الامريكي والحصانة الجنائية في عالمنا العربي

ياسر سعد / كندا

yassersaed1@yahoo.ca

كشف السيناتور الامريكي اورين هاتش أنه قام بإجراء بعض الاتصالات التي ساعدت في عملية اطلاق سراح المنتج الموسيقي والمغني الامريكي دالاس اوستن والذي كان قد حكم عليه بالسجن في دبي بالامارات العربية المتحدة لمدة أربع سنوات, بعد ادانته بتهمة حيازة المخدرات, والتي وجدت في حوزته في مطار دبي مستهلا زيارة خاصة تلبية لدعوة من عارضة الازياء ناعومي كامبل لحضور حفلة عيد ميلادها في مدينة دبي. وفي بيان صدر عن مكتب السيناتور المحافظ يوم السبت قال هاتش أنه اتصل بسفير وقنصل دولة الامارات في واشنطن نيابة عن اوستن بعد تلقيه اتصالا من محاميي اوستن حسب ما نقلته وكالة الاسوشيتدبرس. وكان دالاس قد اعترف عند مثوله امام المحكمة بحيازته للكوكايين – 1.26 غراما- حين وصوله الى مطار دبي قائلا أنه لم يقصد خرق القوانين المحلية للدولة. وفي أعقاب الحكم القضائي القاضي بسجن الفنان الامريكي اربع سنوات مع ترحيله بعد إنقضاء العقوبة, صدر قرار العفو من الشيخ محمد بن راشد آل المكتوم حاكم دبي ورئيس الوزراء بعد ست ساعات من صدور الحكم القضائي.

يأتي بيان السناتور الامريكي والذي يكشف بصفاقة بالغة, التدخل الامريكي الرسمي في مسار واحكام قضاء دولة عربية "مستقلة" ادانت امريكيا بعد اعترافه الصريح بحيازته المخدرات متوازيا مع قضية الجندي الامريكي ستيفن غراف المتهم هو وزملاؤه بإبادة عائلة عراقية وإغتصاب ابنتها القاصر وقتلها بطريقة غاية في الوحشية والهمجية والبربرية. وإذا كان محور الحديث في مسألة الجندي الامريكي يدور الان حول الحصانة القضائية لجنود الاحتلال الامريكيين, فإن قصة الامريكي دالاس تظهر ان الحصانة القضائية في بلادنا تمتد من الجنود الامريكيين الى المواطنين الامريكيين بمجملهم. قصة دالاس تظهر العجز الرسمي العربي عن رد أي طلب امريكي ولو كان من سيناتور وتكشف عن هشاشة النظام السياسي العربي الرسمي في مواجهة أي ضغوط امريكية, فكيف تقوى تلك الدول على إتخاذ مواقف سياسية مطلوبة من الاحتلال الامريكي وجرائمه في العراق والتي تهدد تلك الدول وإستقرارها السياسي والاجتماعي إذا كانت تعجز عن رد طلب سيناتور لتجاوز نظامها القضائي. تتكرر قصص العفو عن الغربيين في الجرائم الجنائية في بعض الدول العربية والتعامل في مسائل الرواتب والحوافز في حالة التعاقد الوظيفي معهم بأساليب خيالية ومميزة يعجز عن تحصيلها ابناء البلد ناهيك عن ابناء الدول العربية والاسلامية, هذا التمييز والمفاضلة الكبيرة بالاضافة الى العجز السياسي الكامل وحصر التنمية في مجالات الاستهلاك والسياحة دون البحث العلمي وبناء بنية تحتية علمية تظهر وبجلاء اننا مازلنا نعيش في حقبة الاستعمار وان الاستقلال والذي تتغني فيه غالبية دولنا العربية وتحتفي به هو وهم وخداع اشبه ما يكون بالحمل الكاذب.

في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون في غزة من الحصار والتجويع والقصف والترهيب, ويواجه سنة العراق حرب إبادة وتطهير عرقي تستخدم القتل والذبح والاعتداء على الاعراض, فيما يتفرج العالم العربي على تلك الاحداث الدموية والجرائم ضد الانسانية بلا مبالاة عجيبة فيما كثير من الدول الغربية تتواطئ في تلك الجرائم إما بالفعل المباشر كامريكا وبريطانيا في العراق او بالغطاء والدعم السياسي لجرائم الاحتلال الاسرائيلي في غزة وفلسطين فيما تتحرك الضمائر الانسانية المرهفة للافراج عن مدان امريكي في جريمة حيازة المخدرات ويتم العفو عنه في غضون ست ساعات.

 أوليس عجيبا بعد ذلك ان يتعجب المحللون والمراقبون من إنتشار وتفشي تيارات التطرف والتكفير في عالمنا العربي والاسلامي؟ 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com