوال مدنية في العراق تخلوا من تاريخ الميلاد إطلاقا . الرجل شاهد لعواد البندر الذي تربع على عرش محكمة الثورة المشئومة لسنوات ومنها قضية الدجيل . وعواد مشهود له بإطلاق الأحكام التعسفية الجائرة دون دلائل أو وثائق إدانة . يشهد بهذا اغلب من حضروا محكمته سيئة الصيت من الاحياء . يقول شاهد دفاعه عندما وجه له السؤال بخصوص عدالة عواد البندر باتخاذ القرارات . فأثنى عليه دون تردد , وعندما شرد عن موضوع شهادته قليلا أثناء المسائلة ( ضحك ) ورده رئيس المحكمة ( هل أنت في مقهى ؟ ) . الملفت للانتباه أكمل الحديث قائلا : عواد البندر عادلا ويطبق الأحكام القانونية وأوامر رؤساؤه في هذا المجال . نتوقف قليلا عند هذه المفردة ( يطبق الأحكام القانونية وأوامر رؤساؤه في هذا المجال ) إنها تعني الكثير من وجهة نظر القانونيين . وكما يعلم العراقيين جميعا دون استثناء . هذا هو حال العراق . لا توجد فيه دائرة محايدة تسير وفق قوانين محكمة (بضم الميم) منذ تولي البعث السلطة حتى سقوط الصنم . إن جميع ما في العراق . من الهواء , الماء , الحيوان وحتى الإنسان يرسم خطوطها صدام الفرد الدكتاتور دون منازع . الشاهد رقم (2) : احد شهود دفاع عواد البندر له سابقة في حضور محكمة الثورة التي يرأسها البندر آنذاك بتهمة ( السب والشتم لشخص صدام ) بصفته رئيس دوله , وهذه مادة يعاقب عليها القانون ألصدامي تصل إلى درجة الإعدام ( لم نجد هكذا مادة قانونية في أكثر الدول تخلفا ) . ولعدم ثبوت الأدلة ضد الشاهد المتهم سابقا خرج براءة بعد 45 يوما من السجن والتحقيق . واني لاشك بتلك البراءة . إذا حصلت فعلا دون قصة أخرى أو مقابل شيء آخر . الملفت للانتباه هنا . الرجل سجن والمحكمة جرت أمام البندر الذي عين يومها فقط محاميا مستطرقا ليصدر قرار الحكم في اقل من ساعة بالبراءة ... وعندما سوئل بوصف قاعة المحكمة وكم عدد الأشخاص يتسع قفص الاتهام . قالها بكل صراحة حوالي عشرة . ليعطينا الدليل القاطع على كذب البندر في شهادته بأن مكان المحكمة استوعب ل 148 شخصا من الرجال والنساء والأطفال كانوا يحاكمون بقضية الاغتيال في مدينة الدجيل عام 1982 . الشاهد رقم (3) : غالب مطر لطيف من أهالي تكريت – شرطي متقاعد . دخل قاعة المحكمة بإلقاء التحية لسيده جرذ ألعوجه ورفاقه في قفص الاتهام كما يدعي . ( شاهد لا يملك من الشهادة شيئا يذكر في الحادث ) . الرجل لا يقرأ ولا يكتب ولا حتى يجيد الحديث . فهنيئا للحزب القائد هكذا رفاق ... الشاهد فقط جاء حامل أمانة من الرفاق في تكريت لأداء التحية للرئيس المخلوع وجرذ لا يضاهى في ارض تكريت . الشاهد رقم (4) : محمد زمام عبد الرزاق السعدون . هذا الرجل هو الذي قادني لكتابة الموضوع . كونه أسهب , فأجاد الدور لساعة وعشرة دقائق بالضبط بكل هدوء وأدب , وهذه شهادة للرجل في النهاية ( لكن غلطت الشاطر بألف كما يقول المثل ) وقع في مطب لم يخرج منه أي بعثي في ارض العراق عندما يصل مرحلة الحسم والإحراج وبيان المعدن الخالص لما يحمله . وللحقيقة أقول منذ أول جلسة وحتى الجلسة التي نحن بصددها لم يشغل المتهمين ولا محامي الدفاع ولا شهودهم إلا جعفر الموسوي فقط . عندما سوئل هذا الشاهد بخصوص توضيح كلمة ( التعويض ) التي وردت على لسانه لأكثر من 12 مرة ... أصبح الجدال على أشده حول الكلمة وما أسباب السؤال عنها . إلا أن السيد الموسوي ضرب له مثال : تعويض حادث سيارة مثلا . وفيما إذا كان الشاهد يقصد بهذا الاتجاه .. استفاق السعدون من الشرك الذي نصبه الموسوي بذكاء قانوني بارع له . وجه النظرات الحاقدة صوبه وأتحفنا المخرج بلقطة بارعة لوجه برزان الذي كان أكثر انزعاجا من السيد الموسوي . وهذا ديدنه في كل مره . واستطرد السعدون بمثال : مثلا إذا خرجت الآن وضربتك السيارة .. بسرعة بديهية خلاقه أجاب الموسوي إذا ضربتك هامر مثلا بعد خروجك الان ... هذه المداخلة كانت رسالة واضحة وجلية لكل المراقبين للساحة العراقية المثقلة بالجراح ومفادها نضعه بهذا التساؤل : هل إن السعدون هدد الموسوي بطريقة ذكية ليتحفه بهذه الرسالة الواضحة لإرهابيي البعثوسلفية الطلقاء ؟ هل الموسوي هدد السعدون بطريقة أذكى ليصعقه برسالة أقوى ردا في الاتجاه المعاكس , وهو الهامر الأمريكية ؟ سؤال بحاجة إلى إجابة من السيد جعفر الموسوي الحقوقي البارع الذي يستمع بكل هدوء ويدقق اصغر التفاصيل وعنده الحجة والدليل اللذان يقودانه للمداخلة الهادئة . إذن من تضربه السيارة ومن تضربه الهامر ؟ ومن يصعد أعواد المشانق لما اقترفه من تدمير العراق وأهله فلم يسلم منه الحرث والنسل ؟ العدالة الحقه , تجيب على الأسئلة بكل تشعبانها . فيما إذا نفذت الأحكام بأسم الشعب والشعب وحده دون تدخل أي قوة مهما كانت عظمتها وجبروتها .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |