|
تحية لشهداء عمان وذويهم علي الشلاه / كاتب عراقي أثار الموقف البطولي الذي قام به ذوو شهداء فنادق عمان بمقاضاة فقهاء الظلام، ممن يزعمون انهم نواب الله على الارض الذين يحددون منازل البشر عند بارئهم ويقفون خازنين لبوابة الجنة يدخلون من يشاؤون ويخرجون من يشاؤون، أثار هذا الموقف احترام سائرالشعوب الحية واولها الشعب العراقي المبتلى الذي طالما عانى من فتاواهم الشريرة التي جرت خراباً على العرب والمسلمين وعلى الانسانية جمعاء، فلأول مرة في تاريخ العرب الحديث يبادر المواطنون البسطاء الى اللجوء الى الوسائل المتحضرة والقضائية في التعبير عن رفضهم لاستخدام بعض الساسة للمقدس الديني لأغراض حزبية وحركية تسيء الى الاسلام السمح العظيم اولاً قبل ان تسيء الى الشهداء والجرحى من ضحايا الارهاب الاعمى الذي زرعه المفتون القادمون بجنح الظلام من حيث لايعلم احد ليدمروا التماسك الاجتماعي والسلم الأهلي في أوطاننا الحبيبة. كيف لنواب منتخبين من قبل شعب محترم ان يتعاطفوا مع قتلته المجرمين وكيف يخرجون الضحايا الأبرياء من صفة الشهادة المقدسة ويدخلون فيها القتلة والمجرمين الخارجين على الحق والعدل والشرف والاخلاق، اية كارثة هذه التي تحيق بالأمة المسكينة عندما يصبح ارباب السجون واصحاب السوابق اللااخلاقية شهداءها واية قضية حق وعدل ستبقى بعد ذلك اذا كان الزرقاوي هو القدوة والمثل الأعلى لأجيالنا الطالعة بعد ان نصبه شيوخ الذبح والتقتيل والتكفير قائداً لهم في الدنيا والآخرة. انها من المرات القليلة في حياتي التي اعترف فيها بأن هناك حكومة عربية اوعى من النخب الثقافية ومن السياسيين المعارضين في بلادها وذلك ما اجبرتني عليه حكومة الأردن وقضاؤه في الأشهر الأخيرة عندما تصرفوا بما توجبه عليهم دقة الموقف وخطورته ولم يترددوا امام حياة مواطنيهم في فعل كل ما يحفظ تلك الحياة ويبعد شر الفتنة عنها مهما كان الثمن، فليس بوسع احد اياً كان ان يكون فوق القانون والقضاء وان يعرض حياة الناس ومقدساتهم ومستقبل اطفالهم الى خطرمميت بحجة انه مجتهد فان اصاب فله أجران وان أخطأ فله أجر واحد، حتى لو كان خطأه يؤدي الى هلاك النسل والحرث وتدمير الاوطان كلها، من حق المجتهد ان يجتهد لكن ليس في دفع الأبرياء الى الموت الوجتمع الى الانفجار وأي اسلام سيبقى ويعم اذا انفجرت المجتمعات الاسلامية كما يتمنى الزرقاوي وشيوخه الماشين امامه الى جنة هي بالضرورة غير جنة المسلمين التي وعد الله تعالى بها عباده الصالحين وليس الذباحين بالسكاكين والمـُدى ومفجري المساجد والكنائس والمدارس وافراح الناس في اعراسهم وأعيادهم. ان مايثير الرعب في النفس هو المكانة الاجتماعية التي يتمتع بها بعض هؤلاء المفتين وخصوصاً النواب منهم عندما يخونون امانة الله وأمانة من ائتمنهم بحجة محاربة امريكا وكأن رامسفيلد كان ضيف شرف في حفلة عرس المواطن العماني وان المخرج الرائع الذي حمل راية تحسين صورة الاسلام ونشر مفاهيمه العظيمة مصطفى العقاد كان خبيراً اسرائيلياً مدسوساً وان العمال الفقراء الذين قضوا في ساحة العروبة في الكاظمية هم من احتل فلسطين واخرج اهلها وشردهم. ولابد من التذكير أخيراً بأن هؤلاء الفقهاء المعتمين ليسوا حكراً على الاردن وحدها فهم في كل البلاد العربية والاسلامية واذا كان المناخ الديمقراطي في الاردن قد قاد انباءهم الى اسماعنا فان كثيرين غيرهم واخطر منهم في مدن عربية اخرى بعضها عراقية للأسف لايسمع بهم الا الشباب المتلهف للمعرفة في الجوامع والأزقة ممن يصدقونهم ويتخذون فتاواهم أمراً مقدساً فيفجرون انفسهم على نهجها المؤدي الى جهنم وبئس المصير. لقد اعاد هذا التصرف الاردني الرصين الثقة الى نفوسنا جميعاً بأن الخراب الذي يلف المشهد من حولنا ليس قدراً وان هناك في هذه الامة مـن يحتفظون بعقولهم وكرامتهم ولاتأخذهم في الحقة لومة لائم ولن يبيعوا دماء ذويهم لشعارات كاذبة وفقهاء كذبة يعيشون مترفين ويدفعون بأبناء الفقراء الى قدر كارثي بحجة الدفاع عن شريعة الله التي هي اول من يلعنهم.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |