|
(الله يخلي نوري حامي نفط البصرة) محمد حسن الموسوي البصرة ثغر بلاد الرافدين ورئتها التي تتنفس بها, وهي جوهرة التاج العراقي فمنها النفط وفيها المياه والنخيل ومن عندها المنطلق حيث تبحر السفن بخيرات العراق الى ارض الله الواسعة وقبل هذا وذاك فانها عش آل محمد وموطن شيعة علي ومن كل ذلك تتأتى اهمية هذه المدينة العربية الحيوية. شهدت البصرة على مر العصور وتعاقب الدهور العديد من النوازل حتى ُضرب بخرابها المثل وعلى ارضها عُقر الجمل بصمصام امير المؤمنين علي البطل ومعه جنديه المخلص للأزل مالك الاشتر الذي من سلالته نوري المالكي يتحدر. قبل الف واربعمائة عام تقريبا أطفأ الاشتر بسيفه نار فتنة حرب الجمل يوم نكث من نكث ببيعة المرتضى وصي المصطفى الامجد محمد صلى الله عليه وآله وسلم. بحكمة علي وشجاعته وهمة مالك الاشترونباهته انهزم عسكر الناكثين واندحر جيش المارقين الذين جاؤا يبغون الفتنة فردوا على اعقابهم خاسئين فقتل من قتل منهم واسر من اسر وهرب من هرب يومها وقف الامام علي مخاطبا ام المؤمنين السيد عائشة قائلا ( والله ما انصفاكِ اذ خدروا حرائرهم واخرجاكِ) في اشارة الى قادة التمرد الصحابيين طلحة والزبير اللذيين أغريا السيدة عائشة على التمرد وأخرجاها من بيتها لحرب علي بعد ان سترا نسائهما وهما يعلمان ان الله تعالى شأنه حرم على زوجات النبي الخروج من ديارهن بقوله تعالى ( وقرنَّ في بيوتكن ولا تبرجن َّ تبرج الجاهلية الاولى) فكان التمرد على حكومة الامام علي وكانت فتنة حرب الجمل التي تصدى لها قائد جيش علي مالك الاشتر ولم تأخذه في الله لومة لائم . واليوم يطأ حفيده بقدميه البصرة من جديد ليعيد لها الامن والامان بالوعد والوعيد وليطفئ نار الفتنة التي اوقدها الجشع والطمع ببريق الذهب الاسود. وجود المالكي سليل الاشتر في المدينة المختطفة من مافيات تهريب النفط جاء في وقته وميقاته فلقد بلغ السيل الزبى ولم يعد الامر يتحمل التأخير وهو دليل على شعوره بالمسؤولية ودليل على جدية الحكومة الفتية بعدما اهملت حكومة سلفه البصرة وأرخت الحبل بتقصيرها للعصابات ان تختطف المدينة المعذبة ولم يكلف رئيس الوزراء السابق نفسه عناء الوقوف على احتياجات هذه المدينة الاستراتيجية وبدلا من ان يأم وجهه شطر الجنوب والبصرة وجدناه وقد حط رحاله في انقرة شمال العراق ومن قبل ذلك فعلها وترك شعبه تحت رحمة الارهاب ونزل (ضيفا) على طهران شرق العراق يومها كانت جثث الابرياء تتناثر على ارصفة شوارع السوق القديم في مدينة المسيب بعد تفجير صهريج الوقود . زيارة المالكي لمدينة البصرة الملتهبة واعلانه لحالة الطوارئ وتهديده بالافعال لا بالاقوال للعابثين بأمنها فيه اكثر من دلالة ودلالة. اولاً اراد المالكي ايصال رسالة واضحة بأسلوب عملي للمجرمين حيثما وجدوا انه من رجال الميدان والخنادق لا من رجال (الخضراء) والفنادق فهو اليوم في البصرة وغدا في الموصل وبعدها في الرمادي لا ُتخيفة مفرقعات الارهابيين ولا تثني عزمه تهديدات الزرقاويين فهو لا يأبى ان وقع على الموت او وقع الموت عليه. ثانياً اراد ان يقف هو بنفسه على مجريات الامور اذ لم يكتف بتشكيل لجنة (تحقيق) كما كان يفعل سلفه تملصاً من المسؤولية حيث لم يره احدٌ في اي موقع من المواقع التي شهدت مآسي ومجازر كما حصل في حادثة جسر الائمة او تفجير مرقدي الامامين العسكريين والاولى راح ضحيتها أكثر من الف وخمسمائة شخص والثانية كادت تتسبب بفوضى الحرب الاهلية لولا حكمة المرجعية الدينية بزعامة الامام الهمام علي السيستاني وبعض القيادات السياسية وكل ما فعله سلفه هو اصداره بيانات الشجب والاستنكار بعبارات طلسمية عبر شاشة تلفاز(العراقية) التي تحولت ايام حكومته الى (حسينية) وتبرعه بمرتبه الشهري لذوي الضحايا بحركة بهلوانية اعلامية اراد من خلالها استغفال الشعب وستر عورته السياسية المتمثلة بفشله بعد ان سقطت ورقة التوت عنها. والسؤال الذي داريومها بخلد اكثر العراقيين هو هل المواطنون بهذا الرخص حتى يستكثرعليهم رئيس حكومتهم زيارة موقع الفاجعة والتواجد بينهم والاطمئنان على سلامتهم ام انه يفقتر للشجاعة المطلوبة في مثل هذه المواقف؟ ثم ماذا يفيد اصدار بيانات الشجب او التبرع بالاموال لمن فقد اعزائه؟ يقيناً ان المالكي استوعب جيدا ًاخطاء سلفه _وهي كثيرة_ فأراد بزيارته البصرة ان يصحح تلك الاخطاء ويمحي الصورة السيئة التي رسمها من سبقه لمنصب رئيس الحكومة. ثالثاً اراد المالكي بزيارته الميدانية توجيه رسالة لا لبس فيها للمسؤولين المعنيين مفادها اني قريب اجيب دعوة المواطنيين اذا تظلموا منكم كما اراد ان يقول لهم انكم لستم ببعيدين عن سلطتي ولايردعني رادع سوى القانون من ان انزل بكم العذاب الاليم اذا وجدتكم مقصرين. رابعاً اراد المالكي بزيارته البصرة اعادة الثقة بين المواطن وحكومته تلك الثقة التي تسببت السياسة الخاطئة لسلفه بفقدانها كما اراد ان يمتن العلاقة بين المواطنيين وحكومتهم الفتية ورفع معنوياتهم ولسان حاله (القوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه والضعيف عندي قوي حتى آخذ الحق له). أخيراً تقصد المالكي بزيارته في هذا الوقت بالذات تذكير دول الجوار ان عصر الانفلات قد فات وان عهدا جديدا قد بدء وان للعراق رجال تحميه لاسيما وان بعض هذه الدولة متورطة بشكل وبآخر بما حدث ويحدث في البصرة سواء من خلال إثارة البلابل والقلاقل وإستهداف البريطانيين المتواجدين لحماية المدينة او من خلال المساعدة بسرقة النفط العراقي. في تصوري تواجد الرئيس المالكي في البصرة شكل اللبنة الاولى والخطوة الصحيحة بإتجاه بناء حكومة قوية تعيد للدولة هيبتها التي فقدتها في ايام الحكومة السابقة كما انها تؤكد صحة اختيار المالكي لمنصب رئاسة الوزراء وانه رجل سلطة وحكم بحق مثله بذلك كمثل الدكتور علاوي والذي لايزال يتذكر العراقيون صورته بين مقاتليه الاشاوس من ابطال الحرس الوطني وهم يدكون معاقل الارهاب في الفلوجة ليحرروها من المجرمين القتلة كذلك مثله مثل الدكتور الجلبي وهو يتنقل بين ابناء شعبه على جسر الائمة يوم وقعة الواقعة يطبب جراحات المكلومين ويتفقد المنكوبين وقبل ذلك يتذكر العراقيون موقفه في ازمة النجف الاشرف يطفئ نار الفتنة يومها اطلق البعض ساقيه للريح تاركا السفينة في مهب الريح. هذه الصور ستبقى عالقة في أذهان العراقيين الذين جبلوا على تعظيم الشجعان واحتقار الجبناء اذ ما زالت شجاعة الزعيم عبد الكريم يتغنى بها العراقيون جيلاً بعد جيل ومازال إقدام الصدرين العظيمين محل افتخار واعتزاز العراقيين وكذلك ستكون شجاعة وحزم المالكي موضع تقدير المنصفين فلا تستغربوا اذا ما سمعتم البصراويين يتغنون بشجاعة المالكي الذي اعاد السلام والوئام لمدينتهم الحبيبة وحرس النفط من ذوي النفوس الضعيفة ويرددون مع بقية العراقيين (المالكي المالكي عيوني المالكي الله يخلي نوري حامي نفط البصرة).
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |