|
في بغداد غنائم و في غزة جرائم رشاد الشلاه ازدادت الحياة اليومية في قطاع غزة بؤسا ومعاناة بسبب عمليات الاغتيال والتهجير والاعتقال والاختطاف، بالإضافة إلى العقوبات الجماعية بحق ابناء الشعب الفلسطيني الشقيق من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، عقوبات تمثلت بتدمير البنى الأساسية المتهالكة في القطاع، وأهمها مولدات الطاقة الكهربائية بذريعة أسر احد جنودها. وإسرائيل بممارساتها العنصرية هذه واعتمادها اسلوب العقوبات الجماعية، تعيد التذكير بالممارسات النازية غير الإنسانية بحق معتنقي الديانة اليهودية في أوروبا قبيل وأثناء الحرب العالمية الثانية. إن إسرائيل بأفعالها تلك لا تسلك نهجا جديدا في عنصريتها بل تطبق الدروس الأمنية التي تعلمتها على ذات الأيدي التي أنشأت ومولت ودربت "المجاهدين" في أفغانستان، وهي نفسها من يسدي للحكومة الإسرائيلية تلك النصائح اليوم ويسندها في المحافل الدولية دون تردد، كما أن أسلوب العقاب و الانتقام الجماعي الذي تمارسه إسرائيل هو إرهاب دولة سافر بحق أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق، وكأي فعل إرهابي منظم فانه يزيد من غل ضحاياه على الجلادين، كما هو رد فعل الضحايا العراقيين على جرائم القوى الإرهابية المتجسدة بالقتل الجماعي للأبرياء وهم في المساجد أو الحسينيات أو تجمعات طالبي فرص العمل، وتدمير ركائز البنى التحية الحيوية. لقد غدت الحياة في غزة كمثيلاتها في المدن العراقية، فلا وقود ولا كهرباء، مع شحة في المياه والمواد التموينية، وفوضى أمنية، وتوقف شبه تام للخدمات الصحية والعامة، وضجيج هائل وتلوث للبيئة بسبب اللجوء إلى استعمال مولدات الكهرباء الخاصة، مع نسب بطالة قياسية في ارتفاعها. لذلك فان العراقيين هم أكثر شعوب المنطقة إحساسا بمثل هذه المعاناة لأنهم يعيشون ذات المحنة، خصوصا حرمانهم من نعمة الطاقة الكهربائية في صيفهم الجهنمي الذي لا يضاهيه بالطبع صيف غزة على قساوته. و مثلما ننشد دائما أوسع التضامن من قبل القوى الخيرة مع شعبنا العراقي وهو يواجه الإرهاب والطائفية والاحتلال، فان الدعوة إلى أوسع حملة تضامن مع شعب غزة يمليه واجب العراقيين الإنساني، بغض النظر من موقف بعض قادة حماس الذين لا يراعون شعور الملايين من العراقيين المتضررين من نتائج أعمال المقاومة "الجهادية" التي تعد تخريب البنى الأساسية العراقية كأنابيب النفط ومولدات الطاقة الكهربائية، غنائم جهادية، وعلاوة على دعم وتشجيع هؤلاء القادة للعمليات الإرهابية في العراق، فقد وصل الأمر بهم إلى التمسك باعتبار خريج سجون وسفاح كأمير الإرهابيين في العراق، مجاهدا شهيدا!!. إن أعمال الإرهاب و الانتقام الجماعية التي تلحق الرعب والأذى و الموت بأكبر عدد ممكن من المواطنين العزل في غزة على أيدي القوات الإسرائيلية أو بغداد بفعل القوى الإرهابية المتوحشة، فإنها تعكس مأزقا أخلاقيا حقيقيا لمرتكبيها، و افتراقا أكيدا منهم عن أي قيم أو مثل دينية أو إنسانية يحملونها أو يدعونها، لذلك فأن رفض وإدانة أعمال الانتقام الجماعية الإرهابية، أيا كان مرتكبها وتحت أية ظروف وفي أي مكان، أضحى اختبارا لمن يريد الإنصاف والعدل والتضامن من المجتمع الدولي مع قضيته وأمانيه المشروعة.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |