قوتنا في وحدتنا

الشيخ عبدالكريم صالح عبدالله الربيعي

باحث ومفكر سياسي

alalibr@yahoo.com

إننا اليوم نمر بحقبة ومرحلة جديدة من مراحل التقدم ،تقدم الأمة العراقية ألا وهي حقبة الوحدة الوطنية التي طالما حلمنا بها وتغنينا بها لتعيش كل مكونات شعبنا العراقي متماسكة وجنباَ إلى جنب في ربوع العراق الموحد ،لقد عشنا زمناَ وبنينا حضارات كبيرة وتاريخ عظيم بفعل وحدتنا هذه الوحدة الأزلية بين العراقيين وهذا النسيج الاجتماعي الصلب الذي لن يتمزق مهما أراد العابثون له التمزيق.

 إننا اليوم في أحوج مانكون لهذه الوحدة وأحوج مانكون لرص الصفوف من اجل بناء وطننا وأجيالنا القادمة ولابد من زوال كل مسببات التشرذم والتفرقة وغير مخفي على الجميع أن قوى الظلام اليوم متكالبة على هذه الوحدة من اجل تمزيقها وتفرقتنا في عراق سني وعراق شيعي وعراق كردي وعراق أخر لأقليات أخرى فهذا غاية مناهم وآمالهم ومنتهى طموحهم ،فرقتنا وتشرذمنا هي الغاية التي يتطلعون إليها ولابد لهؤلاء الظلاميون الحالمون بالعصور الغابرة أن يعرفوا إن العراقيون اليوم مصممون على بناء وطنهم على أساس حضاري عصري يكون فيه العراقي سيداَ على أرضه وخيراته ليس هناك شعب في الأرض يرضى إن يكون محتلاَ لكن شعبنا يعي جيداَ أن وجودهم الآن أصبح ضرورياَ ونحتاج إلى وقت كافي كي نستطيع الاعتماد على قواتنا وأجهزتنا الفتية التي تحتاج المزيد من التدريب والتجهيز لكي تكون قادرة تماماَ على مسك الأرض والحفاظ على حدودنا وخيراتنا ومواردنا ساعتها لااعتقد أن هناك مبرر لبقاء هذه القوات وهي بطبيعة الحال تكون غير مستعدة للبقاء حيث سيكون الثمن باهظاَ وهي بلاشك ستخرج من العراق إن أجلا أم عاجلاَ فقط أردت أن أوضح لمن يريد أن يجعل من الاحتلال ذريعة وسبب لتدمير العراق وقتل الأبرياء أن الوطنية الحقة هي في الانتماء للوطن وليس لمسميات زائفة وغير حقيقية الغرض منها إيقاف عجلة التقدم والبناء وهي على أي حال مكشوفة ومن ورائها تقف المصالح المادية وأغراض وأجندات دول لتفرقة شعب العراق ولعلي أجد من المناسب أن استحضر كلام أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام وكرم الله وجه من وصية له لتحذير المسلمين الفتنة والأعيب الشيطان والشياطين حيث يقول"أوصيكم بتقوى الله الذي اعذر بما انذر واحتج بما نهج وحذركم عدواَ نفذ في الصدور خفيا ونفث في الأذان نجيا فأضل واردى ووعد فمنى وزين سيئات الجرائم وهون موبقات العظائم حتى أذا استدرج قرينته واستغلف رهينته أنكر مازين واستعظم ماهون وحذر ماأمن"واني أقول للذين يتساءلون مع من نتصالح ؟ولماذا نتصالح؟وأقول أن المصالحة تعني المحبة وكما يقول جبران خليل جبران"المحبة لاتعطي إلا نفسها ولاتاخذ إلا من نفسها المحبة لاتملك شيئاَ ولاتريد أن يملكها احد لأن المحبة مكتفية بالمحبة" وأقول أننا أحببنا بعضنا البعض ولن تكون إلا المحبة قاسماَ بيننا وان المصالحة بمفهومها العراقي الجلي تعني الوئام التام بين كل مكونات الشعب باستثناء من تلطخت أيديهم بدم هذا الشعب وفي الحقيقة لم نأتي بجديد أن كل جرائم القتل وانتهاك حرمات الشعوب في كل العالم هي جرائم جنائية ونحن كذلك نعتبرها جنائية والتي لايمكن لنا أن نعتبرهم أبرياء أو مجرمين إلا من خلال القانون وعندما يقول القانون كلمته الفصل فيهم ساعتها سيكون مرحباَ بهم في صفوف الشعب الحالمون والطامحون لبناء وطنهم ،أن محبتنا الأزلية هي كذلك مذ كان العراق ووجد على الأرض فهي سلاحنا الناجع ضد الإرهاب وضد من يريدون تفرقتنا فبالمحبة نزداد قوة فوق قوتنا ولابد لنا من أن نحب وطننا فأن" حب الوطن من الأيمان "فالمحبة والتفرقة لايمكن أن يلتقيان أو لايلتقيان إلا ليفترقا وإذا أردنا أن نكون أقوياء موحدين لزاماَ علينا أن يفتدي شيعينا سنينا ولزاماَ على سنينا أن يدافع عن شيعينا وعن كردينا وكل الأقليات فما يربطنا هو العراق والحمد لله رب العالمين المتفرد بالبقاء والدوام القائل "ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن اعلم بما يصفون "سورة المؤمنون الآية 96 فهذا والله قمة الأيمان ولابد من الخروج من المخاطر والمزالق والفخاخ بالمحبة والوقوف صف واحد بوجه من يريد أن يفرقننا ولابد لنا من أن نتحاور ونجلس معاَ فهي والله كما يقول الشاعر:

               الرأي قبل شجاعة الشجعان         هو أول وهي المحل الثاني

فان الحوار والاختلاف في الرأي هو في الحقيقة نوع من التفكير الذي سيوصلنا إلى بر الأمان بينما مصادرة الرأي هو في الحقيقة نوع من التكفير ولن يوصلنا إلا إلى بر التفرقة.

 أننا في وقفتنا موحدين متحاورين نكون قد ضربنا ضربة موجعة إلى قوى الظلام وعنف القوى الكارهة للديمقراطية وحكم القانون المتطلعين إلى العصور الجليدية لكي يجعلونا نتراجع عن مشروعنا التقدمي لبناء العراق رغم ذا وذاك فان وحدتنا في الحقيقة هي ساطعة كعين الشمس وان مسؤوليتنا الوطنية والأخلاقية تحتم علينا جميعا أن نقف لعراقنا وقفة شجاعة ولا نجعل للعابثين والظلاميين مجالاَ لينفذوا منه بين صفوفنا فلابد "لليل أن ينجلي ولابد للصبح أن ينبلج".

 أن دعوة ومبادرة دولة رئيس الوزراء للمصالحة الوطنية بمعناها العام هي مصالحة بين الأخوان وليست مصالحة مع الأعداء هي بين الأخ وأخيه داخل البيت العراقي الواحد حقاَ هي مبادرة غير مسبوقة من حكومات العراق الجديد ليس منا أعداء عراقيين كي نتصالح معهم فالجميع أخوة أما من يعمل من اجل تدمير العراق وتفرقة أهله وشعبه فهو ليس عراقي وهذا ليس لنا أن نتصالح معه أو نصالحه أو حتى يدار حديث معه حول العراق ومستقبله ولابد أن يكون واضحاَ بان الذي يهدد ويهدر امن العراق وامن الناس لن يجد له أمناَ.

 لابد أن يكون حوار العراقيين هذه المرة حوار الفرسان حيث الوجه للوجه وليس حوار الطر شان وليس حوار من وراء حجاب يجب أن نبتعد عن الرعونة السياسية لنخرج من هذا النفق المعتم والمظلم والخطير.

 ومن الضروري أن نستذكر جميعا قول الله تعالى "وان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأتقوت" إذا أردنا أن نبني مجتمعاَ متكاتفاَ سليماَ لابد أن تكون المصالحة والمصارحة والحوار من الأساسيات التي لابد من مباشرتها واعتقد أن الحكومة الجديدة حكومة المالكي تعي ذلك جيداَ فالحوار مطلوب مع كل الأطراف التي يمكن التحاور معها وان في مقدمة مبادئ المصالحة هو العفو ولدى حكومة المالكي رؤية شاملة حول هذا الموضوع وقد بادرت مشكورة بإطلاق سراح 3500 سجين إثباتا عن حسن نية الحكومة وجديتها في المسير قدماَ من اجل إرساء الأمن والسلام في العراق الجديد وغير مخفي أنها الحكومة الوحيدة التي شكلت وزارة للحوار الوطني أكثر من ذلك جدية لن تكون.

 أن العراق جزء من الأمة الإسلامية واعتقد أن من مصلحة المسلمين جميعا أن يكون العراق آمناَ مستقرا معافى وقد آن الأوان لكي يعي الجميع أن العراق سائر نحو تعزيز وحدته لامحال فأن لم تستطيعوا مساعدة العراق في إرساء أمنه واستقراره فارفعوا أيديكم وابعدوا غلمانكم عنه  واتقوا الله فيه وتذكروا قول الشاعر:

فأحرص على عمل تكون أذا بكوا         في يوم موتك ضاحكاَ مسرورا

فوالله ليس هناك أسوأ من العبث بمقدرات وأرواح الناس ولاذنب اكبر من هذا الذنب وغير مقبول أي عذر أو ذريعة في هذا فوالله من قتل مسلماَ بريئاَ كأنما قتل الناس أجمعين لاعذر اليوم لمن يريد للناس أن يقتتلوا ويتفرقوا طوائف وحلل وملل وأنها لفتنة كبيرة لاتغتفر وان الله "ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله أن كنتم مؤمنين" العراقيون بناة حضارات وليسوا رعاع حتى تستطيعون العبث بمصيرهم إلى مالا نهاية وان حكومتنا الرشيدة الجديدة ماضية قدماَ في مشروع المصالحة الوطنية فهو السبيل لوحدتنا ولقوتنا وحماية دولتنا وعراقنا وتذكروا قول الله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعاَ ولاتفرقوا " وان على دولة رئيس الوزراء أن يواصل الليل بالنهار من اجل إسعاد العراق وأهله واذكره بقول الشاعر :

انفع بما أعطيت من قدرة               واشفع لذي الذنب لدى المجمع

أذ كيف تسموا للعلى يافتى              أن أنت لم تنفع ولم تشفع

عندي لهذا مثل صادق                    ينبوء أهل الخير فأسمع وع

قالوا استوى الليث على عرشه         فجيء في المجلس بالضفدع

وقيل للسلطان هذي التي                    بالأمس آذت عالي المسمع

تنقنق الدهر بلا علة                          وتدعي في الماء ما تدعي

فأنظر أليك الأمر في ذنبها                 وأمر نعلقها من الأربع

فنهض الفيل وزير العلا                     وقال ياذا الشرف الأرفع

لاخير في الملك وفي عزه                 أن جاء ضاق الليث بالضفدع

فأمر الليث أمانا لها                         وزاد أن جاد بمستنقع

انفع بما أعطيت من قدرة                واشفع لذي الذنب لدى المجمع 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com