لا ترقعوا بكاراتهن بل عقولكم!

نزار جاف

nezarjaff@gmail.com

قبل كثر من سنة، جمعني القدر على طاولة واحدة في إحدى الكافيتريات المزدحمة في مدينة"كولونيا"مع فتاتين اوربيتين"اسبانية و بولنديـة"، وقد كان لإزدحام المكان سببا في دفع الفتاتين للإستئذان مني بالجلوس الى طاولتي، ومنذ البداية قالت إحداهما لي: أنت إيطالي، أنا واثقة من ذلك. و هي ليست المرة الاولى التي يظن فيها إنسان بإنني إيطالي، ولكنني أحببت أن لا أنكر هذه المرة، ولذلك تظاهرت بذلك.

وبعد مضي مدة وجيزة، طفقت أبادلهما الحديث، وعلمت إنهما فتاتان لعوبتان و لهما مغامرات"الكثير منها"مع رجال"نفطيين"كما سميتا القادمين من بلاد الذهب الاسود، وأوضحتا بأن"النفطيين"يرغبون فتيات"طازجات"يقومون بأنفسهم بفض بكارتها، ولأجل ذلك"حسب كلامهما"قامتا ولكثر من مرة بعملية جراحية لترقيع بكارتيهما كي تمثلان دور عذرائين أمام فارسين قادمين من بلاد النفط.

هذا الحديث تذكرته و أنا أقرأ فيCNNعن ذلك التحقيق الصحفي بشأن الاطباء الاوربيين الذين يقومون بإجراء عمليات جراحية لترقيع بكارات فتيات"معظمهن من المسلمات"، وتكاد تكون فرنسا الاولى في هذا المضمار بحسب ماجاء في التحقيق الصحفي.

مسألة"غشاء البكارة"وأهميته في شرقنا، ليس له أهمية كبيرة فقط وإنما حتى مصيرية في أغلب الاحيان إذ وبسبب من فقدانها"لأي سبب كان"فإن حياة تلك الفتاة سوف تكون في مهب الريح، هذه العملية الجراحية التي تكلف500 يورو بحسب ما قالته طبيبة فرنسية، قد تكون كافية لإرضاء رجولة مزيفة و قيم بات التصنع يغلب عليها في عالم يتغير، والذي يدعو للتقزز و الإشمئزاز هو أن العديد من الرجال و الشبان المسلمين المقيمين في"أو القادمين الى" اوربا، يقيمون علاقات جنسيـة غير شرعية سواء عن طريق علاقات صداقة أو إرتياد المواخير و علب الليل، أما بخصوص موقفهم في منازلهم فتراهم"يتنافحون شرفا"، إنها أبشع إزدواجية تطحن الرجل المسلم و تدفعه لزواية ضيقة من تفكير سقيم لم يعد يجد نفعا ليس هنا في اوربا وإنما حتى في عقر داره.

بالامس وأنا أقرأ في كتاب"شرح نهج البلاغة"للمعتزلي إبن أبي الحديد، إستوقفني قول بليغ و عميق المعاني للأمام علي أبن أبي طالب بخصوص تربية الابناء وهو يقول:"لاتقسروا اولادكم على أخلاقكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم"، غير أن هذا الزمن الذي شعر بعملية تغييره رجل كعلي قبل كثر من14 قرن، هو زمن واقف بل هو بمثابة بركة ركدة في عقول الكثيرين من رجال هذا الزمن وهم يرون تغيير معظم الاشياء من دون أن يدركوا إنه قد آن الاوان لكي يفكروا بتلك القيم و المثل المعشعشة في رؤوسهم و التي تبدو كعقبة كأداء لا في وجه تحرير المرأة من عبوديتهم فقط، بل وحتى في وجه تحرير فكرهم من إستلاب مقيت ينال من أهم شئ لديهم وهو إنسانيتهم.

إننا بحاجة لإعادة النظر بالكثير من الامور، كي لاتكون هنك ثقافة"الكذب المقنع"الذي بات المجتمع يمارسه برجاله و نسائه ومكمن العلة يعود للرجل و قيمه"السيادية"التي لامناص أمامه سوى إعادة التفكير بها و بعدم جدواها في هذا الزمن.

الرجل الذي بات يرى إنعكاسات و ردود فعل عصر الانفجار المعلوماتي و القرية العالمية على كل شئ، يجب أن يعي وبوضوح أن الانثى كائن إنساني لها أحاسيسها و مشاعرها وقبل ذلك لها تفكيرها و منطقها الخاص بها والذي قطعا سوف يخضع لتأثيرات هذا الزمن السريع في كل شئ، وإن هذه الانثى ليست ستدرك"لإنها قد أدركت فعلا"أن زمن خنوعها لهيمنة غير عادلة و لا إنسانية لأخيها الرجل قد إنتهى و أن القادم من الزمان سوف يكون كفيل بنفض غبار تلك القيم البالية عن تفكيره وبالاخص حين يكف عن التصور بأن قيمة الانثى تكمن في غشاء رقيق هو كخيط العنكبوت أو يكاد يكون أوهن منه!

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com