وإذا عبير سألت!! بأي ذنب قتلت؟!

كوثر الكفيشي / الحلة

kawtharamer@yahoo.com

بالأمس أبرقت سماء بغداد فامتزج البرق بالخوف ومن ثم رعدت سماء بغداد ليمتزج صوت الرعد بصراخ عبير ومن بعدها أمطرت السماء ليمتزج المطر بالدموع التي انهمرت بغزارة من عيني طفلة بغداد، ومن ثم سكنت الدنيا بعدما أن انزلت السماء وعدها ووعيدها وسكنت الأرض بعدما أن قتلت عبير وانتهك شرفها.
بالأمس صرخت عبير مع البرق والرعيد متوقعة بأن البرق سبرز معالم خوفها وأن الرعد سيوصل صوتها الرنان إلى جميع الآذان لتفتح الحناجر قارئة الأذان معلنة حرب شعواء ضد المعتدين حاملين الآثام.
بالأمس ركضت عبير داخل جدران منزلها الصغير علها تجد فيه منفذاً وحيد ينقذها من يدي ذلك السكير، دارت ودارت فما وجدت سوى الموت والإعتداء فحاولت أن تستسلم للموت غير أن الآخر اختطفها واحتضنها ليرسم رسمته البشعة على صفحاتها قبل أن يودعها ويسلمها إلى شقيقه الموت، ذلك الأخ الذي نحن نفر منه عبير فرت إليه وأخذت تبحث عنه علها تجده وتدخل بين ثناياه غير أن الإعتداء كان هو السباق في هذا السباق.
بالأمس انتهك شرف العراق، بالأمس استبيح العراق، بالأمس قتلت براءة العراق، بالأمس زهقت طفولة العراق، بالأمس دنس العدو كل العراق.
واليوم تقام الأفراح وتنصب خيام الأعراس، ويتجول الناس في الشوارع والأسواق، اليوم تتناقل الأخبار والفضائيات يا ناس قتلت بالأمس فتاة في العراق بالأمس انتهكت حرمة فتاة في العراق، اليوم يجتمع أعضاء البرلمان ليتداولو شؤون العراق وكأن عبير مجرد زهرة قد دعست تحت الأقدام أو كأنها عصفور أصيب بأنفلونزا الطيور فحكم عليه بالإعدام وكأنهم نسوا بأن عبير هي شرفهم وأن عبير إبنتهم وإبنة كل العراق.
اليوم تقام الجلسات وتوضع الطاولات المستديرة لتناقش أمور المرأة وكأنهم نسوا أو تناسوا بأن عبير تنتمي إلى صنف هذه المرأة، وهاهم ينادون ويطالبون ويتظاهرون ويحتجون لحقوق المرأة غير أنهم قد وأدوا اليوم وبأيديهم هذه المرأة.
ها هم سياسيو اليوم وكأنهم ليسوا أولئك أنفسهم بالأمس الذين رفعوا قضية المرأة العراقية ووضعوها ضمن أولويات مشاريعهم وخططهم المستقبلية لكن يبدو بأن عبير قد حذف إسمها من لائحة المرأة العراقية.
وشعراء اليوم كأنهم ليسوا أبناء شعراء الأمس فأين بدر شاكر السياب القائل:
عصافير أم صبية تمرح
أم الماء من صخرة ينضح
لا أعلم إن كانوا قد صموا أو عميوا أم ماتوا، لا أعلم إن كانت أقلامهم قد جفت وأوراقهم قد نفذت وقلوبهم قد تحجرت فباتو يرون ولايرون، ويسمعون ولايسمعون، ويشاهدون ولايدونون قتل الطفولة على تراب العراق.
فويل لكم يا رجال العراق ونسائه وليكن الله في عونكم يوم يوقفكم المنادي قائلا: وقفوهم إنهم مسؤولون!!!.. فويل لوقفتكم تلك وويل على حسابكم العسير. ولا أقول لكم سوى أين المفر يا معشر العراق يوم تقوم عبير من لحدها الصامت لتصرخ بكم:
((وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت))

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com