|
طهارة المندائيين وخسة الملثمين زهير كاظم عبود من يتصفح كتابهم المقدس ( الكنزا ربا ) سيجد انه يحتوي على صحف آدم وشيت وأدريس ونوح ويحيى بن زكريا، وأشتهروا بالمغتسلة، لأعتمادهم الأغتسال والتطهر وممارسة العديد من الطقوس في الماء الجاري الطاهر، وهم موحدين وأهل كتاب، غسلوا قلوبهم من الغل والحقد وتمسكوا بديانتهم الطاهرة مثل ملابسهم الدينية. كانوا يطرزون مدن الجنوب فيخلطون طهارتهم بطيبة أهلها، ويمتزجون مع عشائرها حتى يصيروا جزء منها، جذورهم تمتد عميقاً في أرض الرافدين، وهم الطين ( الحري ) في ارض العراق، وجدوا حين كشف الإنسان بصره في أرض يقال له العراق، متمسكين بطقوسهم قرب الأنهار والأهوار، ينعايشون مع اهلها متفانين في الأخلاص لأعمالهم متمسكين ليس فقط بكل ما اوردته تعاليم كتابهم المقدس، انما بكل الأعراف والقيم العراقية، وكانوا الظهير القوي للعمل الزراعي في العراق حين شكلوا العمود الفقري لصناعة الالات الزراعية التي يحتاجها الفلاح، ثم زاولوا اعمال الصياغة وهي من اعمال الفن الجميل والتجارة، وبعدها الطب والهندسة والعلوم، وليس اكثر شهرة من المعلمين المندائيين المخلصين لمهنتهم والذين تركوا الآثر الكبير في نفوس طلابهم، وغرسوا العلم والطموح والأبداع في ارواحهم. من يتصفح الكنز العظيم يدرك مقدار الأيمان بالتوحيد الحي الأزلي حين ينهلون من فيض ضياءه لينير قلوبهم وضمائرهم متمسكين بعبادته وتطبيق تعاليمه. (( بسم الحي العظيم إن عكازتكم يوم الحساب أعمالكم التي عليها تتوكلون، فأنظروا الى ماذا تستندون )) يسبحون ربنا جميعا بقلوب طاهرة وعينهم على العراق، وسجل لهم التاريخ العراقي المعاصر أنهم يعطون اكثر مما يأخذون، فلهم سفر خالد في العطاء والتضحيات. ولأنهم يؤمنون بأن الحي العظيم البصير القدير العزيز الحكيم، هاجمتهم الضمائر المنحرفة والوجوه المشوهة، تريد النيل منهم، ولأنهم مسالمون سلاحهم الأيمان بالله، أستغلت الوجوه الممسوحة الضمير والشكل لتهددهم بالرحيل عن الماء الأزلي فلا تريدهم يرددون بأسم الحي العظيم. ولأنهم أمة عريقة اشتهرت بالطيب والكرم والعمل الصالح ومحبة الناس، تتجمع الذئاب عليهم تطالبهم بالرحيل وتنشر الخوف في نفوس اطفالهم وتروع نساؤهم، وتتكاثر عليهم الذباب لعلهم تنشر الوباء بينهم. قال تعالى في محكم كتابه المبين في سورة المائدة وسورة البقرة. (( بسم الله الرحمن الرحيم أن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين ومن آمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحاً فلهم اجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون. )) وحسماً لتلك العقول التي تريد استغلال آيات الله فقد أورد القرآن الكريم في سورة الحج : (( أن الذين آمنوا والذين أشركوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا أن الله يفصل بينهم يوم القيمة أن الله على كل شيء شهيد )) وهم جزء من جسد العراق، ومن اراد الضرر بهم بأي شكل من الأشكال ومهما كان غرضه وقصده، فكأنما يريد السوء بكل العراق، ومن اراد الشر بهم فأنه يخون أهله وشعبه ويقطع جزء من روح العراق. بريء الأسلام مما يفعله بعض المجرمين بأسمه، ويرفض الدين الحنيف هذه الاساليب الدنيئة والبعيدة عن العقل والمنطق والمفاهيم التي يرتكز عليها في العلاقة بينه وبين بقية الديانات، وضمن دائرة تشويه صورة الأسلام التي يمارسها الإرهاب الديني المتطرف، العصابات التي تقوم بترحيلهم تخون العراق، والعصابات التي تدخل الخوف والرعب في نفوسهم تنزع انسانيتها وجلودها لتصير بمستوى البهائم التي لاتفهم العراق. وفرق كبير شاسع وواضح بين خسة الملثمين ووداعة المندائيين، بين من يتمسك بالحي العظيم ومن يتمسك ببندقية يريد بها اسكات الصوت الموحد، بين من ينشر طيبة وعمل الخير بين اهل العراق وبين من يريد السوء باهل العراق، بين من يريد إن يبقى الجسد العراقي صحيحاً معافى وبين من يريد إن يجرح جسم العراق، وبين من يعتبر الماء الجاري الطاهر علامة للحياة وبين من يتلثم متبرقعاً من جذام أو خشية من ظهور ملامح مشوهة أو ممسوحة، بين من يسأل الهداية والرحمة والغفران وبين من يؤمن بالجريمة والقتل والتهديد طريقاً لسلوكه وأيمانه. ستبقى المندائية قائمة ما بقي العراق، وستبقى اهلها محفوظين في مآقي عيون العراقيين، وسيبقى المندي قائما لايستطيع احد تخريبه أو الغاءه مادام ملك النور السامي هو الله.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |