|
عقاب الله للمجرمين تربية للمجتمع محمد البحراني لم أتصور بأنه يأتى ذلك اليوم ونرى فيه صدام حسين يقفُ أمام القضاء العراقي لكي يُحَاكم على ما أقترفت يداه من مجازر بحق الشعب العراقي وهو لايزال يعتقد بأنه الحاكم الشرعي للعراق وهذا الأمر زُين له من قبل أتباعه المرتزقة وأنه مجاهد بحيث يتميز بصفات قد لا تجتمع في رجل واحد وهذا التمجيد الأعوج لم يأتى من عبث وإنما هو حالة فريدة ٌمن نوعها فلكى تصل إلى أعلى المراتب القيادية أبان حكمه في العراق يجب أن يكون لديك الولاء الكامل لحزب البعث وِمن الخطب المشهورة لصدام حسين التي يقول فيها (الذي يقف أمام حزب البعث مهما كان عددهم ألف أو ألفان سوف أقطع رؤوسهم الواحد تلو الآخر) وبالفعل كان من يتولى المناصب الرفيعة من البعثيين الجهلة الذين لم يكملوا دراستهم الأكاديمية فعلى سبيل المثال الرجل الثاني في النظام السابق (عزة أبراهيم الدوري) كان يشتغل ببيع الثلج مع والده وانتمى لحزب البعث وارتفع نجمه فيه بسرعة بعد انقلاب يوليو/ تموز عام 1968 فكيف يصل رجلٌ مثل هذا إلى المناصب الوزارية وهو لا يمتلك الكفائة العلمية الموجودة في الكثيرين في تلك الفترة. وهذا لا يُشَكل أستغراباً في ذهن الكثيرين وخصوصاً العراقيين فإن الأمر في السلطة العراقية كانت مختلفة عن بقية الدول وبشكل آخر كانت مسنثناة بحيث يصل الرجلُ منهم إلى المناصب الرفيعة من دون أن يكون لديه الخبرة العلمية أو لديه شهادات عالية لكي يتولى هذه المناصب، غايةُ مافي الأمر هو الولاء الأعمى والمطلق لصدام ولحزبه المقبور الذي هو عبارة عن عصابة من المجرمين القتلة يديرون البلاد حسب عقليتهم العسكرية القمعية والهدف الأساسي لهذا الحزب كان منصباً على شئ ٍ واحد وهو محو المعارضة الشيعة من العراق ورفع شعار (لا شيعة بعد اليوم كما هو في الأنتفاضة الشعبانية آذر 1991 م) ما أريد التوصل إليه هو أن الولاء للوطن هو بذاته ولاءٌ للدولة بعكس الولاء للدولة لتي تمثلها السلطة المستبدة والديكتاتورية فتعتبر خيانة للوطنية ولم يُعرف للولاء وجودٌ لدي العرقيين للدولة بهذا المعنى وأنما الشعور الوطني كان يرتبط عند العراقيين بالشهادة والتعذيب والتهجير القسري فالدولة العراقية تحولت بعد أربعة عقود إلى مجرمٍ يقتل كلُ من يسول له نفسه التفكير في المؤامرة الأنقلابية فكانت البذرة الأولى لهذه المدرسة الهمجية هو في عام 1968 م فعندما تعاون حزب البعث بقيادة أحمد حسن بكر مع التيارت القومية وعسكرية آدى إلى الإطاحة بالحكومة العسكرية لرئيس الوزراء عبد السلام عارف، فكان لصدام حسين الدور الرئيسي في الأنقلاب السلمي التي وضعته على السلطة كنائب للرئيس فمع تقدم البكر بالعمر اصبح نائبه صدام حسين الرئيس الفعلي للعراق. ومن هنا دخل العراق في حقبةٍ تاريخية لم تشهد لها مثيل يحكمه رجلٌ لا ينام إلا أذا سمع بقتل عدد من الناس أو تعذيبهم حتي الموت وبدء بالتصفيات الرهيبة للعشرات من الابرياء العراقيين و بقتل رفاقه في قيادة حزب البعث في العام 1979 م وخرجت مدرسة أجرامية دموية على يديه من (قصرالنهاية) وهو قصر الرحاب الذي كان يسكنه الأمير عبدالإله الوصي على عرش العراق، وقد سمي بقصر النهاية لأنه شهد نهاية العهد الملكي في 1958م أ وبمعنى نهاية التحقيق ونهاية الإنسان، إذ قتل فيه الملك فيصل الثاني وخاله عبد الإله وجدته الملكة نفيسة (ام عبدالإله) وبعض الأميرات ولكنه تحول بعد انقلاب البعث في 17/7/1968 الى معتقل ضم العديد من المعتقلين ومن كل الجهات بعد ان بنيت فيه زنزانات كثيرة، والملفت للنظر بأن الغرب يعدُ سجن آل كاتراز هي من أشهر السجون التي بنيت في قرن العشرين لجمع أكبر مجرمين في العالم في وسط البحر بيد أن (قصر النهاية) كانت على اليابسة وتبعد عن الأحياء بعدة أمتار يعذب فيه الإنسان طوال الليل والنهار لمدة أسبوع مثلاً حتى يموت أو ينقل إلى المستشفى بأشد أنواع التعذيب حيث لا عينٌ رأتْ ولأذنٌ سمعت فكانت قيادة حزب البعث متمركزة في قصر النهاية، وحينما تريد ان تتسلى وتكسر الملل تحضر احد المتهمين، ويوجهون اليه الاهانات، ويتسلون بتعذيبه بأيديهم، ثم يبلغونه انهم سيعدمونه، وهكذا الحال بعدما هُدمَ هذا القصر من غير رجعة كان سجان العراق ينام ولا يرتجف من جسده شعرة واحدة كما كان يقول. ومن الظلم والقساوة أن يدافع من يدعي الإنسانية عن الظالم فأن الظلمة يقتلون المبادئ والقيم والعزة وأن كانوا يملكون أجساد الناس ويسيطرون على أموالهم فإنهم لا يستطيعون أن يملكوا أو يتحكموا في قلوب العباد لأنها بيد الله وحده فيجعل الله المحبة في قلوب الخلق لمن أحب ويجعل البغض في قلوبهم لمن أبغض فأن عقاب الله للمجرمين تربية ٌ للمجتمع لكي يتضح للبشر بأنه لا يمتلك لنفسه شئ وأنما هو عبدٌ لله ضعيفٌ ذليل ولو كان الإنسان يعلمُ بأن شقاء الدنيا والآخرة ناتج من الظلم مادنا من ظلم ِ أحد فأراد الله أن يؤدب هذه الأمة بأمثال هذه القائمة السوداء، بسبب ذنوبها، وعتوها، وبأكلها للربا، وخيانتها لميثاق الله تعالى فوضع هذه الكوابيس على أكتافها، لتعود إلى ربها. فبعد كل هذا الظلم يقف ُ أعظم ظالم عرفته الأمة وهو(صدام حسين) الذي عادى العلماء لأنهم حملة حق وصاحب السفهاء لأنهم رواد باطل يقفُ بين يدي القاضي عبدالرحمن عبدالرؤوف ذليلاً يدعي الصلابة والبسالة يبتسمُ بين فينةٍ وأخرى فأنه طاغية ٌ في تاريخ الأمة فكان سيفه مشرعاً في وجه كل من يخالف وكانت إبادته للحريات ماضية واستيلائه على الحقوق نافذة ومع ذلك كان يصفق له المبطلون ويمدحه المادحون ويشيد بعدله المنافقون.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |