|
جورج بوش عندنا يامرحباً يامرحبا محمد حسن الموسوي (سعيد ان اراك هنا) بهذه الكلمة الصادقة التي نَّمت عن نضج سياسي وشعور بالمسؤولية رحب المالكي بجورج بوش الذي حلَّ ضيفا على العراق في زيارة تاريخية بكل ما للكلمة من معنى لاول رئيس امريكي لبلاد ما بين النهرين منذ ان خلقها الله وأوجد امريكا. وكأني بلسان حال رئيس حكومتنا الموقر مرحباً بضيفه العزيز فرحاً بزيارته المفاجئة (جورج بوش عندنا يامرحباً يامرحبا). لن يلوم المالكي احدٌ اذا ما سمعه يرددها بأعلى صوته لانه اقل ما يمكن ان يقال لزعيم كبير من طراز بوش ولزيارة من طراز هذه الزيارة التاريخية والتي تنبع اهميتها من امور عدة اهمها الزائر وما يمثله والمُزار وما يعكسه وزمان الزيارة وتوقيتها وما يدل عليه. ودعونا نلج في التفصيل. اما الزائر فهو رئيس الولايات المتحدة الامريكية أعظم دولة في العالم والعظمة لله رب العالمين. امريكا وما ادراك ما امريكا؟ قطب الرحى, والعروة الوثقى, وآية الله العظمى منَّ عليها بنعمة الديمقراطية الليبرالية وبالحالة الاقتصادية القوية وأنعم عليها بترسانة نووية وسخر لها ألـ (أف 16) والاباتشي العمودية و(الكروز) عابر القارات مختزل المسافات عبر البحار والمحيطات. ومنَّ عليها وهو الحنان المنان بالترسانة العسكرية ذات الصواريخ الذكية والتي لا تنفع معها دبابة (تي72) الروسية او صواريخ(سام سام) من بقايا الخردة الشيوعية. فهي _اي امريكا_ والحال هذه يصدق عليها قوله جلَّ جلاله (خير من استأجرت القوي الامين). هذا بالنسبة لما يمثله الزائر الذي جاء ليؤكد التزام دولته على مساعدة العراقيين حتى تحقيق الحرية والنصر على الارهاب ويؤكد على بناء دولة ديمقراطية عصرية. وأما المُزار فهو العراق وما ادراك مالعراق؟ مهد الحضارات, منبع العلم والرسالات, بلاد السواد والثروات, ارض المجد والبطولات, ملتقى الشرق والغرب, والعجم والعرب, موطن الشعر والادب, مثوى الانبياء ومرقد الاوصياء, محفل العلماء والفقهاء. وايضا المُزار هو الحكومة المالكية اول حكومة دائمية في المنطقة منتخبة بطريقة شرعية وتمثل لاول مرة في التاريخ المعاصر الشعب العراقي بكل طوائفه واعراقه, وهي ثمرة صمود الشعب وتحديه للارهاب والرعب وثمرة لحكمة المرجعية الدينية والقيادات السياسية, كما انها ثمرة من ثمار عملية تحرير العراق التي لولا شجاعة الزائر الكريم بإتخاذه قرار اسقاط نظام صدام الزنيم لما كان لعملية التحرير ان تقع. هذا بالنسبة للُمزار ومايعكسه من حضارة وتاريخ عريق وموقع استراتيجي متميز ومايمتلكه من ثروات بشرية ومادية ومن تأثير سياسي ودور اقتصادي في منطقة الشرق الاوسط. اما الزيارة فتأتي اهميتها من توقيتها رغم انها الثالثة لبوش لكنها تختلف عن السابقتين فقد جاءت بُعيد هلاك الارهابي ابو مصعب الزرقاوي حيث تمثل تصفيته بداية النهاية للارهاب انشاء الله في العراق. ومجئ بوش رسالة للعراقيين مفادها ان عدونا وعدوكم واحد فلابد من تكاتف جهودنا وتوحيد قوانا لدحره وايضا اراد الزائر بتوقيته زيارته ان يقول انهم في امريكا مصرون على تخليص العراقيين الكرام من معشر الارهابيين اللئام. وكذلك جاء توقيت الزيارة بُعيد اكتمال تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ليؤكد بوش بزيارته الان دعمه لهذه الحكومة ولشخص المالكي الذي بدء يثبت يوما بعد آخر انه رجل دولة جدير بالمنصب وبالاحترام وانه رجل افعال لا اقوال. ونحمد الله حمد الشاكرين ان هذه الزيارة المهمة جاءت في عهد المالكي وليس في عهد سلفه المُنحى اذ لأنتهت وصاحبنا يشرح لبوش (اهمية الدولة كظاهرة في المجتمع الاسلامي ودور الشفافية في المؤسسات الاسلامية وجدلية الصراع بين الخير والشر في اطار عملية شرعنة الدستور الذي يخرج من رحم المحنة بإنسيابية وشفافية ليكون بذلك دستوراًمشرعناً ) والى غير ذلك من (الزواع الفكري) الذي ما أن ينتهي حتى يصاب المستمع اليه بالغثيان و(ينسطر). ايضا تأتي اهمية الزيارة من كونها جاءت من ثاني رئيس لدولة عظمى بعد زيارة توني بلير رئيس الحكومة البريطانية وبعد زيارة نائب رئيس الحكومة الايطالية ووزير خارجيتها هؤلاء الثلاثة زعماء دول غربية صناعية كبرى أرادوا ان يوصلوا بزياراتهم للعراق رسالة واضحة للدول العربية (الشقيقة) تقول: اننا موجودون وجاهزون لأعادة بناء العراق بعدما حررناه, وان مقاطعتكم له لن تجدي نفعا بل سترتد عليكم يوم ينهض العراق من جديد ليتحول الى قبلة للمستثمرين وورشة عمل كبرى ومنطقة استثمار عظمى عندها لن يكون لكم فيه موطئ قدم لأنكم تركتومه في الضراء وجئتم تلحسون قصاعه في السراء. تركتموه يداوي جراحاته وحيدا ولم تسرعوا اليه لتعينوه وانتم اشقاءه الاقربون واكتفيتم بالتفرج على أمل ان يهلك نظامه الجديد الذي يخيفكم فجئنا اليه مداون ولجرحاته مطببون نحن الغرباء الابعدون. هذه الرسالة التي اراد زعماء الغرب ايصالها للعرب. ولا ادري اين هم الزعماء العرب من زيارة العراق؟ كيف يطالبون بالحفاظ على عروبة العراق وهم ابعد الناس عنه؟ وماذا تنفع العروبة ان لم تتحول الى دعم سياسي واقتصادي للنظام العراقي الجديد والى حضور عربي رسمي في العراق؟ هل العروبة تعويذة نقرأها عند الالم و مخافة الحسد ام انها التزام تجاه العراق وشعبه وتطبيق على ارض الواقع يتمثل بالدعم والمؤازرة ؟ لماذا لم يكن للعرب دور يذكر لحد الان في العراق الجديد ؟ كم كان جميلا لو ان زعماء الدول العربية تقاطروا على زيارة بغداد وباركوا للمالكي العربي قلباً وقالباًَ وللشعب العراقي انجازه العظيم بتشكيل الحكومة؟ لماذا لايفعلها الملك عبد الله بن عبد العزيز ويزور العراق وهو المعروف بالشجاعة والاقدام والكرم؟ اليس من حقنا ان نعتب عليه وهو ملك العرب وعلى السعودية بإعتبارها اكبر اشقائنا الخليجيين المجاورين لنا؟ أيعقل ان تقوم دولة صغيرة بحجم الكويت كبيرة بشعبها وحكومتها بدور عظيم في تحرير العراق بينما يمتنع الكبار من الأشقاء عن زيارته بعد تحريره او حتى الاعتراف بحكومته؟ وبعد كلِّ هذا هل يلام العراقيون اذا ما تنكروا للعروبة وتبرؤا من العرب؟ لا تلمونا بعد الان اذا ما فتحنا ابوابنا لإسرائيل بعد ان تمنعت ايادي اشقائنا عن طرقها. هذا هو بوش وامريكا وهذه هي اوربا والغرب فأين انتم ايها العرب؟ المسافة مابين بغداد والرياض عُشر معشار ما بين بغداد وواشنطن هذا اذا ما قيست بالكيلومترات لكنها ابعد ماتكون اذا ما قيست بالمواقف السياسية والمبادرات. الرئيس الامريكي بعظمته بادر وتجشم عناء كل هذه المسافات كي يبارك للعراقيين وليحتفل معهم بالخلاص من رأس الارهاب وليشد من أزر حكومتهم الفتية وهو هو. لكن زعماء الامارات والممالك والدول العربية لم يكلفوا ديبلوماسيا صغيرا ً من ديبلوماسييهم لزيارة العراق وهم على مرمى حجر منه فشتان مابين الموقفين !. أخيرا ً زيارة بوش الجميلة واستقبال المالكي والطالباني له بالطريقة اللطيفة تمثل النهاية لعصر العداوة والجفاء والبداية لعهد امريكي عراقي جديد. عهد من العلاقة المتوازنة التي تقوم على اساس تبادل المنفعة والمصلحة المشتركة بين البلدين . وعلى اساس تواجد امريكا في العراق كدولة ضامنة تعيد بناءه وتضمن اقتصاده وأمنه وإستقراره. ولانملك في النهاية الا ان نرفع ايدينا بالدعاء مرددين (ربنا انعمت علينا بالولايات المتحدة والقوات الصديقة المشتركة فزد انك ارحم الراحمين).
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |