بنت الرافدين

رجال من الجنوب

جواد السعيد

أرض حباها الله تعالى بالعطاء فهي معطاء بكل شيء بثرواتها بنخيلها بأهوارها وكذالك إنسانها فكم قدمت هذه الأرض الطيبة من عطاءات لجميع أرض الرافدين بل للبشرية جمعاء ومنذ القدم.

أعطت رجال على مستويات شتى وطرازات متنوعة رجال شهدت لهم ساحات الجهاد والعلم والشجاعة والفكر والثقافة والبراعة.

نعم أحدهم كان الحاج أبو ياسين رحمه الله ( عز الدين سليم) وكان عزا للدين فعلا تربى وعاش على قيم الدين النبيلة السامية أفنى شبابه من أجلها هاجر في سبيلها سهرعلى تراتيل قرآنها وتحمل المشاق والأذى وهو يعلمها للآخرين من أبناء العراق فرفعه الله بهذه القيم وجعله مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.

نسبه من عشيرة الحجاج في البصرة المعروفة بالتدين ومناصرة الأسلام على مدى التاريخ حيث ينتهي نسب هذه العشيرة الى قبيلة عباده الكبرى التي انتشرت في العراق من شمالة الى جنوبه وكانت هذه القبيلة كلها ومنذ اليوم الأول لأسلام جدهم الأكبر معاوية بن عباده في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ملازمة لعلي بن أبي طالب عليه السلام متشيعة له حيث استشهد جدهم ربيعة بن حزن أبو الأمراء في واقعة الجمل مع معسكر الأمام علي عليه السلام .

هذه القبيلة التي نزلت الكوفة والجزيرة الفراتية ومنهم في حلب والموصل كانت تلقب بعرب شرف الدولة ولهم من الأمراء والقادة الكثيرين ولولا عدم انصياعهم وعنادهم للغزاة لكانوا اليوم أسياد وأمراء العرب ولكنهم لم يركنوا يوما الى الظالمين ولم يتعاونوا معهم فخسروا الأمارة في العراق وتفرقوا في بطائح جنوب العراق تحت ألقاب وأسماء شتى خوفا من مطاردة الظالمين ولكنهم حافظوا على تشيعهم, فكانت عشيرة الحجاج أحدها التي أنجبت شيهدنا المفكر الأسلامي عز الدين سليم.

فهذا رجل من أبناء الجنوب نذر نفسه لآخر لحظة في سبيل الدين والوطن وقدم عصارة فكره لتلك المبادئ والقيم السامية فكان كما عاهد الله عليه حتى مضى شهيدا مضرجا بدمه مظلوما لم يقترف جرما ولاجريره قتلته يد الغدر وخفافيش الظلام وأعوان الكفر ظانين أن المسيرة ستتوقف وأن جنوب الخير سينضب عطاءه أو يعودوا أسيادا عليه يسلبوا خيراته بقتلهم خير رجاله.

فكما دخلت تلك الأرواح الطاهرة الى رحمة ربها راضية مرضية مطمئنة فسيعود الجنوب آمنا مطمئنا معطاءا مستنيرا بدماء الآف الشهداء الأبرار الذي قدمهم عبر تاريخ العراق.

العودة الى الصفحة الرئيسية