|
البديل عن المعارضة احسان طالب من داخل المعارضات ومن خارجها يتم نقد الحراك السياسي والمطروحات الفكرية التي تقدمها تيارات خارج السلطة ويعاب عليها افتقارها لبدائل وبرامج سياسية واقتصادية مختلفة عن تلك السائدة والقائمة تحت سطوة الأنظمة القمعية، وتحاول الأقلام الموالية الوقوف على قاعدة : إن عدم وجود البديل يعني القبول بالموجود، وهنا تبدو الأزمة وكأنها أزمة فكر وثقافة فقط . وفي ذلك مجافاة للحقيقة وخلط للأوراق . فالأزمة سياسية وإنسانية بامتياز، تكبر وتتسع يوما بعد يوم لتشمل مصير الوطن وأفراد الشعب، تتدخل في كل مفاصل الحياة اليومية، تتسرب إلى خبزنا وهوائنا، تعبث في ضمائر ووجدان شبابنا وأطفالنا. وما نشهده اليوم من اعتقال لثلة من المثقفين السوريين على خلفية طرحهم لرؤية سياسية لا تخرج في إطارها العام عن رؤية وطنية متوافق عليها بين أطياف المكون الثقافي والسياسي السوري العام، وكانت الحجة الوهم التوقيت ! الذي كما يبدو لم ولن يكون مناسبا في الماضي والحاضر والمستقبل . العلاقة التاريخية بين النخب والجماهير لا تحددها ضوابط الحق والعدل , ويرتكز التفاعل الجماهيري تحديدا في بلادنا العربية والإسلامية , بإثارة الوجدان والغرائز الدينية والنعرات الوطنية العدايئة والخطاب القومي المتعصب (بترول العرب للعرب أما أن نأخذ حقنا من ونشعله لهب ) فهل يعقل مثلا أن لأتخرج الشعوب العربية بد نكبة وهزيمة 67 لإسقاط الأنظمة القائمة ! بل الذي حدث عكس منطق التاريخ، أخرجت الجماهير المصرية لمنع عبد الناصر من الاستقالة، الأمن هو من أخرج الناس إلى الشارع، الأزمة أنهم خرجوا وهتفوا : ما لناش حد غيرك يا ناصر خمس مشايخ في خمسة مدن عربية بعد خطبة عصماء ومجموعة من شعارات جوفاء،لديهم القدرة على إخراج الملايين إلى الشارع، وربما كان المحرك الرئيس، صورة عارية، أغنية، رسم كاريكاتوري، مسرحية تعرض لمرات، خبر عن انتهاك المقدس على بعد ألاف الأميال، وغيره كثير. الجموع الشعبية ألفت لعقود طويلة الخوف وشكلت ثقافة تربوية نشأت عليها أجيال لا تعرف سوى القمع والبعد عن السياسة وحصر الحياة بلقمة العيش وما يمكن الحصول علية وما تسمح به السلطة من التسلية والمتعة واستكانت للظلم ولم تعد قضايا العدالة الاجتماعية والحرية والتسامح تحركها وتلهب وجدانها، واستولى عليها الهوس الديني واستهواها التزمت والتعصب . في جولة سريعة إلى محلات الأقراص المضغوطة يبدو بوضوح سيطرة فكر التطرف على الأجواء الثقافية الشعبوية السائدة . في تجمع سوقي يبيع كل شيء ( المكان شارع الثورة تحت الجسر . دمشق ) تعلو مكبرات الصوت بخطب المشايخ يؤججون غريزة القضاء على الآخر ويحللون الأوضاع والأزمات القائمة بمنهج سلفي يغرق في مفاهيم الجهاد والغزو والانتقام الإلهي وإعادة السبب وراء كل الكوارث الطبيعية إلى بانتقام الله من البشر الفاسقين والكفار المعارضة في سوريا عانت لعقود طويلة من القمع والنتكيل والتخوين، وما إن بدأت بالحصول على هامش ضيق من الحرية وبدأت تثمر استقطابا شعبيا محدودا عادت الحملات الأمنية القديمة وأسقطت حملة التنوير والتثقيف في أقبية السجون وساحات الملاحقة القضائية . لذلك نسأل كيف لمولود يعاقب ويضرب ويسحق وهو يزحف، كيف له أن يشب ويكبر ويعمل وينجز؟ لقد اتبعت المعارضة السورية مجموعة من الاستراتيجيات السلمية ونبذت كل صنوف التغير العنيف وأصرت على التغير الداخلي بمعزل من الأجندة الخارجية , وقدمت بيانات وإعلانات سياسية وفكرية تطالب فيها بالتغير الديمقراطي الوطني التدريجي السلمي، فماذا كانت النتيجة؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |