|
(صباحُك) مُشرق ٌياشبوط محمد حسن الموسوي الشبوط نوع من السمك العراقي النهري يتميز برشاقته وسرعة حركته ومعروف عنه انه عنيد وصعب المراس عند صيده. وللعراقيين طريقتهم الخاصة في أكله حيث يفضلون اعداده على طريقة (المسكًوف) التي تشتهر بها مطاعم شارع (ابي نؤاس) اذ تنتشر في بغداد على شاطئ دجلة وعادت للإزدهار بعد التحرير لانها_اي المطاعم_ هي الاخرى كانت تعاني من رقابة الاجهزة الامنية ايام حكم النظام البائد لان قصور الطاغية والتي تحولت الى (المنطقة الخضراء) الان كانت تقابل هذه المطاعم من الضفة الاخرى حيث يمنع على ابناء الشعب التلذذ بأكل وجبتهم المفضلة السمك (المسكًوف) على شاطئ النهر الحزين خوفا من ان يهدد ذلك أمن الطاغية السجين في قصوره . وبكلمة أخرى لم يهنأ العراقيون حتى بأكلهم وشربهم بسبب قوانين نظام صدام_ البعث الذي لايزال يعتبره بعض المنافقين والمرتزقة من آكلي السحت (الرئيس الشرعي) للعراق حتى وهو في قفص الاتهام يحاكم على جرائمه الفظيعة وحفره للشعب المقابر الجماعية كما جاء ذلك مرارا ً وتكراراً على لسان (الافوكاتو) المصري وزميله القطري اللذين يُروى والعهدة على الراوي انهما يتنافسان على الزواج بأرملة الجنرال الكارتوني (شهيد الغضب) اذ أشترطت عليهما ان يكون مهرها هو نقل محاكمة ابيها نزيل الحفر وجليس الجرذان والفأر الى خارج العراق واي المحاميين ينجح في ذلك سيكون عريسها المقبل. وزادت عليهم في النفاق زميلتهم القادمة من جنوب لبنان المسؤولة القانونية السابقة حسبما يُقال لقناة فضائية تابعة لحزب ديني انتاج سوري _ايراني وتجميع لبناني تعاني قيادتة من تورم حزبي وانتفاخ في الذات لأنها (حررت) الجنوب (شدو روسكم يا كًرعان). ولا ادري ما هي الدوافع الحقيقية وراء تصدي هذه المحامية للدفاع عن الطاغية اذ لا يُعرف عن زوجة الجنرال (المغدور به) انها سحاقية(Lesbian) حتى تنالها البعلبكية لقضاء حاجتها معها والعياذ بالله ؟ نعود الى الشبوط فنقول ان له (حنة ورنة) في وسط العراق وجنوبه ويكاد يكون سيد المائدة بلا منازع اذ يعتبر من اكثر الاسماك تفضيلا ولا يشذ في تفضيل غيره عليه سوى ابناء مدينة الفيحاء البصرة حيث يفضلون عليه سمك( السبور) والحكمة البصرية تقول ( اذا حضر السبور بطل الشبوط). ورغم ما للشبوط من محبة لدى العراقيين الا انهم لم يتغزلوا به كما تغزلوا بـ(البُنية) ربما لانها انثى بينما الشبوط (خُلقه سِز) ذكر اذ يشدو ناظم الغزالي بصوته العذب طرباً ( يا صياد السمج صدلي بُنية) ولا علاقة للبُنية هنا بإحدى اسر المنطقة الغربية التي أثرت ايام حرب الثمان اعوام والتي امتلكت مسجدا ضِرارا ً في منطقة (العلاوي) حمل اسمها وشُيِّدَ في وقت منع فيه النظام البائد التجار العراقيين الاستيراد او التصدير وحصره فقط بأسر ذات انتماء طائفي ومناطقي قريب لرأس النظام ومن تلك الاسر التي اثرت على حساب جياع الشعب واحدة جاءت من اعماق الصحراء واستوطنت بغداد ضمن سياسة الاستيطان الطائفي التي اتبعتها الانظمة الانكشارية وذلك لتغيير ديموغرافية العاصمة. وذات يوم تقدم افراد هذه العائلة الى الديكتاتور المخلوع بطلب اقتناء طائرة للتنقل في املاكهم التي تضخمت بشكل مرعب فرد عليهم قائلا( اتقوا الله يا آل خَربيط). هذه الاسرة وغيرها لابد من محاسبتها على ثرواتها التي جمعتها على حساب فقراء الشعب ولابد من ان تطالهم يد العدالة وان طال الامد. وعلى العموم ليس المقصود بالشبوط هنا السمك الشهي بل المقصود به زميلنا الاعلامي رئيس تحرير ( الصباح) ولقب اسرته (الشبوط). وبالطبع لا احد يفضل اكله لان لحم البشرعلى البشر حرام وان كان اكل لحوم البشر ميتة ً من طبع الناس ولايكاد يوجد انسان عادي لم يأكل لحم انسان آخر في يوم من الايام وفي ذلك قال القرآن الكريم (أيحب احدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه) في اشارة الى داء الغيبة التي تشيع بين المسلمين على وجه التحديد. لكن كتحصيل حاصل سيكون مثل زميلنا شبوط (الصباح) بعمله الصحفي في الوسط السياسي العراقي الملتهب كمثل سمك الشبوط ( مأكول مذموم) على حد تعبير العراقيين بمثلهم المشهور. فزميلنا الشبوط هو (شبوط) بكل ما للكلمة من معنى اذ استطاع البقاء حياً في بحر السياسة والاعلام المتلاطم الامواج والذي يعج بصنوف الحيتان والديناصورات والتماسيح واسماك القرش. ومعروف عنه تحمله للصدمات واجادته للمناورات حتى وصفه خصومه بـ(ابي رغال) لكن وعلى ما يبدو ان كثرة اللدغات من الافاعي والعقارب التي تحيط به منحته مناعة طبيعية ضد سموم تلك المخلوقات المفترسة والضارة وكان آخر تلك السموم التي أ ُريد نفثها في جسده المتمثل بـ (الصباح) هو الطلب الطائفي لكل من نائب رئيسي الجمهورية والوزراء (التوافقيين) من الشبوط ان (تعتدل) (صباحه) في نقل اخبار (المقاومين) على حد تعبير النائبين الوطنيين الى حد التخمة ! اذ يعيب سيادتهما على الشبوط (عدائية) صحيفته للسنة لماذا؟ لانها تصف (المقاومين) بالارهابيين كما انها تشوه سمعة ابناء المثلث السني بوصفها اياهم بالبيئة الحاضنة للارهاب على حد قول النائبين التُحفة! من يسمع انكار سيادة النائبين العبقريين لحقيقة ان المثلث المذكور بات يشكل الخاصرة الرخوة في الجسد العراقي والمنفذ الرئيسي لتسلل الارهاب والحاضنة الفعلية للارهابيين يُخيل اليه انهما يعشيان على سطح المريخ وليسا في بغداد. اذ كل العالم بات يدرك ان الارهاب منبعه غرب العراق. اين يختبئ الزرقاوي؟ واين تفخخ السيارات؟ ومن يختطف الفرق الرياضية والفنية في الرمادي؟هل كل ذلك يحصل في شمال العراق وجنوبه ووسطه ام في غربه؟ فعلى من يكذب سيادتهما ؟ مرت على الشبوط في رحلته الاعلامية الكثير من مثل هذه العقارب والافاعي السامة غير انه استطاع بمهارته الشبوطية التخلص من سمومها ابتداءاً بتأسيسه لصحيفةً (الجهاد) الناطقة بإسم الحزب الديني الذي كان يسبح فيه الشبوط قبل ان يقرر السباحة بعكس تيار تنظيمه الذي ضاق ذرعا بأفكار الشبوط التنويرية فيقرر في النهاية هو ومجموعة من نفس هواه الفكري الانشقاق وتأسيس (البديل) لتكون بديلا ًعن (الجهاد) و(الشهادة) و(الشهيد) والتي لم تكن عناوين لصحف بالمعنى الحرفي بقدر ماكانت عناوين لتوجهات أحزاب مولعة بثقافة الموت وحياة البرزخ وعذاب القبر والآخرة. أحزاب لم تكن تتطلع الى الحياة بآفاقها الرحبة بحكم أجواء دولة(الثورة الاسلامية ) التي وقتئذ كانت تلك الاحزاب و(صحفها) البائسة تعيش في كنفها حيث الحرب في أوجها. وحيث يكون الحديث عن ثقافة الحياة وعن التعددية السياسية والديمقراطية وعن حق الاختلاف في الرأي مجرد هرطقة يستحق صاحبها الرجم او الحرق. ورغم ما مثلته (البديل) حينها من نقلة نوعية للشبوط الذي تحول من السباحة في المياه الكدرة والراكدة في قم وطهران الى مياه اقل ركوداً ورتابة ً في دمشق التي وجد فيها وزملاؤه المنشقون ذاتهم العربية تلك الذات التي اريد تغييبها وتمييعها لصالح إيديولوجية (ولاية الفقية) الدينية رغم هذا التحول الكبير في حياته السياسية والاعلامية الا انه ظل يتطلع للسباحة في بحر الليبرالية والديمقراطية الرحب وواصل سباحته نحو مياه البحار والمحيطات رغم انه فراتي الطبع والانتماء الا انه تعلم من حياته النهرية ان النهاية الطبيعية للانهار هي عند البحار والمحيطات.فشط العرب ينتهي بالخليج العربي والنيل ينتهي بالبحرالابيض المتوسط. وهكذا قرر الشبوط السباحة بإتجاه المحيطات وفعلا حط عند مرافئ المحيط الاطلسي وراح يسبح عند (نصب الحرية) عند شواطئ نيويورك ومن هناك التحق برئاسة تحرير(المؤتمر) ليستقل بعد ذلك بذاته الصحفية عبر جريدة ( المستقبل الجديد) والتي كان كاتب السطوراحد اعضاء هيئة تحريرها الا انها كانت الاقصر عمرأ في حياة الشبوط الصحفية حيث صدر منها عدد واحد وتوقفت (يا فرحة المادامت) كما يقول العراقيون رغم انني لم استلم أجور عملي فيها حتى هذه اللحظة ويترائا لي ان الشبوط بإعتباره (شبوطاً) عمل بقانون البحار حيث السمك الكبير يأكل الصغير فأكل علينا اجورنا. الا انه استمر بإصدار شهريته (الاسلام والديمقراطية) وهو مشروعه الذي نذر حياته لأجله وفي سبيله تعرض الى اللدغات الواحدة تلو الاخرى من رفاق الدرب و(أخوة) التنظيم الذين كانوا معه كاخوة يوسف يوم ألقوه في غياهب الجب غير ان أخوة الشبوط رموه في النهر بدل البئر وفاتهم انه (شبوط) وُخلق للنهر فكان من سعادته ان بدء رحلته الصحفية والسياسية نحو(الحرية) عبر الانهار والبحار لينهي رحلته الطويلة والتي استمرت قرابة العقدين والنصف في مياه بحر(الصباح) التي شاءت الاقدار ثانية ً ان ُيلدغ فيها من (أخ) داعية يضمر في صدره ثأرات (قمية وطهرانية) ومن جديد تغلب الشبوط على سم هذه اللدغة (الحزبية) ببراعة منقطعة النظير وبمساعدة (طب الاعشاب الكردي) والذي كان البلسم الناجع بحق وعن جدارة لتلك اللدغة فعاد الشبوط منتصرا ً الى (الصباح) التي رفض تحويلها الى جريدة (استقبل وودع) السيد رئيس الوزراء او تَحويل صفحاتها الى البوم صورللـ(القوي الامين) الذي وجد في (العراقية) ضالته حتى كادت تتحول الى قناته الشخصية لكثرة عرضها لصوره وبثها لخطبه الطلسمية الامر الذي اعاد الى اذهان العراقيين صورة التلفازالعراقي ايام النظام البائد حيث كان يفتتح برامجه بصورة(القائد الضرورة) وينهي بثه بها بل حتى بعد نهاية البث كما تقول النكتة العراقية تجد برنامجا خاصا بعنوان (شخير القائد) بدلا عن (الوشوشة) التي تأتي بعد انقطاع البث . ان من اهم الانجازات التي حققها الشبوط في (الصباح) انه استطاع كسر هيمنة اليسار على الحياة الثقافية والاعلامية ولأول مرة في تأريخ الصحافة العراقية في العهد الجمهوري ولدت صحيفة بغدادية بأقلام ليبرالية وديمقراطية بعيدة عن سيطرة وهيمنة الشيوعيين. هذا الانجاز الاعلامي حطم اسطورة الهيمنة اليسارية على الصحافة العراقية وفي اعتقادي هذه هي البداية الصحيحة لصحافة ليبرالية حرة وغير متحزبة او مُجيرة إيديولوجيا ً من اجل ان تمارس دورها بإعتبارها سلطة رابعة ورقيب بحق وحقيقة. ليس لدي ادنى شك ان سيادة النائبيين (التوافقيين) لم يهضما بعد معنى الصحافة الليبرالية فأحدهما خرج من رحم حزب ديني سلفي والثاني تخرج من رحم (المنظمة السرية) وما زالا يعيشان في عصر الصحافة الموجهة (مركزيا) لذا جاءا يبثان سمومهما الطائفية ويحاولان يائِسَين بلغة الاوامر والتوجيه ايقاف الشبوط ومن وراءه (الصباح) عن مهمتها التأريخية في فضح الارهابيين اياً كان انتمائهم الطائفي او القومي وفي محاربة الارهاب حتى قيام عراق ديمقراطي فيدرالي ليبرالي وفي التحول من مجتمع الحزب الواحد والقائد الواحد (الرمز) والصحيفة الواحدة الى مجتمع تعددي ذو صحافة حرة ومستقلة وقادة يتنافسون على خدمة الشعب عبر صناديق الاقتراع ببرامجهم الانتخابية وليس بشعاراتهم الايديولوجية وخطاباتهم الثورية العقيمة. ان زمن توجيه الاوامر للصحافة قد ولى وان عصر تخويف و تهديد او ابتزاز الاعلام قد مضى غير مأسوف عليه. فلقد اشرقت شمس الحرية على البلاد السومرية في التاسع من نيسان العظيم قبل ثلاثة اعوام وجاء معها الصباح انه (صباح) الاعلام الحر المشرق الذي سيطرد ليل الديكتاتوريات الدامس في المنطقة ويستبدله بنور الشمس. انها شمس الليبرالية وصبح الديمقراطية ( أليس الصبح بقريب)؟.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |