|
قد تستسهل الأمر قبل المضي الى محتوى إرادتي وتحسبها خارج اولويات برنامجك، وقد تأخذها بمحمل الجد وخطورة المحتوى فتشمّر لها ساعديك لتضع الحق في موضعه فيسلم الجار والدار. حسنا قصدت الإنحياز الى الكل، كل الشعب وكل الوطن لقد حملنا التفائل وربطنا على قلوبنا أن تحفظ هذه الكلية أولا، لأنها الحق ومن كان مع الحق كان الله معه ومن كان الله معه فهو ناصره . نعم حين فرض عليك تشكيل الحكومة بعض الشروط أشرت بلغة الدستور فذكرت في برنامجك الحكومي المادة 140 من الدستور العليل. علما أن ما قصدت بها هو الإملاءات الباطلة للأحزاب الكردية الطامحة في الإعتراف بإستباحة كركوك ، من دون أن ترسل خطابا للمواطنين التركمان اللذين هم الطرف المعتدى عليهم لتطمئنهم بأن تطبيق المادة المذكورة تعني تطبيق العدالة وبالإعتماد على المرجعية الفاصلة التي تحسمها البيانات والوثائق الحكومية الرسمية والتحقيقات التفصيلية عن كل من يدعي أنه من أهالي كركوك. لقد ذكرتم بمقدار الحاجة لهذا وذاك حقوقهم والتحاور معهم وإنصافهم إلا مفردة واحدة كالعادة إنحسر عنها البيان وعجز عن ذكرها اللسان، وهي قضية التركمان وحقوقهم ومدينتهم العريقة كركوك حيث تؤجج الأحزاب الكردية الأزمة فيها لإبتزازهم وفرض التسويات عليهم. نعم لم ولن تكون كركوك يوما أرضا كردستانية ولا جزءا من الأقليم المبتغى لهذه الأحزاب الكردية وان الحاق كلمة(استان) الفارسية التي تعني المحافظة أو الأقليم لكلمة الكرد على غرار لورستان وخوزستان وتركمنستان وباكستان مسموحة للأذواق القومية فحسب ولكنها لن تخلق المعجزة أو تمنح أحدا حق ملكية غيره لسبب بسيط هو ان كركوك جزء من كركوكستان التركمانية هذه هي الطبيعة ولا تغيير لخلق الله . نعم من الضرورة التأكيد على حقيقة مؤسفة هي أن السياسات التي بدأها النظام البعثي في كركوك لا زالت مستمرة ولم تتغير إلا لغتها فقد إستكردت تماما وهي ما لا نرضى لإخواننا الكرد أن يوصموا بعارها، مع أننا نميّز بين المواقف التي تتبناها الأحزاب وموقف الشعب الكردي ومثقفيه الرافض لسياسات التكسب من الأزمات ومعانات الآخرين، بينما التركمان وهم إخوتهم في الدين والوطن والجوار يشدّون جراحاتهم ويكتمون غيظهم وآلامهم رجاء الفرصة التي تقضي لهم بالحق لتنجلي غبرة الأيام الحالكة ويعود الصفاء والوئام من جديد، فهل المالكي مالكها وصاحب الإرادة القوية في أنسنة الدور الحكومي في كركوك والعراق معا والمحاسب الشديد المراس في متابعة الأخطاء والمظالم؟ إن سياسات التغيير السكاني في كركوك كانت لها دوافعها المعروفة سابقا وأهمها النفط وهي نفسها الحاكمة في عهد سلطان الأحزاب الكردية اليوم حيث يعتبر التغير السكاني في كركوك مطلبا قوميا يمهد لحلمهم الطويل في إقامة دولتهم المفقودة منذ طوفان نوح (ع) متجاهلين أن هناك شعبا عريقا هم أهلها التركمان وربّما غرّ الطامعين حلمهم فظنوا بهم ظن السوء أن لا حيلة لهم من مكائدهم فزوّروا ومكروا ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) ، هذا هو قدرنا عندهم في العراق الجديد مع أن الإخوة الأكراد لم يأتوا الى كركوك إلا بعد إكتشاف النفط فيها وعهدهم قريب جدا تؤرخه مقابرهم وبيوتهم وحجمهم المتواضع فيها وتؤكده جميع الوثائق الرسمية الحكومية وسجلات النفوس والطابو والتعليم وشهادات التخرج الجامعية والمدارس حيث هم الأقلية القليلة--- . وفي إطار الإستنجاد من أجل الغايات المعروفة كانت إشارات الأحزاب الكردية عن موافقتهم ضمنا لحركة التنصير في بعض مناطق الشمال الواقعة تحت نفوذهم لدغدغة المشاعر الكاثولوكية التي تحرّم الطلاق وتعدد الزوجات أصلا وهم الأكثر دهاءا في تمييز المشاعر الدينية والروحية المسيحية عن النوايا السياسية للأحزاب الكردية ولا شك أن هذه السياسة سوف لن تجني غير الخيبة، لأن اللوبي المسيحي علماني برغماتي أولاً فلا يضحي مصالحه مع دول المنطقة ذات الإمكانيات اللامحدودة من أجل أحزاب موضعية صغيرة تعيش في أجواء قلقة ومحصورة بين جبال من المعادلات الإقليمية العتيدة والقوية والمعارضة ولا مخرج لها الى الهواء الطلق أو البحار وهو العامل الوحيد الذي ساعد قيام إسرائيل كوجود وكان ذلك ضربا من الخيال لو وقعت بين دول العرب من دون ساحل الى البحر مهما كانت لليهود من إمكانيات حيث على أثره كانت الإنتكاسات التاريخية المتكررة للأحزاب الكردية كما حدثت بعد توقيع إتفاقية الجزائر عام 1975 عندما نقضوا كل وعودهم وقلبوا عليهم ظهر المجن وأن محاولة بعض الكتاب المغفلين والأقلام المأجورة في الإيحاء بأن المعادلات قد تغيرت وأنهم صادقون في هذه المرة نقول لهم إنتظروا إنا معكم منتظرون ولتعلمن نبأه بعد حين . لقد تجاهل الدستور عن قصد ونية مبيّتة من بعض الجهات المقرّرة له حقوق التركمان الأساسية وسمح التعدي عليها عبر تشريعات مهّدت لإستباحتها فهيّأت كل أدوات الجريمة فكانت المادة 140 واحدة منها وكذا المواد المتعلقة بتوزيع الثروات وترجيح إجتهادات الأقاليم على الحكومة المركزية وطبيعة الفدرالية وإعتبار اللغة الكردية المحلية الموجودة في الجزء الكردي من شمال العراق وحدها مع العربية لغة رسمية لكل العراق بما يستتبع هذا الإعتبار من تفاصيل مخيفة تلوّح بالخطر الجسيم لمستقبل العراق بالإضافة إلى أنه يعتبر تمييزا عنصريا وقوميا لا يقوم على أساس من العدالة وإعتقادا منا بحكمة الصبر بغية إستقرار الأمن ومشاركة آلام العوائل التي تفتقد أعزائها يوميا بفعل العمليات الإرهابية القذرة نذكّر المسؤولين وكل من يهمهم العراق السليم وشعبه المعافى بأن في كركوك شبه من ناقة صالح وفعل ثمود إن عقرت ، حيث أن الذي قتل الناقة كان واحدا ورضي ثمود لفعله فعمهم الله بالعذاب (وتلك الأمثال نداولها بين الناس) .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |