|
المالكي و36 وزير! رياض الحسيني / كاتب صحافي وناشط سياسي عراقي مستقل بداية لابد لي ان اعترف امام الملأ بانني لم اهنأ رئيس الوزراء العراقي الجديد الاستاذ نوري كامل المالكي بمنصبه، وهذا ليس نظرة مني لعدم كفاءة الرجل او اعتراضا نتيجة موقف شخصي منه، ولا حتى معارضة مني للعملية السياسية الجارية في العراق! ليس كل ذلك بقدر ماهو رأي ربما يوافقني عليه اغلب المثقفين والمراقبين. ذلك لانني لم اهنأ سلفه الدكتور ابراهيم الجعفري الا بعد ان انهى فترته بجدارة وبالتالي لن يحدث غير ذلك مع الاستاذ المالكي! بمعنى ان التهاني لابد ان تكون في نهاية الرحلة وليس في اولها. فاول الرحلة بحاجة الى شد الازر والتكاتف ونبذ الفرقة وحالما ينجز رئيس الوزراء ماهو مطلوب منه حينها تحلو التهاني والهلاهل والزغاريد ان امكن وان كنت ممن لايجيدون هذا النوع من الفلكلور ولكن لامانع من المحاولة! من السابق لاوانه طبعا تقييم رحلة المالكي التي لم تبدأ بعد، ومن غير الانصاف ان نحكم على الرجل مسبقا وامامنا سنوات اربع سنعلك فيها الاخضر واليابس خصوصا وان المؤيدين والمناوئين والمستقلين على حد سواء يترقبون ماسيحصل وماسيفعله المالكي! لكن هل من مانع ان نناقش الخطوة الاولى التي خطاها هذا الرجل في تشكيلته للوزارة واستحداثه لوزارات قيل عنها انها "ارضائية" للاحزاب والتيارات والطوائف؟! شخصيا لااعتقد ان المالكي قد استحدث امرا لم يسبقه اليه احد وهاكم الدليل، مع الفارق طبعا: 1. يقولون ان المالكي لم يغير من واقع المحاصصة الطائفية بل رسّخه: هذا الكلام يجوز اذا كان العراق حديث عهد بالمحاصصات. اذا مارجعنا الى التأريخ العراقي الجمهوري الحديث نجد ان عبد الكريم قاسم (1958-1963) يعتبر شيعيا نظرا لجهة الام وذلك من باب المثل الدارج (ثلثين الولد على خاله)! هذا النسب بالتالي جعل الرئيس شيعيا بينما نائبه عبد السلام عارف كان سنيا (من ابوين سنيين). واذا ماتقدمنا قليلا الى عهد عبد السلام (1963-1966) نجد ان اول حكومة قومية-بعثية تشكلت كانت على اساس طائفي وقومي وان لم يعلن عنها الا انها اخذت بالاعتبار الموزائيك العراقي. علاوة على ذلك اخذت تلك الحكومة حتى التمثيل المناطقي بالحسبان، فجاءت التشكيلة الوزارية مؤلفة من 20 وزيرا توزعوا على النحو الاتي: · 12 وزيرا بعثيا سنيا · 6 وزراء شيعة · 2 اكراد ليس هذا كل شئ! فاول حكومة تشكّلت بعد اعدام الزعيم عبد الكريم قاسم كانت برئاسة عبد السلام عارف "من ابوين سنيين" يراقبه حازم جواد "من ابويين شيعيين" من خلال منصبه كوزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية؟! المصدر: (انظر كتاب اوكار الهزيمة للمؤلف هاني الفكيكي ص269 و ص268) 2. يؤخذ على رئيس الوزراء نوري كامل المالكي انه قد استحدث (وزارة الدولة للشؤون الخارجية): استغرب حقيقة لمن لم يقرأ التأريخ العراقي القريب ويقحم نفسه في مثل تلك المقولات! فاول وزراة شكّلها صدام حسين بعد استقالة البكر المزعومة واعتلائه للسلطة في العراق عام 1979 كانت هذه الوزراة موجودة وقد شغلها حينها حامد علوان الجبوري. وزاد صدام على ذلك ان جعل لرئيس الوزراء خمسة نوّاب هم: · نعيم حداد ، نائب رئيس الوزراء · طارق عزيز، نائب رئيس الوزراء · سعدون غيدان، نائب رئيس الوزراء، ووزير المواصلات · عدنان حسين الحمداني، نائب رئيس الوزراء، ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية · عدنان خير الله، نائب رئيس الوزراء، ووزير الدفاع المصدر: (انظر كتاب مذكرات هاشم جواد- عندما تكون وزيرا مع البكر وصدام). 3. المالكي استحدث رقم عال من الوزارات وهو 36 وزارة اغلبها "ارضائية": الغريب ان هؤلاء لم يحتجوا على التشكيلة الوزراية لنيجرفان البارزاني حينما شكّل وزارة اقليم كردستان المؤلفة من 40 وزيرا! واذا ما اخذنا بالحسبان عدد نفوس المحافظات الثلاث المكونة لاقليم كردستان (اربيل –دهول-سليمانية) فانها لاتتجاوز اربعة ملايين مواطن. وبحسبة بسيطة يتبين لنا ان الاخ البارزاني قد اخذ بالحسبان (وزيرا لكل مائة الف مواطن)؟! واذا ما اعتمدنا تلك المقاييس فانه يكون من حق نوري كامل المالكي ان يشكّل وزارة من 280 وزيرا وليس 36 كما جاءت؟! فله علينا 244 وزيرا وقد سامحنا فيها الرجل فله الاجر والثواب ولنا الصبر والسلوان. "ربنا لاتؤاخذنا بما فعل السفهاء منا".
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |