حكاية ابو أنور ... تستحق القراءة ويستحق التكريم

احمد مهدي الياسري

رغم المحن وظلام الافق وقتامة المأساة وسوداوية الارهاب تبرز في من عمق الارض العراقية ضواهر لايسعني الا ان اقف معها وقفة اجلال واحترام وان امنحها من جهدي ماتستحق من التفاتة عل الذي اقوله يتحول الى شئ من الوفاء لهذا الفعل العراقي الانساني ان لم يكن قبلها الفعل الذي انتجته مدرسة الاسلام المحمدي وان تديم هذه الالتفاتة وترسخ فعل الخير في ارض الواقع المرير بعيدا عن الخطاب الفضفاض والذي لايغني او يسمن من جوع وان نؤسس لمدرسة خير العمل والعمل الحقيقي بعد فهم النظرية الانسانية والاخلاقية والاسلامية التي طبلنا لها كثيرا من دون ان نباشر التطبيق الا فيما ندر من الحركة التي تقوم هنا او هناك من قبل بعض الافذاذ الخالدون انشاء الله في سفر التاريخ الانساني بخلود اعمالهم وماتركوه من صدقة جارية تغنيهم عند الحشر عن لؤم العباد وترزقهم دوام العز في الجنان والبقاء السرمدي حيث لانصب او جوع او الم .

قد يكون الامر بالنسبة للاخرين ممن ينعمون بنعم الحياة والدنيا خارج الوطن امر بسيطا ولكنه في حي المعلمين وفي مدينة السماوة مدينة الثورة العشرينية والفالة والمكوار, مدينة الكرم والخير والطيبة والسلام وفي ظروف مثل التي يمر بها العراق من تغليب شرعة الموت السريع والقهر الفضيع والاجرام الشنيع والانا والحقد وحب الذات واللهاث وراء المصالح والمناصب الدنيوية البالية بلاء شرها, ومع الفاقة والفقر ورغم الخصاصة تبرز ضاهرة ابا انور ذلك الرجل الكريم و الذي حينما زرت الوطن لاول مرة وانا كنت في مدينة بعيدة جداعنه ولكن فعله وعمله كان اول ما طرق مسامعي في تلك الجلسة التي كنت اجلسها مع الاهل والاحبة وكانت حديث الساعة , ولان فعله كان في صميم حياتهم وفي ادق شجونهم ولان فعله هو من اشرف واطهر وانمى وازكى الصدقات كانت تتناقله الالسن.

اليوم ذكرتني الفضائية العراقية به حيث ذهبت مشكورة اليه في الحي وسجلت معه لقاءا ومع اهالي المنطقة وكم احتقرت نفسي انني لم اكتب عنه واقولها هنا لابي انور الطاهر انني اعتذر منك ايها العراقي الاصيل والعذر مقبول عند الكرام وانت كريم ولا احتاج الى عناء لان تقبل عذري , ولكن الذي شغلني عن ان اكتب عن تلك الافعال التي تقوم بها انما هم قتلة العراق وخفافيش الظلام وسود الوجوه ضواري الحقد وبعث الاجرام وسفلة التاريخ , هؤلاء الذين يذبحون امثالك ايها الشهم العراقي السماوي الاصيل وكنت منشغلا بحربهم علي امنعهم من الوصول اليك, وهنا اسجل انني قصرت في ابراز تلك العينات الخيرة في وطني واعاهدك ابا انور اني ساكتب ما اقاتل به هؤلاء واكثر منه عن امثالك في هذا العراق لكي لايقال ان في العراق خفافيش فقط ولكي نعطي الامل لبقية الشرفاء من ان يعوا ان الامل مع رحمة الله الواسعة هو في متناول اليد لا بل هو اقرب الينا من حبل الوريد وما علينا سوى التمسك بتلك العروة الوثقى والاتكال على من لايغفل او ينسى فمن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب .

حكاية ابو انور هي حكاية تستحق ان تسجل في سفر الكرماء لان من يعطي رغم الخصاصة وضيق الحال ويهب من العطاء مايسر القلوب لا بل مايحيي الانسان وما يجعل من الكثير من ابناء تلك المنطقة في حال من الفرحة والبهجة والاسترخاء والسعادة لانه قد منحهم اعز مايفتقده الكثير من ابناء العراق وهي نعمة الكهرباء تلك النعمة التي تجلب النسمة الباردة في اشد ايام العراق من حر الهجير ولضى نيرانه التي تصل اقسى المديات وكم من الارواح زهقت نتيجة تلك الحرارة وكم من الآثار السلبية التي تخلفها ارتفاع الحرارة فضلا عن شؤون الحياة الاخرى من توفير الطاقة لعيادة الطبيب ليواصل عمله وللبقال ليحافظ على المأكولات التي يبيعها للعامة وللحام ولغيرهم من الاعمال الضرورية لادامة حياة الانسان .

اقتطع ابا انور من بيته جزءا ومن صحته ومن ماله ومن عرقه ومن كرمه اجزاءا كبيرة لكي يوفر لابناء حي المعلمين في مدينة السماوة الطيبة الكهرباء المجاني وعلى مدار الساعة واقولها له انني مدين لك ايها الرجل الكريم حينما زرت ذلك الحي لزيارة احب الناس الى قلبي هناك وبعد فراق سنين طويلة و في اشد الايام حرا وهو شهر تموز القائض وحينما انقطع الكهرباء سمعت خالي الطيب يقول الان سياتينا كرم ابا انور رعاه الله وفعلا ماهي الا لحظات حتى هل النور والنسمات الطيبات وتحولت الظلمة الى الق وبريق امل في الحياة وكان في الدار عجوزين مريضيين ولكن كهرباء ابا انور هما من يجعلانهم في راحة افضل من تلك التي لو كان الكهرباء غير موجود, واستلقيت اغفوا ونسيم الهواء البارد يحتويني لان ابا انور يسهر على ان ينشر الراحة الى الجميع فاي فعل اكرم من فعلك هذا ايها الرجل الحاتمي الطائي الكريم .

الحي كله يشهد لذلك الرجل الشهم والذي يصر ولايتقبل وبشدة لا بل يغضب كما سمعت ان عرضت عليه مساهمة او ان يساعده احد ويساهم معه في تكاليف تلك المهمة التي اغبطه واحسده عليها, حسد من يتمنى لو يتمكن من فعل فعله والعمل على ان يقدم لهذا الشعب الطيب جزءا بسيطا من الخير لكي يسعده وسط هذه الامواج العاتية من امواج الغل والحقد الطائفي والارهابي البعثي الصدامي القذر.

هذا الرجل يتحمل ضوضاء المولدة الكبيرة ويتحمل كل التكاليف من شراء الوقود وغيرها ويدفع ذلك من جيبه الخاص ورغم اني وقتها لم اتوفق لان ازوره واقبل جبينه الطاهر ويديه الكريمتين لان الزيارة كانت قصيرة لذلك الحي الطيب والجميل ولكني هنا اسجل امام العراق وحكومته ان هذا الرجل يستحق منكم كل التكريم واجزله وانا متيقن ان هذا الرجل ان كرم بمال او اي شئ فانه سيتبرع به ويشتري مولدة لحي مجاور وعليه فعلى مسؤولي المحافظة وحكومة المركز والسيد رئيس الوزراء ان يولي مثل هذه الضواهر الراقية والتي تنم عن اصالة العراقي الشريف كل العناية والاحترام وان تعطى لهم كل الامكانات لادامة الخير الذي يقومون به فاسعاد انسان فقير بنسمة كهرباء وان تشتغل ام طيبة بماكنةالخياطة لتخيط لاطفالها ثياب المدرسة لكي يتعلم ابنائها ولايشعروا بضيق حينما تكون ملابسهم ممزقة ورثة وايضا ما يجلبه لها هذا العمل من رزق يسد رمق اطفالها والذين قد يكون اغلبهم قد غيب صدام او الارهاب ابيهم في غيابت المقابر الجماعية والاعمال الارهابية القذرة لهو واقسم بالله من اقدس واطهرواكرم الاعمال عند الله وخصوصا في وقت عصيب من تاريخ العراق الدامي والظلامي الدامس.

لفعل ابو انور في ظل الظروف الصعبة في العراق الاثر الكبير في تعزيز روح الايثار والعطاء وتنمية روح الخير والعمل الجاد والمخلص في كل جوانبه وهي من الاعمال التي تضفي روح المودة والرحمة والتكافل بين ابناء الحي الواحد ولو استطعنا ان نوجد مثل ابا انور في كل حي لكان قد اصبح ليل العراق كصباحات جميلة ولاسعدنا الكثير من ابناء هذا الشعب المظلوم ولاعطينا الارهاب الاعمى درسا في معنى الحياة والتي ارادها الله لعباده في الارض لاحياة حز الرؤوس وقطع الاعناق والتمثيل بالشهداء واغتصاب الحرائروتهجير الفقراء ونشر الخسة والوجوم في ارض السلام , وتكريم ابا انور بما يستحقه عمله وصبره وايثاره سيعطي الكثيرين الحافز للاقتداء به وبما يقوم به ولولا بعد المسافة وظروف الغربة لبحثت في العراق وكتبت عن الكثيرين ممن هم على شاكلة ابا انور الرائع وانا متيقن ان هناك الكثير منهم ولكن لايوجد هناك تسليط اعلامي عليهم وهذا مع شديد الاسف من العيوب الكثيرة التي يعانيها الاعلام العراقي والذي ينشغل بتصريحات الارهاب واقوال القتلة والمطبلين لهم والضواري الصفراء المسمومة والكالحة الوجوه بينما افعال هؤلاء مغيبة رغم انها من الاعمال التي تهم هذا الشعب اكثر من ان تسمع حركة زعيم الارهاب الضاري بين عربان الخزي والعار .

تحية لك ايها العراقي الاصيل ابا انور واعدك ونذر في عنقي انني ساقبل اياديك الكريمة وجبينك الطاهر حالما اراك لانها ايادي الخير والكرم والجود والعطاء في زمن عزت فيه الرجال وشمخت فيه الوضاعة وهي فارغة منخورة .

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com