|
جريمة الشروع في أثارة العصيان المسلح المحامية سحر مهدي الياسري نصت المادة 192 من قانون العقوبات العراقي رقم 119 لسنة 1969 على مايأتي :- (( 1- يعاقب بالسجن المؤقت كل من شرع في أثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة بموجب الدستور أو أشترك في مؤامرة أو عصابة تكوت لهذا الغرض. 2- وأذا نشب العصيان فعلا تكون العقوبة السجن المؤبد 3- وأذا أدى العصيان الى أصطدام مسلح مع قوات الدولة الى موت أنسان أو كان الفاعل آمر لقوة مسلحة أو مترأسا لها تكون العقوبة الاعدام .)) ونصت المادة الثانية من قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 1969 الفقرة الرابعة على مايلي ((تعتبر بوجه خاص الافعال الاتية من جرائم أمن الدولة : 4-كل من شرع في أثارة عصيان مسلح ضد السلطة القائمة بالدستور أو أشترك في مؤامرة أو عصابة تكونت لهذا الغرض )) وعاقبت المادة الرابعة في هذا القانون بالاعدام مرتكبي هذه الجريمة بصفته فاعلا أوشريكا و المحرض والمخطط والممول بنفس العقوبة تعد جريمة العصيان من أهم الجرائم الخطيرة التي تمس أمن الدولة الداخلي وتهدد أستقرارها قد يهدف العصيان الى تنفيذ مؤامرة لقلب نظام الحكم المقرر بموجب الدستور أو فرض أتجاه أو موقف عليه وقد يباشره عسكريون أو مدنيون فالمشرع لم يشترط صفة معينة بالقائمين بالعصيان أو المؤامرة . ولهذه الجريمة صورتين كما وردت في القانونين أعلاه :- الاولى :الشروع في أثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة بموجب الدستور:- والشروع يعني البدء بتنفيذ فعل بقصد أرتكاب جناية أو جنحة أذا أوقف أو خاب أثره لاسباب لادخل لارادة الفاعل بها ويعتبر شروعا في أرتكاب جريمة كل فعل صدر بقصد أرتكاب جناية أو جنحة مستحيلة التنفيذ أما لسبب يتعلق بموضوع الجريمة أو بالوسيلة التي أستعملت في أرتكابها ما لم يكن أعتقاد الفاعل صلاحية عمله لاحداث النتيجة مبنيا على وهم أو جهل مطبق والشروع هنا هو تنفيذ الافعال المادية للجريمة أي أثارة العصيان المسلح حيث يتم أيقاف تنفيذه أو يخيب أثره لاسباب لادخل لارادة الفاعل فيها فقد يكون بالقاء خطبة أو توزيع بيانات معادية ويوقف جبرا أما خيبة الاثر فيمكن تصورها بحالة قيام شخص بنشاطه الاجرامي لغرض نشوب عصيان مسلح الا أن هذا النشاط لايلقى أستجابة من الغير. واثارة العصيان قد تقع بالخطابات التي تلقى في الاجتماعات أو في الاماكن العامة أو بواسطة الكتابة أو المطبوعات أو الصورأو الشعارات أو الاحاديث للفضائيات أو الاذاعات والجرائد او على شبكة الانترنيت والعصيان معناه الخروج على طاعة السلطات العامة على تصريف شؤون الدولة في مختلف المجالات وقد يكون العصيان يهدف الى مؤامرة غايتها قلب نظام الحكم أو فرض أتجاه معين أو موقف عليه ويجب ان يتصف العصيان بالتوسع في حركته والشمول بينما العصيان في منطقة محدودة أو في مركز شرطة أو أية دائرة أدارية تعود للدولة أو أية مؤسسة محدودة لايعاقب الفاعلين بهذه الجريمة ولاتعد أفعالهم من قيبل العصيان المسلح فهو عمل جماعي منسق حتى وأن أفتقر للتنظيم أو أنه ظهر فجأة يتسم بالعدوانية والعنف وقد يكون متدرجا أو مستمرا وليس بالضرورة أن يقع العصيان المسلح أو تكون الاسلحة معدة منذ البدء فمجرد الشروع كاف لتطبيق حكم المادة أعلاه . الثانية : الاشتراك في مؤامرة أو عصابة تكونت بقصد أثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة بموجب الدستور :لايوجد في التشريع العراقي تعريف لمعنى مؤامرة الوارد ذكرها في قانون العقوبات وكذلك جاء قانون مكافحة الارهاب خاليا من تعريفها وقد يقصد بها معنى وهو الاشتراك في (جريمة الاتفاق الجنائي ) الوارد ذكرها في المادة 216 من قانون العقوبات والاشتراك في مؤامرة أو عصابة لاثارة العصيان المسلح هو غير فعل (الشروع في أثارة هذا العصيان) وهو جريمة متميزة من حيث الفعل عن جريمة الشروع في أثارة العصيان المسلح أي الاعداد للعصيان نفسه عن جريمة الاشتراك في المؤامرة أو العصابة المسلحة لاثارة العصيان المسلح ضد السلطات القائمة بموجب الدستور وهذه السلطات هي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية وموضوع الحماية من جريمة أثارة العصيان المسلح هو الدولة بصفتها شخصا ذا كيان معنوي وبما أن العصيان يتوجه ضد السلطات الدستورية للدولة ذاتها فأن أي فعل من هذه الافعال يكون موجها الى الدولة والى كيانها وجميع مؤسساتها لماذا أعتبر المشرع العراقي جريمة الشروع في العصيان المسلح أرهابا ؟؟؟ عرفّ قا نون مكافحة الارهاب بأنه ((كل فعل أجرامي يقوم به فرد أو جماعة منظمة أستهدف فردا أو مجموعة أفراد أو جماعات أو مؤسسات رسمية أو غير رسمية أوقع أضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بغية ألاخلال بالوضع الامني والاستقرار والوحدة الوطنية أو أدخال الرعب والخوف والفزع بين الناس أو أثارة الفوضى تحقيقا لغايات أرهابية )) عرفت بعض التشريعات العربية الارهاب ((بأنه جميع الافعال التي ترمي الى أيجاد حالة ذعر وترتكب بوسائل كالادوات المتفجرة والمواد الملتهبة والمنتجات السامة أو المحرقة والعوامل الوبائية أو الجرثومية التي من شأنها أحداث خطر جسيم )) وقد أخرج عدد من المشرعين العرب الجريمة السياسية من صفتها السياسية ولو أرتكبت بباعث سياسي أن كانت من الجرائم الارهابية عرف فقهاء القانون الدولي الارهاب بأنه أعتداء على الارواح والاموال والممتلكات العامة والخاصة بالمخالفه لاحكام القانون الدولي بمصادره المختلفه بما في ذلك المبادىء العامة للقانون سواء قام به فرد اوجماعة أو دولة وتشمل جريمه الارهاب الدولي أعمال التفرقة العنصرية والقمع وأبادة الجنس التي تقوم بها الدول واعمال الارهاب التي تقع ضد رؤساء الدول خارج دولهم واعضاء السلك الدبلوماسي وممثلوا الدول في المنظمات الدوليه فضلا عن أعمال النسف والخطف والتفجير وأحتجاز الرهائن وأطلاق النار ووسائل العنف الاخرى ضد الاشخاص والممتلكات والاموال التي يرتكبها الاشخاص أو الهيئات أو الاحزاب أو الدول بشكل مخالف للقانون وتحت أي غطاء كان سياسيا أو دينيا أو أمنيا من كل هذه التعاريف نستنتج أن وصف الشروع في أثارةعصيان مسلح لم يتم كجريمة أرهابية أمر مبالغ فيه في التشريع العراقي وتوسع لاداعي له وأعتباره جريمة أرهابية تهويل لجريمة لم تقع ممكن ان يحكم على شخص بالاعدام لألقاءه قصيدة أو خطبة أو حديث تلفزيوني اوصحفي ضد سياسات الحكومة لتعتبره شروعا في عصيان مسلح خصوصا وأن المشرع في قانون العقوبات ومكافحة الارهاب لم يحددا ماهية العصيان المسلح ولاحتى فقهاء القانون فحتى ألقاء قصيدة يمكن ان يعد شروعا بالعصيان حتى لو لم يحمل الشاعر سلاحا وكان الاجدى الاعتماد على نصوص قانون العقوبات فيما يتعلق بالجرائم الماسة بالامن الداخلي للدولة وفيها عقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه أثارة عصيان مسلح لاأن تصنف كجرائم أرهابية.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |