|
الأحزاب الدينية وثقافة المقابر د. باسم المظفر قبل فترة أستملك المجلس الأعلى للثورة الإسلامية أرضى شاسعة ( وهي أملاك عامة ) مقابل ساحة ثورة العشرين في مدينة النجف , بنى فيها مقبرة كبيرة جدا لرفاة المرحوم محمد باقر الحكيم , أي لم تستخدم هذه الأرض في بناء مركزا ثقافيا لتنشيط الحركة الثقافية وتخليد ثورة العشرين في المدينة , وكذالك لم يبني فيها مركزا تجاريا لتنشيط التجارة في المدينة أو مركزا ترفيهيا لمساعدة أهل المدينة على التقليل من الضغط النفسي المتراكم والمتولد خلال فترة طويلة من الدمار والحروب,, ,,بل, مقبرة ممتلئة بالأعلام السوداء والنساء الباكيات في مشهد كئيب يواجه كل الداخلين إلى مدينة النجف . وعلى نفس المنوال وكنوع من ألغيره الشخصية والصراع الشخصي مع أل الحكيم سارع السيد مقتدى الصدر إلى بناء مقبرة ومرقد إلى والده المرحوم محمد صادق الصدر لتخليد ذكرى والده أو بالا حرى محاولة لتخليد ذاته عن طريق أستغلال أسم والده قد لا نتكلم عن الإيحاء والتأثير الديني لهذه القبور التي ستتحول بمرور الوقت ( لدى البسطاء من الناس ) إلى مزارات تقدم لها النذور وتتوسل منها الشفاعة يوم القيامة , وكذالك فد لا نتكلم عن الاستغلال السياسي لهذه القبور واستخدامها في الدعاية السياسية لبعض القوى السياسية الدينية المتناطحة على الكراسي, ولكن من الضروري التكلم عن التأثير المعنوي لنشر ثقافة تمجد القبور بما تحويه من دعوة غير مباشرة إلى دعم وتمجيد رموز الموت وأساليب الموت واستصغار الحياة واستصغار كل المتطلبات الضرورية للتمتع بالحياة,, فبناء مقبرة يصرف عيها مئات الآلاف من الدولارات أفضل ( استنادا على ثقافة المقابر هذه ) بكثير من بناء وسيله ترفيهية ( مثلا مدينه لألعاب الأطفال ), فعلى الناس التفكير بأخرتهم ويوم القيامة , والحرام ثم الحرام التفكير يدنياهم, ولهذا فعليهم عدم المطالبة بأشياء دنيوي زائلة , كبناء وسائل ترفيهية أو تبليط شوارع أو تحسين الخدمات الصحية .....الخ فالدنيا زائلة فلماذا أذا التفكير بحل مشكلات الحياة اليومية , فعلى الجميع التفكير باخرتهم وصرف أموالهم هذه في التحضير إلى أخرتهم تلك . إما الوجه الأخر لثقافة المقابر هذه هي الدعوة إلى الموت وتمجيده وقتل من يرفض هذه الدعوة التي نسمى لغويا ((الجهاد)) و التي تتبناها الأحزاب الدينية السنة والوهابية , هي أيضا دعوة إلى التخلي عن هذه الحياة ومباهجها , واستنادا لهذه الدعوة لا يجوز التفكير ( عند القيام بأي عملية جهاديه ) لا يجوز مجرد التفكير بمصير العراقيين الأبرياء الذين يتجولون في الشوارع والذين يتعرضون إلى الخطر الشديد نتيجة هذه العمليات , فهم سيذهبون إلى الجنة كشهداء وسيتخلصون من هذه الحياة المزعجة . أنها الثقافة السوداء ثقافة الموت والقبور , مطلوب منا أن نعيش وسط الرايات السوداء والملابس السوداء لجيش المهدي والجيش الزرقاوي وثقافة البكاء على الأموات واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات وإسالة الدماء منها ولبس الأكفان البيضاء والتباهي بها وضرب السلاسل وتعذيب ألذات ,, أنه الفكر الأسود الذي تريد هذه الأحزاب سحب الناس إليه . فالأحزاب الشيعية تبجل لبس الكفن الأبيض وتطلب منا إن نكون مشاريع شهادة ( أي مشاريع موت ) إلى مالا نهاية والأحزاب السنية تطلب منا إن نكون مشاريع جهاد ( أي قتلة محترفين ) أيضا إلى مالا نهاية , فمن خلال التهديد بجهنم ويئس المصير وبالعقاب الإلهي وأيضا من خلال الأغراء بالجنة التي في السماء وحور العين يتم نشر هذه الثقافة السوداء خصوصا في وسط الطبقات الساذجة والنصف أمية , إما الجنة التي يفترض إن نبنيها هنا على هذه الأرض فهو حرام مجرد التفكير بذالك . فليس مطلوب بل سيكون محرما إن فكرنا بالبهجة والفرح أو تمنينا شارعا نظيفا أو حديقة عامة أو وسيلة ترفيه بريئة , فالأولوية ألان لبناء المقابر وتفخيخ السيارات.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |