هل ستوقف المصالحة الوطنية أعمال العنف

 

احمد جوي اللامي / اعلامي في تجمع عراق المستقبل

cairaqs@yahoo.com

مثل افة هو العنف اذا حلّ في بلاد فذلك يعني أنّ الدمار سيقضّ مضاجع ساكني ذلك البلاد وسيحوله إلى غابة ، القوي فيها يأكل الضعيف، ويدخل ذلك البلاد نفقاً مظلماً وموحشاً لا يعرف متى ينتهي.

مايشهده العراق اليوم هو ارتفاع اعمال العنف إلى أعلى معدلاتها. ميليشيات مسلحة، وقتل على الهوية، وجماعات تكفر القريب والبعيد، وحملات اغتيال تنفذ بحق اساتذة الجامعات والاطباء والكفاءات ، تهجير قسري، وهجرة كبيرة الى دول الجوار هرباً من أعمال العنف. انه بحق مشهد مأساوي يؤلم القلب والضمير.

وهنا يتساءل الشعب العراقي هل ستوقف هذه المصالحة الوطنية الذي اعلنها دولة رئيس الوزراء وطرحها على البرلمان العراقي اعمال العنف الذي تفتك بالبلاد والعباد. سيما وانه في الوقت الذي كان رئيس الوزراء نوري المالكي يشرع ببيان بنود المصالحة الوطنية كان هناك قتال يشتعل في مناطق عديدة من بغداد الامر الذي يزعزع ثقة الشعب بمستقبل هذه المصالحة.

انا اعتقد ان هذه المصالحة مهمة ولا بد منها وضرورية لفتح نوافذ الحوار مع المقاطعين للعملية السياسية. وحتى الذين يحملون السلاح في بعض الاحيان وهذه المصالحة هي خطوة من خطوات الحد من مظاهر العنف المسلح شرط ان تؤتي أكلها ولا تتجاوز على الدستور العراقي الذي صوت عليه اكثر من سبعة ملايين عراقي وأن لا يكون فيها اجهاز على مشاعر الشعب العراقي ولا سيما اهالي ضحايا الارهاب الأعمى، وانا برأي ان هذه المصالحة لا يمكن الاعتماد عليها للقضاء على اعمال العنف في العراق لان هذه المصالحة لا تتعامل مع مشاكل العنف بعمق انما هي تتعامل مع سطح المشكلة لان مرض العنف مرض مزمن لا تنفع معه المهدآت انما هو بحاجة الى علاج ينزل الى قلب ذلك المرض ويقتلعه من الجذور او على الاقل يحد منه حداً منهجياً من مرض العنف انا هنا أتساءل،و أتوجه بالسؤال الى كل المسؤولين في الحكومة العراقية وبالاخص رئيس الوزراء ، هؤلاء المعتقلين الذين أفرج عنهم والذي يزيد عددهم على الألف معتقل هل أهلت الدولة هؤلاء المعتقلين للخروج بحيث نستطيع ان نأمن شرهم او على الاقل على  ان هؤلاء لم يتأثرو بكبار الارهابين داخل المعتقل ولم يشحنوهم بشحنات اصولية متطرفة وبالتالي يؤمنو اشد الايمان بوسائل العنف للمطالبة بحقوقهم والنتيجة ستكون الدولة افسدت بدل من ان تصلح وصار المعتقل مدرسة يتخرج منها رجال عنف.

 

مشكلتنا اننا لانستفيد من تجارب الآخرين في هذا الاطار

فخذ مثلاً السجون المصرية وكيف تتعامل مع الجماعات المسلحة والمتطرفة  انها استطاعت ان تغير الكثير من وجهات النظر عند هؤلاء الذين يتخذون من العنف وسيلة للتعبير عن افكارهم وآرائهم بل وصل الامر الى ان تغير فتاوى فمثلاً كانت هناك فتاوى تجيز قتل السواح الاجانب وتفجير محلات الذهب الذي يمتلكها اهل الكتاب، وبعد الامساك بكبار تلك الجماعة المتطرفة والاشتغال عليها فكرياً وفتح سبل الحوار معهم استطاعت اجهزة الدولة ان تؤثر فكرياً على كبار الجماعة وبالتالي كان لزاماً عليهم ان يصدرو فتاوى لنسخ تلك الفتاوى التي تتخذ من العنف وسيلتها الوحيدة. هذه تجربة حري بنا ان نتبعها اليوم في سجوننا ومعتقلاتنا وهي تجربة متبعة في كثير من البلدان التي توجد فيها مظاهر العنف المسلح وهذه بالطبع مهمة بالنسبة لنا وهي احدى اهم وسائل تجفيف منابع العنف التي تعالج العنف من الداخل وبالتالي تحول المقتنعين الى دعاة سلام. ميدان اخر يجري العمل عليه دولياً الآن بخصوص الحد من مظاهر العنف المسلح وتجفيف منابعه وهو وضع اطار ومنهجية جديدة لمناهج الدراسة وشحنها بشحنات الحوار واحترام الاخر كخطوة من خطوات جعل الحوار واحترام الاخر هو الخطاب المهيمن على ساحة الواقع وهذا بالتأكيد يستلزم اولاً تأهيل التربويين لان هذ التحرك لا يتسنى له النجاح اذا لم يكن هناك تربويون جيدون يؤمنون بوسائل السلم.

وكل هذه السبل والتحركات لا يمكن ان تأخذ طريقها الى النجاح مالم يفعل قانون العقوبات. لان من امن العقوبة اساء الادب

فعندما يشعر الفرد ان هناك قانون عقوبات يعاقبه يتولد لديه رادع وبالتالي يحجم عن الاقدام على اعمال العنف.

ان ما نلاحظه هو غياب قانون العقوبات سيما على الذين يحرضون على القيام باعمال العنف لان هؤلاء هم اخطر من منفذي اعمال العنف لان هؤلاء لايوجدون لولا وجود منظري العنف

ان استئصال مرض العنف من جسد عراقنا المثخن بالجراح مهمة شاقة وصعبة وبحاجة الى جهود حثيثة وجادة لانهائه جذرياً من بلدنا العراق

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com