|
زيدان وايلاف... وصدام د. جعفر العاني / استاذ جامعي عراقي قد لا يكون ثمة جامع منطقي يجمع بين مفردات عنوان هذا المقال، لكن محررة " ايلاف " ( بلقيس دارغوث ) التى نشرت مقالا سمجا في الجريدة الالكترونية ( انظر ايلاف الاثنين 10 يوليو 2006 ) استطاعت ان تجد ثمة علاقة ما بين تلك المفردات، او هكذا خيل لها عندما حاولت ان تسقط تصوراتها الحمقاء وغير العقلانية على احداث رياضية آنية، بدا ان فكرها المريض كان مشغولا بها ومهتما بها. وهذا الاشتغال والاهتمام في موضوع بات القاصي والداني يدرك خطله وخطورة منطلاقاته، واعني به التمترس دفاعا ً عن قضية الديكتاتورية ورموزها في العالمين العربي والاسلامي بمثل هذه الصيغة الطائشة، وكأن هذا الاهتمام المهوس بها هو بمثابة مرض عضال اصاب اصحابها ويجعلهم اسقام لا شفاء لهم. والمقال اياه نشر بعنوان مختلف توحي مفرداته بالبراءة ‘ فهو لا يتعاطى مباشرة مع قضية الدفاع عن الديكتاتور العراقي، وانما يثير موضوعا آنيا شغل الرأي العالمي بشكل عام والمجتمع الرياضي بشكل خاص، وهي حادثة " النطح " المشهورة في النهائي الكروي الدولي في برلين، التى قام بها نجم الكرة الفرنسية من اصول عربية: زين الدين زيدان ضد المدافع الايطالي. لقد استغلت المحررة هذه الواقعة لتمرير اسقاطات مرضية طالما سعت " المخيلة " العروبية والاسلاموية التشبث بها وعدم التنازل عنها حتى ولو بانت هناك وقائع تدحض تلك الاوهام وتظهر خطأها الواضح والمبين. ومثل هذة الحكايا تتكرر يوميا، بل ساعة اثر ساعة وتنشر على نطاق واسع في الميديا العربية المرئية او المقروءة بدون كلل او ملل، والمراد منها تكريس ثقافة الدفاع المستميت عن رمز الاستبداد والعنف والسادية ومقترف الابادة الجماعية بامتياز، ومختصب السلطة ومدمر البلاد والعباد على مدى عقود – الديكتاتور العراقي صدام حسين، والذي لا يزال يحظى، كما يبدو باحترام واسع عند اولئك الذين تنازلوا عن شعورهم الانساني وفقدوا الاحساس بالتعاضد مع مآسي الاخرين ؛ بل ويعده بعضهم من السذج المغرورين بطلا قوميا ورمزا نضاليا ً. في معرض تناولها لاسباب الواقعة التى اضطرت اللاعب الدولي ان يقوم بفعلته تلك، والتى اعتذر زيدان عنها لاحقا، تشير بلقيس دارغوث في مقالها المنشور في ايلاف والموقع منها كصحفية وايلاف - كهيئة تحرير، تشير الى احتمال عدة اسباب، وليس سببا واحدا ؛ فتكتب في المقال اياه مايلي ".. وكانت تعليقات قراء " ايلاف " -لاحظوا رجاءا المرجعية: قراء ايلاف، وليس رأي الكاتبة لوحدها (!!) - على الموضوع تباينت منها من استنتج ان ماتيرادزي سب الرسول او الدين الاسلامي او العرب او..." صدام حسين " ! ( الفواصل والمزدوجان لي). نعم هذه هي الاحتمالات، وهي احتمالات تم تلفيقها بقباحة كريه ويراد تسويقها لنا بدون خجل ولا مسؤولية. فوفقا للكاتبة ترتقي اهمية صدام حسين، ذلك الحاكم المستبد والظالم، صاحب الجرائم التى يندى لها جبين الانسانية، كما يقال، ترتقي اهميتة الى قدر اهمية الرسول اوالدين الاسلامي اوالعرب !. ويتعين على زين الدين زيدان ان ينتصر لقضية.. سب صدام، بنطحتة الشهيرة تلك. - ماذا يعنى هذا؟ قبل الاجابة على هذا التساؤل اود ان احيل القارئ الى مقال نشر اخيرا في جريدة " الحياة " اللندنية، يشير كاتبه الى فجيعة الذهنية العربية او بالاحرى العروبية التى مابرحت تعتبر الخلايله/ الزرقاوي مجاهدا ً تقيا ً وليس مجرما ً سفاحا ً، وهي ذات الذهنية الى تجعل الكثيرين غير قادرين على التفريق بين المجرم العادي والمجاهد الشريف. وفجيعة سلوكية تلك الذهنية وتصوراتها ما فتأت اصدائها تترد في مختلف وسائط النشر العربية المقروءة والمسموعة، بحيث يضحى الديكتاتور العراقي بطلا قوميا، بل وان اهميته المعنوية ربما تعادل اوحتى تفوق اهمية: الرسول، او الدين الاسلامي، او العرب.. او هكذا تريد لنا " دارغوث " ان نصدقها ونصدق معها استنتاجات هيئة تحرير ايلاف !. فاية فجيعة فكرية نعيش؟ واي خطاب دموي وارهابي يراد له الانتشار والتمرير؟ وهذا يحدث في واسطة نشر تدعي الليبرالية ؛ فما بالك في الوسائط الاخرى المعادية اصلا الى الليبرالية؟ - مالعمل؟ مزيدا من كشف نوايا اؤلئك المتسترين على الارهاب والداعين اليه، وفضحهم امام قراءهم، والرد عليهم وعدم ترك المجال لهم يمرحون ويسرحون فيه ؛ ففعالية ترويج وتسويق الارهاب ونشره، ترتقي الى فعل.. الارهاب ذاته.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |