مشكلات المعارضة العراقية التي تسنمت قيادة العراق!!!!!

                                                         مهند حبيب السماوي

muhaned_alsemawee@hotmail.com

إن محاولة الاحاطة الكاملة بالمشكلات والمصاعب التي تعترض طريق أعضاء المعارضة العراقية السابقة (والتي أصبحت جزءا من الحكومة العراقية )وتحول بينه وبين تحقيق أهدافه ,أمر غاية في الصعوبة إذ إن هذه الحكومة من الناحية البنيوية كباقي التشكيلات السياسية في العالم المعاصر لا يعدو أن يكون كل واحد منها يعبر عن منظومة ذات نسق أيديولوجي ما تصور الناحية التطبيقية في ألرويه السياسية للجهة( حزب_حركة_تجمع_الخ...) التي مثلها هذا المسئول الحكومي من جهة أولى و تصور أهداف وترسم مصالح الجهة التي تتعامل معه والتي تمثلها أمريكا وأحلافها الأخرى من جهة ثانية والتفاعل أو العلاقة الناتجة  من التصادم بين روى هذه الحكومة وقوى التحالف  التي لها تواجد واقعي في ارض العراق يجب التعامل معه بذكاء وحذر وقوة من جهة ثالثة...

ولكن ينبغي التوضيح إن سمة الصعوبة التي تلقي بضلالها على هذا الأمر لا تعفينا مطلقا من محاولة تعريه المسبقات التي تقبع وراء المشكلة وكشف الفروض التي تشكل بنيتها التحتيه ,وتصنع حاجزا بيننا وبين وضوح الروية التي تمهد لنا الطريق الى الحل المناسب والناجع . وهو أمر ليس بمستحيل على كل  من امتلك نوعا من الحدس السياسي المطلوب من كل مواطن عراقي في هذه المرحله الحرجه من تاريخ العراق السياسي المعاصرالتي يحاول بها وهو مثخن بالجراح ومضمّخ بالدماء ومعطر باريج عذابات السنين ان ينهض ويقف على قدميه من جديد....
وقد حاولت استقراء هذه المشكلات من الشارع العراقي الذي ينبض بها وعلى كافة الطبقات المثقفة وغيرهم من الذين حرموا من تذوق ثمار البرج الثقافي العاجي ولم ينخرطوا في سجالاته العقيمة...

وفي الحقيقة أنني لم أقم بالتنظير لهذه المشكلات وتحويل وجودها الواقعي الى وجود كتابي ,كما يقول أهل المنطق ,فحسب وإنما حاولت جاهدا أن أقوم بتفكيك بنى بعض هذه المشاكل وفضح البداهات التي قامت عليها الأخرى... محاولا إزاحة النقاب عن بعضها الأخر وتحويلها من مشكلات حقيقة الى مشكلات زائفة لا تستحق عناء البحث عن أجوبة لها..

وفيما يلي أورد قائمة بهذه المشكلات يعقبها  ردا عليها..... 

1- وجود مشكلات تتعلق بالجانب الخدمي و تمس حياة المواطن العراقي بصوره مباشره  لم تستطيع الحكومة إن تضع حلا لها.

2- إن اغلب أعضاء الحكومة كانوا يعيشون في خارج العراق ولذلك فهم لا يعرفون الواقع العراقي ومشكلاته عن قرب.

3- وجود القوات الأمريكية في العراق التي تجعل  الأخير يبدو وكأنه محتل وحكومتة غير مستقلة في قراراتها.

4-وجود الإرهاب والعنف الذي يستشري في بعض مناطق العراق وعدم قدرة الحكومة على التصدي له وقطع دابره.

5-عدم  التعامل الجدي من بعض الدول مع الحكومة العراقيةوأعضائها الجدد بسبب وجود حاله من الطائفية السياسية تتحكم في عقوله.

6- النزعات الطائفية التي استشرت في العراق سواء على الصعيد السياسي أو الشعبي والتي تهدد بلا ريب بناء عراق جديد موحد.

وارى انه من الواجب علي التأكيد قبل محاولة تفكيك هذه المشكلات على أن هذه المشكلات والأمور قد سمعتها رأسا من الشارع العراقي وبصوره مباشره وبذلك نقطع كل محاوله للاستهانة بها والقول أنها مشكلات مفتعلة غير حقيقية.

ولنبدأ ألان بالاجابة على كل واحده منها حسب التسلسل

1- لا اخفي أن وضعيه الخدمات في العراق دون المستوى المطلوب  بل دون الحد الذي يليق بالانسان وكرامته والتي هي فوق كل اعتبار, منذ زمان النظام البائد وحتى الان  ولكن يجب الاعتراف ومواجهة حقيقة  ان العراق يمر بحاله يطلق عليها في الاصطلاح السياسي : over-load government

وهي ببساطه حاله تكون فيها الحكومة مثقله بالمطالب الكثيرة الموجهة إليه من قبل فئات الشعب وعلى كافه الاصعده والميادين والمجالات ألاقتصاديه والاجتماعية والخدمية ....الخ

وهذا ينطبق على العراق بصوره مطلقه حيث سقطت مع انهيار النظام السابق جميع مؤسسات الدولة العراقيه وشبكاتها وسلطاتها  وبنياتها المختلفة والتي ربطها الطاغية به كنتيجه منطقية لنظام توتاليتاري وسلطة شمولية  ربطت كل شي بها وامتصت اراده الشعب وسحقت ذاته وداست على كيانه وتعاملت معه طيلة فترة حكمها بالحديد والنار .

ولذلك فان الحكومة العراقية حال تشكيلها  لم تتسلم دولة كاملة بل بقايا دوله وركام حكومة واطلال مؤسسات مثقلة بالديون ولايوجد دينار واحد  في مصارفها وبنوكها التي تعرضت للسلب المبرمج والنهب المنظم بل اكثر من ذلك لم تتسلم دولة اصلا كما قال الدكتور موفق الربيعي لان الدولة في التعريف السياسي  ضاهرة متعددة الصور والعناصر والاشكال تضم وحدات سياسية وظواهر اجتماعيية وبنى هرمية وتراتبية قانونية .. ويتفق الباحثون على ضرورة وجود واجتماع عناصر ثلاثة من اجل تكوين الدولة.... هي   الشعب اولا... والاقليم ثانيا... والحكومة ثالثا... وقد استقر هذا المبدا  واصبح عرفا  في القضاء والقانون الدولي  كما يدل على ذلك القرار الصادر  من محكمه  التحكيم الالمانية البولونية في 1/اب/1929 والخاص باحدى شركات الغاز الالمانية  اذ نص على انه لابد لقيام الدولة من توفر اقليم وسكان يعيشون في هذا الاقليم وسلطة عمومية تباشر اختصاصاتها تجاه السكان والاقليم الذي يقيمون فيه  ....
ولاريب اننا في العراق في مرحلة مابعد سقوط صدام  قد افتقرنا الى العنصر الثالث الضروري لانشاء  الدولة والمسوول عن توفير التنظيم السياسي والقانوني على شكل موسسات وهيئات سياسية أي سلطة عمومية تشكل تنظيم حكومي تتولى الاشراف على الرعايا والاقليم وادراة المرافق العامة اللازمة لحفظ كيانها وتحقيق استقرارها ونموها عن طريق سلطاتها الثلاثة المعروفة....

ولذلك من الطبيعي ان تتاخر الحكومة في تلبية المطالب التي يحتاجها المواطن حيث ان المساومة والنفاق السياسي والمشكلات الاقتصادية وفوضى الارهاب  كلها توخر عملية توفير  مايحتاجه المواطن من امور تشكل ضروره من ضروريات حياته... ولعل الزمن من جانب وتوفر  النية الخالصه من جانب اخر كفيل بحل هذه المشكلات اذا قصد اعضاء الحكومه المقبلة خدمة العراقيون لا انفسهم فحسب.. وانتقلوا من حالة الاثرة الى الايثار ..

2- بالنسبة لمسالة كون المعارضة كانت تعيش في الخارج ..والتي منها استنجوا انهم غريبون عن الواقع العراقي اولا ومرتبطين بجهات اجنبية او باجهزة مخابراتها اذا اردنا الدقة ثانيا....

 فأقول هذا الحجة تقال بكثرة وهي تتالف من مقدمة ونتيجتين لا اعتقد انهما تترتبان على المقدمة  وتشتقان منها بشكل واقعي ومنطقي في نفس الان...

 فالشطر الاول للاعتراض والذي سميناه المقدمة أي( كونهم كانوا يعيشون في الخارج) صحيح  فاغلب اعضاء المعارضة  كانوا يعيشون في خارج العراق.... الا ان هذا الامر يبدو عيبا ونقصا ومثلبة في الدول الديمقراطية لا في الانظمة العربية عموما والعراقي خصوصاً , اذا ان الانظمة الديمقراطية تحترم المعارضة وتسمع صوتها وتعدها جناحها الاخر حيث لها مكاتب لاحزابها ومقاعد في البرلمان وصحف وقنوات فضائية في نففس الدولة  في حين اننا في العراق مثلا  في زمان صدام حسين لايمكن لاحد ان يتنفس او يدعي انه من المعارضه او حتى من المعار.....او من المع.......او من الم!!!!!!!

حيث حينها اما ان تكون معارضا فتضيق بك الارض العراقيه وترحل بعيدا مجبرا لا اشرا اوبطرا او تغتالك الطغمة التي كان النظام السابق يتوسد عليها في حكمه ويرتكز اليها في جبروته ويحتكم الي اياديها في بطشه والذي يمكن ان يعد من اشرس  واعنف انواع الحكم في العالم العربي والغربي بحسب تقارير منظمات حقوق الانسان العالمية.....

ولذلك فليس من الغريب ان يكون اغلب اعضاء الحكومة او المعارضة العراقية قد سكنوا خارج العراق الذين رحلوا عها قسرا  بل العجب العجاب ان يسكنوا العراق في زمن الطاغية...
الا  ان مايترتب على هذه المشكلة  من امر ونتائج يحتاج الى وقفة قصيرة  فبالنسبه لجهلهم بالواقع العراقي نقول باننا  لا يمكن ان نعد المعارضة كلها غريبة عن الواقع العراقي فاغلبهم قد عاش شبابه في العراق وعرف الواقع العراقي واكتوى بناره وتلظى بلهيبه... اما بالنسبه لمن لا يعرف الواقع العراقي فعليه ان يقترب منه ويحس بنبضه ويمس همومه  ويعيش مشكلاته مجتمعه على طريقة الاجتماع الديناميكي لاوكست كونت  حتى لايقع في خطا الملكة التي قيل لها لها بان شعبها لاياكل الخبز ... فقالت لم لاياكل الكعك!!!!!!!!!

واما بالنسبه  للنتيجة الثانية والتي تشير الى ارتباطهم بدوائر خارجية ومصالح اجنبية ... فهذا مالايمكن انكاره لدى بعض السياسيين العراقيون مع الاخذ بنظر الاعتبار عدم تضخيمه واتهام الكل وتجريمهم واعتبارهم يمثلون جهات اجنبية, حيث اعتبر انا هذا الارتباط ثمن الدعم الذين يتلقوه والضريبه التي عليهم ان يدفعوها للدول  التي فتحت لهم احضانهم ...

ولكن ربما علينا من باب حسن النية( التي ربما يروني  رجال السياسة ساذجاً حينما أتحدث بها) أن نفهم هذا الامر من باب اعطاء الاوليه لهذه الدول بالتبادل التجاري والفائدة الاقتصادية اذا ما اصبح لقوى المعارضه التي كانت تعيش في ارضها مناصب سياسيه مهمه في الدولة الجديده وليس تقديم مصالح هذه الدول على مصالح الشعب العراقي  ومتطلباته الضروريه وحاجاته الاساسية, والا حينها سيكونوا ليسوا عراقيون وانا رعايا تلك الدوله في العراق ان لم اقل عملاء....

واما السياسيون الذين يرتبطون بالاجنبي بصورة مباشرة ويتلقون تعاليمه وينفذون اوامره بدون مناقشة فان الشعب سوف يكشفهم ويدرك نواياهم ويفضحها على الملأ  وسوف لن يستمروا في البقاء في عراق اليوم خصوصا ان امريكا معروفة بانها تتخلى دائما عن اتباعها الجبناء ولا تحترم الا الذي يتعامل معها بحزم حتى لوكان ذا علاقة وطيدة بها وبينه وبينها ستراتيجيات قويه....

3- يعد وجود القوات الامريكية او متعددة الجنسيات في العراق من اهم المشكلات التي تواجه قوى الحكومة والشعب  العراقي على حد سواء...

ويجب ان نبين ,بكل شجاعة وواقعية, ملاحظتيين مهمتين

 اولا

 يعد وجوده قوات التحالف مشكلة حقيقية لحكومة عراقية ليس لها رصيد شعبي اذ ان هذه القوات تعد عصب حياة هذه الحكومة  ونسغ كيانها ومبرر وجودها بل الضامن لبقائها في سدة الحكم مادامت تعلم هذه الحكومة انه ليس  لها من اسباب الحياة ما يجعلها تبقى دون وجود تلك القوات المتعددة الجنسيات..

ثانيا

ان وجود القوات الامريكية بدباباتها وهمراتها  في شوارع بغداد ومضايقتها ان لم اقل  استفزازها للمواطنين في اغلب الاحايين , سواء كان بصورة مباشرة او بصورة غير مباشرة هو الذي يسبب المشكلة لا مجرد وجودها في العراق اذ ان القوات الامريكية لو انسحبت عن الانظار العراقية وغادرت المدن العراقية الى الاطراف او الى القواعد التي تبنيها في العراق  كما يحدث في بعض مناطق العراق لما اصبح الشارع  يولي هذه المسالة  اهمية  بقدر ما يعطيه لها في هذه الفتره  ...

وعلينا ان نضع انفسنا امام حقيقة واقعيه تتمثل في ان العراق حالياً ليس دولة تامه السيادة, من حيث ان السيادة تعرف بانها السلطة العليا على المواطن والرعايا والتي لا تخضع للقوانين كما يقول جان بودان في مولفه الشهير الكتب السته الجمهورية

ولها مظهر خارجي يتعلق بعلاقتها المستقله بالدول ومظهر داخلي يتعلق بسلطتها المستقلة  في ادارة شوونها...
والقانون الدولي قد عرف عدة انواع من الدول ناقصة السيادة كالدولة التابعة والدولة الواقعة تحت الحماية سواء كانت حماية دولية او حمايه استعمارية والدولة الواقعة تحت الانتداب ثم الدولة الواقعة تحت نظام الوصايا الدولية واخيرا الدولة الموضوعة في حالة حياد دائم...
وبرغم ان العراق طبقا لقرار مجلس الامن الدولي الذي صدر بعد الاحتلال  عد دولة محتلة ثم صدر قرار اخر يسلم بموجبه القوات الامريكية السيادة للعراق ...الا ان الامر ليس بهذه البساطة... وهو لايرجع الى مجرد قرار دولي يصاغ في اروقة الامم المتحدة او مجلس الامن.... وانما هو امر يرجع الى الواقع المعاش الملموس ومعيارنا للحكم علية هو الممارسات اليومية والفعلية التي ترى بالعين المجردة ونتحسسها بايدينا كل يوم...

فالعراق رسميا دولة ذات سيادة.. ولكن واقعياً غير ذلك  بل هو اقرب في وجهة نظري الى حالة الانتداب A التي وضعت بموجب المادة 22 من عهدة عصبة الامم المتحدة حيث تساعد قوة الاحتلال الدولة المحتلة في ادارة شونها بنصائح ومساعدات حتى تتمكن من الحصول على استقلالها كما حصل للاقاليم التي انفصلت عن الامبراطورية العثمانية والمانيا بفعل الحرب العالمية الاولى....

وطبقا لهذا فان القوات الامريكيه الان هي المسوولة عن مساعدة العراق في تخطي العقبات والصعاب والمشكلات التي سببها اصلا للعراق احتلاله له بالاضافة الى الارهاب من اجل الوصول الى ان يصبح العراق دولة تامة السيادة .

هذا في الحاله الاعتيادية اذا لم  يكن للبلد  أي مشاكل اخرى ...

اما العراق  فهو يتعرض الى مشكلات تتعلق في تركة النظام السابق الثقيلة من جهة والارهاب كفعل ينهش بلحمه من جهة اخرى والتي تعد من اهم الاسباب التي تجعل  القوات المتحالفة تبقى في العراق ويوخر تسليم السيادة له ....

 وهذا يعني اننا يجب التخلص من هاتين الافتين قبل ان نفكر جديا وعلى نحو واقعي موضوعي لا عاطفي ذاتي  في مسالة بقاء او خروج القوات الامريكية من العراق بل كل حديث قبل ازالة مظاهر العنف والارهاب من كافة ارجاء العراق هو اقرب الى الاوهام والخيال  والهوامات منها الى الحقيقة والواقع!!!!

4- اما في قضية الارهاب وعدم قدرة الحكومة على التصدي له فيجب ان نعرف جملة من الامور التي تلقي ضوئا على هذه القضية المقلقة جدا والتي يذهب ضحيتها كل يوم عشرات العراقيين المساكين...

فاولا

 من الخطا ان نقول بان الحكومة لم تتصدى له او لم تحرز كل يوم تقدما جديدا في هذا المجال حيث الكل اصبح على يقين من ان الجيش وقوى الامن العراقي في حالة من التقدم والتطور الاطرادي  بحيث لم تعد الجماعات الارهابية تسيطر على مناطق كاملة مثلما كانت في بداية ظهورها بل اصبحت تغير تكتيكها من ميزان القوة الى ميزان الرعب..

ثانيا

يجب النظر على مشكلة الارهاب على انها متواشجة ومتداخلة مع عوامل اخرى  ايديولوجية واقتصادية وسياسية وسويولوجية  وغيرها ربما نفرد لها موضوعا خاصا في مكان اخر فهي ليست مستقلة عن غيرها من المشكلات الاخرى التي تخترق صميم بنية الشارع العراقي وتهزه من كيانه الداخلي...  ولذلك فمعالجة هذا الامر يجب ان يكون شاملا سواء يتعلق بارضاء بعض الفرقاء السياسيين او برفع المستوى المعاشي للعوائل الفقيره وايجاد فرص عمل للشباب العاطلين الذين يشكلون مادة اساسية لممارسة العنف بالعراق او حتى بشن حملة اعلامية  ثقافية لمحاربة الفكر التكفيري ولايضاح حقيقة هذا  التفكير وتفكيك بنيتة وفضح اوهامه وكشف مسلماته وتعريته بديهياته التي ربما يعد ضربها بمثابه ضرب الاساس الفكري لبنيان ما  وبالتالي ينهار من اساسه الذي يستند عليه ...

ثالثا

 علينا ان ندرك فعليا ان العنف في العراق مستشري في محافظات معينه ولا يمتد الى مناطق اخرى بل هو محصور في محافظة بغداد والموصل والانبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ولايشمل ذلك محافظات الجنوب او اقليم كردستان العراق وهذه المعرفة مهمة من اجل معرفة السكان الذين يسمحوا له بالوجود سواء كانوا مجبرين ام مختارين من اجل معرفة مطاليبهم والوقوف على ما ترمي اليه من هذا الاحتضان لخلايا الارهاب والعنف حتى يمكن الاستجابة للمعقول منها ورفض اللامعقول واتخاذ اجراءات لازمة عسكرية لحسمه بكل قوة...

5- علينا اولا تعريف مصطلح الاعتراف لكي ننتقل بعده الى العلاقة مع الدول الاخرى ,فهو التسليم من جانب الدول القائمة بوجود هذه الدولة وقبولها كعضو في الجامعة الدولية ,ولكن  يجب ان نفهم ان الاعتراف شي ونشوء الدولة شي اخر,حيث ان نشوء الدولة يتم بتوفر العوامل الثلاثة السابقة الذكر وهي الأرض والشعب والسلطة السياسية ,فإذا ما تمت ونشأت ثبتت لها السيادة على أراضيها وطبقت ذلك على رعاياها ولكنها لا تستطيع ممارسة هذه السلطة خارج أراضيها إلا اذا اعترفت الدول بوجودها على اعتبار ان الدولة عضو في جماعة عالمية وليست كيان سياسي مستقل يعيش لوحده ...
واما بالنسبة للعراق فيجب الانتباه الى:

أولا

ان اعتراف الدول سواء كانت عربية ام غربية بالعراق وحكومتة الجديدة لايودي الى  إنشاء الحكومة بل يقتصر إثره على تمكين العراق من الدخول في علاقات مع الدول الأخرى, وهذا يعني ان عدم اعتراف العالم كله بالعراق (لو فرضنا هذا محالا) لايترتب عليه عدم تمتع الاخير بالسيادة على أراضيه!!! بل يترتب عليه عدم قيام علاقات دوليه بين العراق وبقية الدول التي ترفض الاعتراف به.....

وهذا يعني ان سيادة العراق العراق ومشروعية حكومته سابقة على الاعتراف به ومستقلة عنه كما اكد على ذلك القرار الصادر عن معهد القانون الدولي في دورة انعقاده في بروكسيل سنة 1936بشان أي دولة ينطبق عليه هذا الامر..

ثانيا

انه هنالك في الوطن العربي نوعا من العقلية السياسية الطائفية التي تمارس سلطتها على ارض الواقع بشكل لاشعوري ان لم اقل شعوري مناطها رفض روية وجوه شيعية او كردية تتولى مناصب قيادية عليا في بلدانها بحيث لايمكن لها ان تضع شيعيا او كرديا في منصب سيادي عالي في بلد ما وبذلك يكون من المنطقي وفقا للسياق الذي نتحدث فيه ان يمتعضوا من روية رئيس العراق كرديا او رئيس وزرائه او مستشار الامن القومي فيه شيعيا حيث يعد ذلك في خيالاتهم الجريحة وامراضهم العقيمة وهواماتهم السارحة طعنة نجلاء في  تخرصاتهم القومية التي يتخرصون بها ويزعمون انهم مدافعون عنها من جهة كما يعد ايضا ضربة قوية الى الطائفية الدينية التي تتحرك في لاوعيهم وان كانوا أصلا علمانيون او حتى بلا دين من جهة اخرى....

ثالثا

ان حجة كون النظام السابق قد اسقط بواسطة القوات الامريكية وان النظام الجديد قد جاء الى السلطة مع هذه القوات ولذلك لايمكن التعامل معه.. تفتفر الى الحجة الدقيقة والبرهان المنطقي فضلاً عن الدليل الواقعي... لان على هولاء الذين يتذرعون بهذه الحجة ان يتذكروا ان  فاقد الشي لايعطيه !!! , اذا ان امريكا, من جهة اولى ,سواء رضت المعارضة العراقية ام لم ترض كانت ستدخل العراق ولم تحتاج الى اذنها بل ان كثير من احزاب السلطة العراقية الان كانت قد رفضت هذه الحرب واعتبرتها مضرة بالشعب العراقي . ومن جهة ثانية  ان اغلب ان لم نقل جميع الحكام العرب قد جاءوا الى السلطة عن طريق الولايات المتحدة الامريكية  او بمباركتها لهم وقبولها كما اعترف القذافي علناً في اجتماع القمة العربي في مناكفة مع ولي العهد السعودي عدت بشكل علني ارقى عرض هزلي كوميدياني ابطاله ومخرجيه وممثليه حكام العرب الأشاوس...

ومن جهة ثالثة ,نلاحظ ان الفرقاء السياسيين اتفقوا على اجراء انتخابات في العراق وقد اجروها فعلاً وبذلك غادر وفشل من لم يمتلك رصيداً شعبياً وظهرت حقيقة الشعي العراقي في ممارسه لم يشهد العالم العربي بل الشرق الاوسط نظيرها ابدا وبذلك اختار العراق من يمثلوه تمثيلا حقيقياً , ولذلك فالعراق الان وحكامه الجدد اكثر ديمقراطية من جميع الدول العربية التي مازالت تتارجح بين الوراثة الملكية وبين الجملكية( الدول التي بالاسم جملكية وبالفعل ملكية) وبين الدكتاتوريات الفاشية وبين الخلعدولة(أي الدولة التي تتشكل عن طريق خلع اميرها من قبل الولد البار بالسلطة لا بابيه).

وانا اعتقد واميل الى ان عدم جدية تعامل الدول العربية مع عراق مابعد صدام لايعود الى الطائقية السياسية والدينة فحسب وانما يعود الى الخوف من نمذجة العراق أي اتخاذه نموذج,كما اعلن ذلك الرئيس الامريكي جورج بوش, حيث يمكن ان تُحتذى التجربة الديمقراطية في العراق من قبل البلدان العربية التي تعيش جماهيرها بين قضبان سجون حكامها المذعورين جداً والمترقبين بوجس في نفس الان ماسوف يؤول اليه الموقف في عراق اليوم في ضل الانتخابات الاخيرة التي شارك فيها جميع اطياف وفرقاء الشعب العراقي.

6- لاريب بان العراق اليوم يمر بانواع مختلفة من الطائفية التي استشرت في مختلف مفاصلة وعلى مختلف مستويات الوعي السياسي سواء كان في قمة الهرم السياسي على الصعيد العمودي او في ادنى مستويات الجماهير الشعبية  على الصعيد الافقي

وهي في نظري على ثلاثة انواع:

اولاً

 المحاصصة الطائفية( على الصعيد السياسي العمودي)

حيث اننا نلاحظ الان وجود وزارات  يغلب عليها الطابع الشيعي واخرى السني وثالثة الكردي في ضاهرة خطيرة يمكن ان تدمر وتجهض كل محاولة لبناء ديمقراطية مزعومه ....

في حين ان  المقتضى العمل بمبدا التكنوقراط في وضع كوضع العراق من حيث كون التكنوقراط يعني نظام سياسي ناتج عن استبدال السياسيين بالخبراء الفنيين ..وهو نظام متبوع في بعض الدول كامريكا بعد الحرب العالمية الثانية حيث يكون للخبراء الفنيين دورا في اتخاذ القرار السياسي وليس مجرد استشاريون, مما يعني خضوع القرار الذي يتخذ الى معايير فنية وليس سياسية...

ولذلك على الاحزاب والطوائف ان تضع  شخصا تكنوقراطي لوزارة الكهرباء مثلا بدلا من ان تضع وزيرا عضو مكتب سياسي لحزب ما يجيد التنظير والكلام عن تاريخ حزبه فقط مع الاحترام والتقدير لكافة الاحزاب العراقية الوطنية وتضحياتها الكبيرة والتي قارعت النظام السابق طيلة الفترة الماضيه...

ثانياً

الاستقطاب الطائفي( على الصعيد السياسي الافقي)

حيث اصبح في العراق اليوم نوعا من الالتفاف الطائفي كلن حول مرجعياته التي تشكل بؤرة معتقده الديني بحيث اصبح العلمانيون في حالة من الاحراج الذي يضعف شعبيتهم ويجعل اصوات الناخبين بدلا من التصويت لهم تتجه نحو التصويت للهويه الطائفيه التي يحملها كل واحد منهم او بمعنى ادق يتجه الفرد الى التصويت الى ذاته وشخصيته وكيانه الذي تتجسد فيه عقيدته الدينيه بشكل لايمكننا فيه الفصل بين الذات والمعتقد لكون الاثنين في حالة من التماهي والتوحد, ولعل في الانتخابات الاخيرة خير مثال على هذا الذي اقوله اذ التف كل حول مرجعياته الدينية التي استثمرت واستغلت في نفس الوقت من قبل بعض الاحزاب من اجل تحقيق مارب سياسية..

ثالثاً

الاحتقان الطائفي( على الصعيد السويولوجي الافقي)

نجد في العراق حرباً طائفية معلنة من قبل  الحركات الاصولية التكفيرية القادمة من خارج الحدود ( والتي وجدت في مدن السنة مقرا لها, سواء رضينا ام لم نرضى بهذا ) على الشيعة عموماً  والاحزاب الشيعية التي شاركت في الحكم خصوصاً على حد سواء..والذي سبب بلاريب رد فعل شيعي منفرد ازاء بعض حوادث الاغتيال والتفجير... ولو كان الامر يقتصر على الاحزاب الشيعية التي تشارك الحكم لكان ربما من الممكن تفسيره وفقا لمنظومة الحركات الاصولية التي لاتفرق بين امريكا والدولة المتحالفة معها لكن الامر اخطر في عراق اليوم اذ ان الحركات الاصولية تستهدف كل الشيعة بغض النظر عن كونهم ضمن السلطة السياسية او خارجا عنها مما يبطل اولا حججهم التي يرفعوها بشان محاربة امريكا وعملائها كما تقول ذلك ادبياتهم المعروفة ويشير ثانيا الى حقدهم الدفين على الطائفة الشيعية المضطهدة اصلا من قبل الحكومات السابقة , واذا كان الكلام غير صحيح فما العلاقة (بالله عليكم ) بين محاربة امريكا واعوانها في العراق وبين تفجير سيارة يقودها انتحاري وسط حشد من العمال في مدينة الكاظمية او ماحدث من تفجيرات في كربلاء والنجف والرمادي وتكريت والموصل  او مايحدث من مذابح  للعوائل الشيعية في بعض المدن ووتحت الايدي الاثمة لبعض الجماعات الارهابية التي تزعم الجهاد..

واذا اريد جعل الامر اوسع فاقول بان كل انسان عراقي هو مستهدف من قبل هذه الجماعات التي يبدو  انها تستهين بالدم العراقي بشكل يثير الف سوال  ومليون تساول عن معايير القيمة الانسانية لدى هولاء بدليل وضع العبوات في الشوارع بطريقة عشوائية وتفخيخ السيارات وتفجيرها في اماكن عامة يمكن ان تقتل الشيعي والسني والكردي والمسيحي وغيره...

انني احدس بان العراق سوف لن يستقر ابدا مادامت القوات الامريكية تتصرف في الشارع العراقي على النحو  وترتكب اخطاء فادحة تهيى المناخ المناسب  لتشكيل المجاميع المسلحة التي سوف لن تفرق بين مواطن عراقي التحق بالجيش والشرطة العرقية من اجل عوزه المادي وبين الجندي الامريكي ..مع املنا الكبير خصوصا ونحن قد تعلمنا منذ زمان النظام السابق  ان نمارس احلام النهار الوردية بل ان تكون لدينا ملكة للتخيل قوية  تمكننا ان نتخيل نتوقع الخير ان ياتي عاجلا ام اجلاً  الى هذا البلد الذي  نشات على ارضه اقدم حضارات العالم والذي نامل ان يعود كالعنقاء التي نفضت عن جبينها يباب السنين المظلمة وحينها سيكافا شعبنا من وقف معه ومد له يده , وسيحاسب من عمل ضده من  حكومات عربية سوف يحين بلاشك موعد أفول اصنامها وسقوط اوثانها وتفكك بنيانها وانحلال موسساتها التي سوف يتم التخلي عنها من قبل حكامها انفسهم كما  تتخلى الفئران الهاربة عن سفينة توشك على الغرق.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com