أصناف السياسيين العراقيين

 مهند حبيب السماوي

Muhaned_alsemawee@yahoo.co.uk

كثيراً ما يعود الاختلاف بين العقول إلى الاختلاف حول معاني الألفاظ ودلالات المصطلحات التي يستعملونها, ولذلك نشأت الحاجة إلى تعريف الأشياء وإيضاح معناها وكشف دلالتها واخراجها من حالة الابهام والغموض الى حالة الوضوح والفهم والادراك من قبل الشخص الذي يرغب في معرفة مفهوم او مصطلح معين مجهول لديه.

ويمكن لنا أن نعرف السياسيين في العراق اليوم بعدة طرق بحسب أنواع التعريف المنطقية واللامنطقية التي تنتشر في كتب أهل المنطق كالتعريف بالإشارة والمثال والمرادف والمجازي والسلبي والغامض والتعريف بالتضايف او كان تعريفاً منطقياً كالتعريف بالحد والتعريف والتعريف بالرسم , وللقارئ المحب للعلم الرجوع لكتب المنطق للنظر في تفصيلاتها.

وهنالك منهج مهم في التعريف آثرت فيه قراءة وتصنيف سياسيين العراق الجديد( وأرجو إعفائي من تصنيف سياسيو النظام العراقي السابق من جهة والعربي من جهة أخرى لأنهم أصلاً ليسوا سياسيين). وهو التعريف بالقسمة أو التصنيف الذي يعود الى الفيلسوف اليوناني الشهير أفلاطون...

ففي هذا المنهج نقسم ونجزأ السياسيين العراقيين إلى أنواع مختلفة وأصناف متنوعة مع الأخذ بنظر الاعتبار الشروط التالية التي يجب أن تتحقق:

الأول/ أن تكون القسمة أو التصنيف جامع , أي يشمل كل السياسيين ولا يفلت من التصنيف احد بحيث يكون مجموع الأصناف التي ينقسم أليها السياسيون مساوية لهم تماماً.

الثاني/أن تكون القسمة أو التصنيف مانع , أي يستبعد دخول ما هو غريب عن أصناف السياسة والسياسيين العراقيين.

الثالث/ أن يكون أساس التصنيف واحد , بمعنى أن اقسم وأصنف السياسيين العراقيين طبقاً لأساس واحد أما بالنسبة لعلاقتهم بأمريكا أو بالنظام السابق أو بدول الجوار أو على أساس جهادهم ضد النظام السابق أو طبقا لعلاقتهم بالإرهاب أو مجاميع المقاومة أو على أساس إخلاصهم ومدى نزاهتهم وشخصيتهم..... الخ

وطبقا لذلك فيمكن تصنيف سياسيو العراق إلى عدة أصناف استناداً إلى معيار التجربة والخبرة السياسية في التعامل مع الواقع وقراءة الحدث السياسي واستشراف المستقبل والواقع العراقي( مع العلم انه ربما تكون هنالك أصناف أخرى لم أتعرض لها)....

1.مراهقي السياسة

وهم الذين احترفوا مهنة السياسة بعد سقوط النظام , عندما فُتح المجال لكل امرئ أن يعبر عن رأيه في الفضائيات المنتشرة كالذباب في العراق , بحيث ظهر الكثير في تلك الفضائيات ممن كُتب تحت اسمه محلل سياسي!!! فضلاً عن الاستقطابات الطائفية التي حدثت في الانتخابات الأخيرة والتي جعلت بعض القوائم تتشكل على أسس معينة يسمح بعضها بإدخال أشخاص إلى القائمة المعينة لأسباب حزبية وطائفية بحتة ليس لها علاقة بمعيار الكفاءة والقدرة والتاريخ أو النضال السياسي.

2. منافقي السياسة

وهم فئة من السياسيين ممن يتعاملون بطريقة مكيافيلية تخلو من الأخلاق والقيم وتفتقر إلى الوضوح والصراحة بالإضافة إلى الإخلاص والصدق , حيث نرى هؤلاء السياسيين يتعاملون مع الشعب العراقي وقضيته العادلة وأهدافه المشروعة في الاستقلال والوحدة بوجهين ويرتدون أقنعة مزيفة فيظهرون وكأنهم مع العراق وشعبه المسكين ألا أن الوجه الثاني يكون أما مع أمريكا وأجندتها الخاصة في العراق بحيث ينفذ لها ما تقول كالعبد الرخيص متناسياً أن أمريكا نفسها لا تحترم الضعيف أو أن يكون هذا السياسي الذي يتباكى على العراق في العلن مع الإرهابيين وبرامجهم الغير عراقية في السر حينما يسدل الليل أستاره أو يكون لهذا السياسي وجه أخر يتمثل في مصالحه الخاصة ورغباته النرجسية التي يخفيها وراء تباكيه على الوطن الجريح.

3.مثاليو السياسة

هؤلاء هم الذين يعتاشون على أفكار ونظريات طوباوية ويرتكزون على ألفاظ محملة بدلالات رومانسية ومشحونة بمعاني عاطفية لا طائل من ورائها , فضلاً عن كونها بعيدة عن الواقع العراقي ولا ترتبط بالتجربة الواقعية لمجتمعنا المعاصر, بل تعمل فقط على اجترار شعائر الهزائم وتهييج العقول السطحية والنفوس التي لا تمتلك نصيباً من التفكير الواعي, فنلاحظهم يرددون عبارات روّاغة ومفاهيم فارغة وكلمات غائمة ومصطلحات رجراجة وعبارات عاطفية لا يمكن له أن تبني إلا دولة من الرمال والأوراق وخمار الأوهام.

4. محترفو السياسة

وهم صنف من السياسيين الذين خَبروا السياسة وخَبَرتهم , وعرفوا أسرار لعبتها, فاشرأبوا دمائها وهضموها وتمثلّوها وسلّمت لهم بالتالي_ السياسة_ المفاتيح السرية لقلاعها بعد أن امتلكوا ثقافة سياسية نظرية وعاشوا أو قرأوا بدقة واستبصار تجارب سياسية واقعية لدول أخرى أمدتهم بنسغ الإدراك العقلاني الواعي والشعور الصحيح بمعالم الطريق الملكي الذي يقود إلى تضاريس الخارطة السياسية لعراق اليوم ....من اجل رأب الصدع و لأم الجراح التي تنز قروح المواطن العراقي بصديدها منذ أن أبصر النور في هذا البلد الحزين !!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com