|
بارزاني ومهام الحكومة الجديدة د. جرجيس كوليزادة / اربيل ـ العراق في ضوء القرار الأخير لرئيس اقليم كوردستان مسعود بارزاني، بإعادة الملاكات العقارية والاراضي الزراعية المسجلة يإسم المسؤولين الى دولة الاقليم وعدم تعويضهم، كما أشارت اليه الصحف الكردستانية المستقلة، فان الخطوة القيمة هذه تشكل بادرة إصلاحية جيدة للانطلاق بالاتجاه الصحيح لاتخاذ الاجراءات اللازمة لمجابهة ومعالجة الفساد المستشري في الأوساط الحكومية والحزبية والعسكرية في المجالات المالية والإدارية والاقتصادية في كوردستان، خاصة بعد توحيد البيت الكوردستاني وتشكيل الحكومة الجديدة الموحدة برئاسة نيجيرفان بارزاني. ولا شك أن هذا الإجراء يأتي بعد النجاح الجديد للعملية السياسية التي أخذت طريقها بالرسوخ على الساحة الكوردستانية، بفضل حكمة الرئيسين طالباني وبارزاني، الذين لعبا دورا مهما لحل أزمة حكم القيادة والحكومة في الاقليم خاصة بعد الموقف الموحد للحزبين، الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني في بغداد لترتيب البيت العراقي، وتشكيل الحكومة الوطنية العراقية برئاسة نوري المالكي، وبفضل هذه الخطوات اخذ العراق يدخل في مرحلة جديدة حاسمة تتسم بالعمل الجدي لاخراج الحالة الوطنية العراقية من الركود الذي عايشها خلال الفترة الماضية الى حالة مغايرة مكتظة بالبرامج والاعمال الكبيرة على الصعيد العراقي لتلبية الاستحقاقات الانتخابية للعراقيين في عموم العراق وللكردستانيين في الاقليم. ولا شك ان الاستحقاقات الحكومية تجاه الكوردستانيين تتمحور إطارها في مجموعة من المعاناة والمصاعب التي يعاني منها المواطنون في الاقليم، وهي تنحصر بضعف الثقة بين الشعب والحكومة، وانتشار مظاهر الفساد والثراء الفاحش المبني على استغلال السلطة، وفقدان مظاهر تنمية الأنشطة الاقتصادية والتجارية لتوفير الفرص الاقتصادية الصغيرة لعموم أبناء الشعب، وفقدان مظاهر تنمية القطاعات الزراعية والصناعية لإعادة عجلة الانتاج الى الاقتصاد المحلي، وفقدان مقومات تغيير وضع المرأة وتحصينها اقتصاديا واجتماعيا، وفقدان الاهتمام بالشباب وتوفير فرص العمل لهم بالتساوي، وغياب توفير مقومات تكوين الحياة الأسرية، وفقدان الوسائل الرادعة التي تحد من الحصول على الثروة بأساليب غير شرعية واستغلال السلطة. إضافة الى هذه المشاكل هناك ازمات خانقة تجابه المواطن في حياته اليومية والمعيشية كالوقود والكهرباء والسكن والبطالة وفرص العمل والتعيين بالتزكية الحزبية. ولابد من التأكيد أن المهام الوطنية الحكومية تجاه المواطنيين في كوردستان تم ذكرها في مقالات ومناسبات سابقة كثيرة طرحناها من خلال هذا المنبر، ولكن بسبب إنشغال القيادة وعلى رأسها الرئيسين طالباني وبارزاني بالأزمة السياسية وانفراجها في الفترة الاخيرة، فإننا نؤكد عليها من جديد، خاصة وأن الامل المرتجى من الرئيس بارزاني ورئيس الحكومة الموحدة، يساعد على طرح تلك المشاكل والازمات بشفافية أمام الحكومة الجديدة التي تتشكل من أعلب الاطراف السياسية الكوردستانية، لتسليط الضوء عليها، للاستفادة منها ضمن الاختيارات المفتوحة لضمان أسباب نجاح أكثر للحكومة، والمهمات الوطنية تنحصر بما يلي: 1. معالجة سريعة للأزمات الخانقة الشديدة التي تعيشها كوردستان، حول البنزين والنفط، مما خلقت معها حالة جشعة من الارتفاع الرهيب في أسعار الوقود أدت الى استنزاف كبير في موارد المواطنين. 2. معالجة أزمة السكن بجدية، لوجود أزمة خانقة للسكن، وارتفاع خيالي في أسعار العقارات، وارتفاع كبير في إيجار السكن خاصة عند أصحاب الدخل المحدود، الذين يعانون من مشاكل وظروف قاسية في هذا الجانب بسبب ضغوطات المؤجرين الذين لا ينفكون عن زيادة الإيجار من المستأجر بين فترة وأخرى. 3. وضع برامج حكومية فعالة للاهتمام بفرص العمل وإلغاء التعيينات بتزكيات حزبية مفروضة، وإزالة حصر حلقات التعيين بين أبناء وأقرباء المسؤولين بزخم كثير، وكان فرص العمل الحكومية مملوكة لمسؤولي الأحزاب المسيطرة على الساحة السياسية. ولا شك أن هذا العمل خرق فاضح لقواعد حقوق الانسان التي تستند الى المساواة وتوفير فرص التساوي أمام الجميع، وهو خرق فاضح أيضا للمبادئ والحقوق والقواعد الدستورية التي يحاول النموذج الكوردستاني الاقتداء بها. 4. الاهتمام بالحالة الصحية بسبب عدم توفر نظام صحي ملائم يناسب التطورات والتغييرات الجديدة في مجالات العلوم الطبية على المستويين الحكومي والأهلي، ومعاناة المواطنين كبيرة ومؤلمة في هذا الجانب، خاصة وان نسبة منهم تضطر الى السفر الى الدول المجاورة للبحث عن علاج مناسب، خاصة للحالات المستعصية التي بدأت تسجل اعدادا تصاعدية على مستوى العراق. 5. الاهتمام بالشباب من خلال وضع برامج وطنية شاملة للدولة بسبب إهمال الشباب وتركهم منفردين تائهين في مشاكلهم الإقتصادية والاجتماعية والسياسية، وعدم وجود برامج وآليات معينة للاهتمام بهذه الطبقة المهمة من الشعب، وعدم وجود رعاية على مستوى الدولة بهذه الشريحة التي تراوح في مكانها وتجد نفسها في معمعة من المشاكل والتعقيدات التي ترسم لحياتهم صورة قاتمة غير متفائلة عن الواقع وعن السلطة. 6. ازالة مظاهر التمايز الطبقي بسبب ظهور حالة من التمايز والفارق الطبقي بين شرائح فقيرة كثيرة النفوس وشريحة قليلة العدد تعيش في بروج عالية تحتضن أصحاب الرساميل الكبيرة من مسؤولين في الحكومة وفي الاحزاب المسيطرة على الساحة السياسية ومن أصحاب النفوذ الذين إستحصل البعض منهم على ثروات طائلة بين ليلة وضحاها مستغلين السلطة والمنصب على حساب الشعب. 7. أرساء منهج وطني للعمل والعمل على ازالة حلقات من الترابط المنفعي المبني على المصالح المادية الكبيرة بين بعض المسؤولين في الحكومة والأحزاب وأصحاب المصالح التجارية والمادية والاقتصادية، والجمع بين المصالح الحكومية والمصالح التجارية في آن واحد، والواقع مليء بهذه الارتباطات التي تستغل المناصب والمواقع والمصلحة العامة من أجل المصالح الذاتية الضيقة والمنافع الشخصية. 8. اختيار عناصر تتسم بالوطنية والنزاهة، وعدم تكرار التجارب السابقة في إسناد مناصب مهمة في هيكل حكومة دولة الاقليم في على مستوى المدراء والمدراء العامين ووكلاء الوزراء والوزراء، إلى أشخاص غير مؤهلين استنادا الى المحسوبية والمنسوبية والتزكية الحزبية. 9. وضع الية فعالة لتنظيم ومراقبة عمل المقاولات، بسبب غياب المعايير الفنية والمقاييس الهندسية عن المشاريع الحكومية والأهلية، وتبدو ان الشركات والمقاولات التي تنفذ تلك المشاريع لها علاقة منفعية بصورة مباشرة وغير مباشرة بالمسؤولين في الحكومة والأحزاب المسيطرة على الساحة السياسية. 10. وضع برامج فعالة لمعالجة لتحسين الخدمات البلدية خاصة في الأقضية والنواحي، حيث باتت المدن تعاني من خناقات ومصاعب خدمية ترهق كاهل المواطن. هذه هي المهام الوطنية الآنية أمام الحكومة الكوردستانية الجديدة الموحدة، بالرغم أن رئيس الحكومة قد طرح برنامجا طموحا لعمل وزاراته، ولكنه بحاجة الى آليات وخطط وبرامج تفصيلية ودقيقة مرسومة وموضوعة بحكمة ودقة، وهذه الخطط ستستغرق وقتا طويلا لتنفيها ونقلها الى حيز التطبيق، لهذا فان المهام الآنية التي اشرنا اليها ضرورية وهي تتطلب عملا جديا لازالة المشاكل من واقع حياة المواطن، ولا شك أن وجود الرئيس بارزاني على رأس القيادة الرسمية لدولة الاقليم، ستمنحنا الأمل الكبير للعمل على حل ومعالجة هذه الازمات الخانقة المتواجدة على الساحة الكوردستانية الحياتية، رغم ان العمل يتطلب عملا مكثفا لتحقيق وتلبية الحاجات الرئيسية ، وتحسين الاداء الإداري والخدمي والإنتاجي على صعيد وزارات وأجهزة ودوائر الدولة، مع إجراء إصلاح فعال لتلك الجهات والقضاء على مظاهر الفساد في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، للإرتقاء بالنموذج الكوردستاني، لإرساء نظام حكومي فعال يتسم مع نسيج البنية الاجتماعية والاقتصادية التي أخذت تترسخ في اقليم كوردستان. ولابد لنا من القول في الختام إن المساحة المطمأنة من الاستقرار الأمني الموجودة في الاقليم والمتوفرة بفضل رجال الشرطة والأسايش (الامن) والبيشمركة والجهود القيمة للحكومة والحزبين، تساعد على توفير دافع أساسي للقيام بتلك المهام وحل الأزمات والمشاكل وإجراء الإصلاحات الضرورية ضمن منهاج عمل الحكومة الجديدة ومعالجة مظاهر الفساد، وفي حالة تنفيذها بفعالية سيشكل عامل حاسم لإحداث نقلة نوعية على صعيد حياة المواطنين، لا سيما وأن الشعب الكوردستاني أثبت دائما أنه أهل لحياة حرة كريمة في واقعه لتأمين حاضر مشرق منشود لحاضر أبنائه وضمان مصير آمن ومستقبل زاهر لأجياله القادمة.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |