|
الضيافة العربية للإرهاب د. جرجيس كوليزادة / اربيل ـ العراق بتراجع الخط البياني للإرهاب والعمليات الانتحارية في العراق بعد مقتل زعيم القاعدة في بلاد الرافدين، وتقدم الإداء الأمني والتسليحي والمهني لقوى الشرطة والجيش والأجهزة الأمنية والإستخبارية العراقية، فإن الحالة الأمنية بدأت تسجل رسما تصاعديا في التحسن والسيطرة على منابع الارهاب المتعددة في داخل العراق وخارجه، وضمن هذا التقدم في الواقع الأمني فإن الخطوة الأمنية في الكشف عن رجال النظام السابق وأنصاره من العرب الداعمين والممولين للإرهاب للمطالبة بهم من قبل السلطات القضائية من الدول المجاورة، تأتي خطوة هامة ضمن السياق العام لبرنامج الحكومة العراقية لبسط سيطرتها على جميع الأمور المتعلقة بالأمن الوطني والقومي للأمة العراقية لمجابهة الارهاب المصطنع والمستورد من قبل الصدامين والإرهابيين والتكفيريين، لتوفير الأمن والاستقرار للعراقيين في عموم أنحاء البلد. وضمن هذا السياق، تأتي الخطوة العراقية بالمطالبة ببعض رموز النظام السابق الهاربين الى الدول المجاورة للعراق، خطوة في غاية الأهمية، للتعامل معهم قضائيا أمام السلطة القضائية، لأن التحقيقات الإستخبارية العراقية على ما يبدو إنها توصلت الى أن هذه الرموز الصدامية والعربية التي جاءت في قائمة المطلوبين لها دور مباشر وفعال في تدعيم وتمويل الارهاب من خلال توفير الأموال وتأمين العناصر وتدريب الأفراد وتدبير المستلزمات والمتفجرات والمواد والسيارات والآليات وتأمين الأعلام العربي وتشويه الرأي العام، لقتل العراقيين الأبرياء وخلق الإضطرابات الطائفية والمذهبية لضرب الوحدة الوطنية وضرب العملية السياسية في العهد الجديد التي تشارك فيها جميع القوى والأحزاب والحركات السياسية والاجتماعية العراقية. ومما يبدو للعيان، من خلال القائمة التي كشف عنها مستشار الأمن القومي للحكومة، ان الرموز القريبة من راس النظام السابق، كبناته وزوجته وأقرباءه ومقربيه السابقين، تعيش كضيوف أعزاء مكرمين في ضيافة قصور وعوائل أميرية وملكية ورئاسية لدول خليجية وعربية مجاورة، دون حساب أي اعتبار للشعب العراقي من قبل ملوك وأمراء ورؤساء تلك الدول، ودون حساب أو مراعاة أي اعتبار لمشاعر العراقيين ولآلاف الضحايا من الأبرياء الذين يستشهدون في الساحات والشوارع من جراء العمليات الإرهابية والإجرامية التي ترتكب بحقهم بتمويل ودعم مباشر وغير مباشر من تلك الشخصيات الإرهابية التي استقبلتهم تلك الدول بضيافة مكرمة من أعلى هرم رسمي في الدولة دون وازع ودون ضمير ودون حساب لأي اعتبار إنساني وإسلامي. ولا شك ان هذا النوع من الضيافة الملكية والأميرية والرئاسية العربية للإرهاب، واحتضان رموز شريرة غير إنسانية بكل معاني الكلمة عملت كأدوات بشرية ومادية على قمع واضطهاد واستبداد الأمة العراقية طيلة عهود النظام السابق، خاصة منها الشعب الكوردستاني وشعبنا من الشيعة في الجنوب لعقود طويلة بكل وسيلة ممكنة شرعية وغير شرعية، هذا النوع من الضيافة يشكل صدمة أخلاقية في سلوكيات وقواعد الضيافة وأخلاقيات قادة العرب، ويشكل خرقا فاضحا للمباديء الإنسانية الواردة في لوائح الحقوق المدنية للأمم المتحدة وخرقا متعمدا لحقوق الجيرة حسب المواثيق الدولية ويشكل بادرة انقطاع قوية لدفع الحالة العراقية الى عدم الاحتفاظ والتمسك بالخطوط العربية التي تربطها بالعالم العربي والإسلامي. لهذا فإن الدعوة العراقية تأتي في وقتها المناسب لإيقاظ ضمائر قادة العرب للدول المجاورة والخليج وأصحاب تلك القصور التي تستضيف ضيافة عربية أميرية وملكية وجمهورية لرموز إرهابية من المقربين لرئيس النظام السابق وأعوانه في قصورها ومنازلها المحسوبة على شعوب تلك البلدان، لإخراج تلك البؤر الشريرة من مكامنها التي تتفيء بظلال الحماية الملكية والأميرية والجمهورية المستفيئة بخصال الضيافة العربية جورا وبهتانا، وتسليمها الى يد العدالة للسلطات القضائية العراقية لتنال مصيرها المستحق بعدالة وشفافية العهد الجديد الذي عبر عنه النموذج القضائي للمحاكمة الجنائية لصدام وأعوانه في قضية الدجيل. ولا شك إن الموقف المطلوب في هذه الحالة المتعلقة بالوضع العراقي، أخلاقيا وإنسانيا وسياسيا وسلوكيا ومهنيا، من المعنيين في الدول والبلدان المعنية بهذا الأمر، هو الاستجابة للدعوة العراقية وغلق الصفحة المحبرة بالنقاط السود تجاه العراقيين، وفتح صفحة جديدة مسطرة بمواقف إنسانية أصيلة تجاه العراق الجديد، لأن الحالة الجديدة التي برزت لدى الأمة العراقية بدأت تقف على قدميها بثبات ورسوخ، وبدأت بفتح منافذ القوة على الصعيدين الداخلي والخارجي للتعامل مع الارهاب الذي أخذ يفتك بأرواح العراقيين من فترة دون رحمة ودون شفقة بتمويل ودعم من الصدامين والتكفيريين ومن بعض العرب والأجانب في الخليج والدول المجاورة، ومما لا شك فيه ان هذه المنافذ العراقية أصبحت تملك من القوة والقدرة مما تؤهلها أن تعطي تأثيرها الفعال على الساحة السياسية في المنطقة في القريب العاجل، لان حق المطالبة ستطرح بقوة حتى لو أدت ذلك الى خلق أزمة مع الدول المعنية، وفي هذا المجال، فإن الأبواب المفتوحة أمام العراقيين باتت تأخذ بالاتساع وبدأت تكتسب أسباب القوة والفعالية، وهي تنحصر في المجالات التالية: - المطالبة بتلك الرموز الإرهابية من خلال الإجراءات الأصولية، التي تتضمن الاتصالات الثنائية والمطالبة الدولية من خلال الانتربول. - اللجوء الى مجلس الأمن الدولي للحصول على قرار دولي ملزم بتسليم تلك الرموز من قبل الدول والبلدان المعنية الى السلطات القضائية العراقية. - اللجوء الى استخدام أوراق سياسية وضغوطات سياسية واقتصادية للضغط على تلك الدول المعنية. هذه المجالات التي أشرنا اليها، تمثل أولى الوسائل الشرعية المفتوحة أمام العراقيين، لمطالبة الدول المجاورة ودول الخليج، بتسليم تلك الرموز الإرهابية التي وردت أسمائهم في القائمة التي كشف عنها الحكومة العراقية، ولا شك أن هذه الوسائل تمتلك فعالية مؤثرة للضغط على الدول المعنية بهذه المسألة لتحقيق مطالب العراقيين، ولكن مع هذا نتمنى على تلك الدول ان تبادر هي بنفسها الى تسليم المطلوبين الى العدالة والقضاء العراقي لإجراء محاكمة عادلة لهم تسترد فيها حقوق العراقيين الأبرياء الذين سقطوا شهداء نتيجة الأعمال الإرهابية التي أديرت بتمويل ودعم من تلك الأسماء الشريرة. ولا شك أن الحكمة السياسية من طرح هذه القائمة للحكومة العراقية تشكل بادرة جيدة وخطوة هامة لكشف الجهات والرموز والشخصيات التي تقف وراء الإرهاب التي تسعى بكل قوة ان لا تقف هذا العراق الجديد على قدميه لينعم بحريته وتجربته الديمقراطية الناجحة التي أخذت بالرسوخ والثبات على الساحة السياسية للأمة العراقية، لهذا نأمل من أصحاب الملوك والأمراء والرؤساء للدول المجاورة وبلدان الخليج ان تستجيب لهذه المطالبة العراقية بعين الحكمة والمسؤولية لإخراج العراق والمنطقة من بؤرة الارهاب التي كادت أن تنجح في دفع المنطقة الى نار من الجحيم السعير، فتصدى لها العراقييون بإيمان وقوة راسخة بقوة الأمة العراقية للخروج من هذه الأزمة العاتية التي بدأت بالخفوت نتيجة إصرار وثقة الامة العراقية بنفسها وبحاضرها وبمستقبلها الزاهر.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |