الحد الفاصل بين الصحوة الاسلامية  والصحوة الارهابية .. الحلقة الحادية عشرة

فاتح منصور السعيد

Fmsaed@gmail.com

وفي العصر الحديث ظهر ثلة من المفكرين المتعصبين وعلى سابق منوال مرتزقة المعممين واحبار السلاطين بما كانوا يمنحونه للخلفاء من منازل قدسية وطبق ما كانوا يصدرونه من فتاوى في تأليه القتلة والسفاكين من الامراء والسلاطين وان كانوا هؤلاء قد زادوا في الطنبور اوتار  ..من نهج الكثير من هؤلاء الوعاظ والمفتين على نهج اسلافهم السابقين من كيل الفتاوى كيلا ووهبها جزافا لكل مجرم شقي وفاسقا غوي وتنصيبه (اماما للمسلمين) وحامي حمى الدين او مجاهدا هماما ومدافعا عن المسلمين ومقاومن للمحتلين امثال (الزرقاوي ) ومن لف لفه من القتلة والفجرة والاشقياء السفاكين لدماء المصلين والمفجرين للمساجد والمقطعين لاوصال الابرياء والمستبيحين للاعراض والمغتصبين للمؤمنات ..!

أعرفُ جيداً كم هي أمتنا مولعة ومفتونة بحفنة من قادة الإسلام السياسي ، الذين يعشقون المغامرات الكبرى و يجيدون ارتكاب الحماقات وركوب الكوارث ولوعلى الاشلاء الممزقة والاوصال المقطعة وحتى القفز على نصوص الدين يعبثون بإنسانية الإنسان ولا يعرفون العيش إلا بين التوترات ولهب النيران وعتاد الخطب الصوتية ومهووسون باستحضار الحذلقات المنبرية ومزجها بالوقائع الدينية اللاهبة للمشاعر والعواطف..

وقودهم دائماً في الحروب الخاسرة والرهانات الفاشلة الشعوب المغلوبة على امرها الهتافة الراضية لاستبدادهم الديني وشهوانيتهم التسلطية، ما دام أولئك القادة والمهلوسون المصطفين من السماء يأخذونهم سريعاً إلى جنات الخلد والنعيم الأبدي وفي أحضان الحور العين..

حتى لم تعد هناك كلمة دخلت قاموس السخف

الثقافي والابتذال السلوكي ككلمة (المقاومة)، ومن قبل كانت (الشهادة) هي الأخرى الجسر الذي امتطاه الكثيرون من أرباب القتل والتفجير وحولوها إلى مفردة تتسكع عارية متهتكة متفسخة في دروب أعمالهم الإجرامية التفجيرية حتى أسبغوا على الزرقاوي وبقية المجرمين لقب شهيد الأمة..

حتى اصبح هؤلاء المشعوذين والدجالين من مرتزقة المعممين  مادة دسمة  ويافطات اعلامية كبيره تتنافس عليها  الفضائيات وتتهافت عليها وسائل الاعلام للمتاجرة الرخيصة المبتذلة  في اصدارهم للركام الهائل من (الفتاوى) التي ليس فقط تشوه الرسالة وتسيء الى الاسلام وتطعنه في مقتل بل هي مخالفة صريحة للشرع ومجانبة للحق  دع عنك ما لها من الاضرار الفادحة التي تلحق بالمسلمين في اثارة الفتن والتحريض على العنف والارهاب ..

وفي هذا الصدد يشدد النكير فضيلة  الشيخ نصر فريد واصل عميد كلية الشريعة ومفتى مصر الاسبق قائلا:حذرت من هذه الفوضى كثيرا وطالبت  بتوحيد جهة (الفتوى) خاصة  فيما يخص مصالح الامة الاسلامية او مستقبل الدول  لان القول بغير علم في هذا المستوى يولد الاختلاف والخلاف وعندما يكون الخلاف على (جهل) تقع الطامة الكبرى والتي قال عنها القران:( ليس لها من دون الله كاشفة)

وهو يعتبر هذه الضجة (الافتائية) على الفضائيات على انها فوضى لاضابط لها ولابد من وقف هذا النزيف الافتائي على الفضائيات ..ويستطرد قائلا :الحل عندي في توحيد جهة الفتوى وحصرها في نطاق ضيق جدا فمثلا كمجمع البحوث الاسلامية  كهيئة فقهية  وبحثية محترمة ودار الافتاء وايضا لجنة البحوث الفقهية

وقد بلغ الحد في هذه الظاهرة الخطيرة ومدى سعة  انتشارها في اصدار الفتاوى جزافا من قبل كل من هب ودب ممن تثقل هاماتهم العمائم من غير المؤهلين وليس لهم الاهلية للفتوى وكان شرها مستطير ووبالها عميم في تهديم قواعد الشرع والعمل بالبواطل التي ماانزل الله بها من سلطان . فقد ظاق بها العلماء ذرع لهذا يتوجع منها العلماء الاعلام يقول الدكتور محمد مختار المهدي امام اهل السنة الرئيس العام للجمعيات الشرعية  قائلا :انا اطلب بتوحيد جهة الفتوى ليس فقط على نطاق الدولة  وانما في العالم الاسلامي  ويمكن اختيار فقهاء علماء من كل بلد وجمعهم جميعا في مجمع فقهي يدرس قضايا الامة  على نحو  يضمن تحقيق  مقاصد الشريعة  وإصابة كبد الحقيقة الشرعية  فيما يبحثونه من قضايا خلافية  وبهذا تتوحد الفتوى والفكر في الامة  كلها مع التاكيد إن منهج سيدنا رسول الله (ص)مبني على الاخذ بالايسر ..انظر مجلة اخر ساعة العدد2672 في 9مارس 2005 ص28(فتاوى الفضائيات ..فوضى خطيرة)

وبما إن السباق في هذا الجال من الفتيا هو كبير منظري الجماعات المتأسلمة  المفكر الاسلامي (ابو الاعلى المودودي)، وسار على نفس وتائر من سبقه من وعاظ السلاطين  ،فاحيى سنة الجور .. فنراه يعطي للحاكم من الصلاحيات ما يطلق  العنان ولا حدود لها ، فيقول :(  ولي الامر المطاع في حكمه ولا يعصى له امر ولا نهي . والامير من حقه ان يرفض راي الاخرين حتى ولو كانوا اغلبية او اجماعاً. فالاسلام لا يجعل من كثرة الاصوات ميزاناً للحق والباطل. فان من الممكن في نظر الاسلام ان  يكون الرجل الفرد اصوب رأياً و أحدّ بصراً من سائر اعضاء المجلس ) نظرية الاسلام السياسي - ص29

فهذه الكلمات هي نفسها المعتمدة عن فيلسوف جماعة الاخوان المسلمين (المودودى) حيث تراهم في مرات يصانعوا وحسب الظروف والمواقف فمرة يرفض الفكرة الديمقراطية من اساسها ومرة يحذلقون الكلمات ويتلاعبون بالافاظ : ( أن المبدأ الرئيس للديمقراطية الجديدة أن الناس بيد انفسهم حكمهم وتشريعهم والى أنفسهم كل تصرف في قوانين يضعونها كما يشاؤون ) ابو الاعلى المودودي –الحجاب/ بيروت ص72 ، فهذا هو نفس فكر الاخوان المسلمين الذين يرون أن (الشعب ليس حرا في اختيار نظام الحكم الذي يريده فالمواطنون معرضون للخطيئة ما لم يلزموا أنفسهم بحكومة تقوم على اسس دينية )

وقد استلهم فكرة (الحاكمية) هذه مؤسس  الاخوان ومرشدهم (حسن البنا) في مشروعه السياسي واستغواء الامة والعبور على فجائعها للوصول الى المأرب والحصول على المكاسب من خلال لغة خطاب حماسية تستدرج السذج والرعاع من الناس لمخططات انقلابية غير مسترشفة واقع الامة وما تنوء تحت وطأته وما تصبوا اليه .. فالاستاذ حسن البنا يأبى إلا إن يمضى في طريق النفق المظلم والخواء الفكري والارهاب السياسي هو وجماعته –الاسلامية..!

 وقد بلور فكرة الحاكمية هذه  للجماعات المتأسلمة في العصر الحديث  حيث ظهرت متأخرة في كتابات (سيد قطب) ايضاً،وسرت سريان النار في الهشيم  لعقول المتحجرين والمتعصبين والاخذ بها وتطبيقها رغم افراطها بالتجاوزات والاساءة والارهاب ..ومن هذا المنطلق لم يكن سيد قطب يصلي صلاة الجمعة يقول المستشار العشماوي القيادي الاخواني السابق يقول (كان المرحوم سيد قطب لايصلي الجمعة  وقد علمت منه ذلك مصادفة حين ذهبت اليه دون موعد وكانت بيننا مناقشة ومشادة حامية وأردت أن أهدى الموقف وقلت له هيا إلى صلاة الجمعة وقد فوجئت حين قال لي انه يرى فقهيا إن صلاة (الجمعة)  تسقط اذا سقطت (الخلافة )وانه لاجمعة إلا بخلافة ..!

وان فكرة التكفير التي ابتدعها سيدقطب والتي اصبحت فيما بعد القاعدة الرئيسية والمحور الذي يدور عليه قطب التكفير المستشري في الامة على ايدي الجماعات التكفيرية المتزمته وفي هذا الصدد يقول الاخواني السابق المستشارعلي العشماوي في روز اليوسف العدد 4046 في 30-12-2005  ص84 يقول سيد قطب :إن رحلة الانبياء من نوح حتى محمد(ص)تتلخص في (معنيان) هما لب الرسالات المتعاقبة  1-الدعوة الى الاسلام الامر لله التوحيد (أن  تعبدوا الله ولال تشركوا به شيئا)و2- الدعوة الى الاسلام (إن الدين عند الله الاسلام )وهذا تدليل على وحدة ارسالات  السابقة  ولهذا فإذا كلن ذوو الاديان  السابقة للاسلام قد فرطوا  في عقيدتهم وبعدوا عنها  فقد اعتبروا متخلين عن دينهم واعتبروا أنهم  عادوا الى جاهليتهم  مرة اخرى ولذلك فإن بعد المسلمين بنفس القدر وإذا فرطوا فهم بذلك  قد استحقوا إن يقال عنهم انهم أرتكسوا إلى الجاهلية هم ايضا  ..!وانه لابد من إعادة تصحيح عقيدتهم مرة اخرى ..ويعلق المستشار العشماوى على هذا قائلا قد راينا حين قيل هذا القول إن الناي ليسوا مسلمين يترتب على هذا الاحساس امور كثيرة   وخطيرة منها  اعتبار الناس (كفرة) ويترتب على ذلك ألاتاكل ذبيحتهم وألا نتزوج منهم وان نعتزلهم  وان نستبيحهم ..وان ...وان ..إلى اخره ويستطرد العشماوي :نرى من ذلك إن هذا الفكر الأم المخزية لجماعات كثيرة  انتهجت هذا النهج وصارت عليه  بل زادت انحرافا  عنه منها جماعات (التكفير والهجرة ) وبعض الجماعات الاخرى حتى إن تنظيم (القاعدة)  يعتبر فكر سيد قطب (نبراسا له ودليلا يهتدون به  في وضع خططهم ) ويعترف سيد قطب بان الشيخ (حسن البنا )كان على علم بكل مانفعل وكان الهذف واضح في ذهنه  انه قد حدد الوسائل والمراحل  بدليل وجود مجموعات في الشعب ووجود تنظيم خاص لهذا البرنامج  وان نشره في حينه كان سينفر الناس منا وكان هذا الفهم بيننا  ويجب علينا تصحيح اعتقادهم وتفهيمهم  ثم ربطهم بنا في النهاية ...وكذلك يرى سيد قطب إن الجماعة كانت مخترقة  من القوى المعادية للاسلام وانهم ادخلوا الى الجماعة بعض اعضائهم او جندوهم من داخل الجماعة  افرادا يعملون لصالحهم  ..وقال إن البنا كان يعلم بهذه الامور ...وترك الاستاذ البنا المجال لهؤلاء الذين يعملون لجهات معادية  داخل الجماعة إن يترقوا الى الدرجات العليا  وان يحكموا قبضتهم عليها  الى جانب باقي القيادات  التي كانت موجودت مع الاستاذ البنا  ويرى سيد قطب إن اليهود وضعوا المخططات للسيطرة على الحركة الاسلامية لهدم الاسلام كما  عملوا على السيطرة على المسيحية وتوجيهها الى صالحهم بعد إن احكموا سيطرتهم على الفكر المسيحي  استطاعوا إن يغيروا في الكثير ليخدم مصالحهم  ثم يستخدموا المسيحية ضد الاسلام  وقد بداء هذا الاتجاه بعمليات التبشير التي تمت في كثير من الاقطار الاسلامية  ثم استبدل بالاستشراق  المبني على اسس هدم الفكر الاسلامي 

 لذلك نرى  (قرضاوى ) عندما يبرر الانتهاكات وكل التجاوزات التي قام بها امراء الاسلام وما لحق الشريعة من تشويه وتحريف التي انتهجها امراء الجماعات المتأسلمة لامثال هذه الطامات يصوغ اعترافه باللغة المراوغة القائلة: (وأنا لا أنكر إن هناك من اساء الى الشريعة على امتداد التاريخ – لاحظ على امتداد التاريخ -  فهماً وعملاً لكن ليس هذا ذنب الشريعة فهى منه براء)الاسلام والعلمانية/  ص145

جميل جدا هذا الدلاء، وهو يعنى ان الشأن شأن بشر حكموا بشراً بالظلم والقهر باسم الشريعة  وهكذا كانت الشريعة مطبقة وهكذا كانت الشريعة بريئة، فمن المسؤول عما حدث للعباد في دولة الاسلام الذهبية ؟! يكرر (قرضاوى) (إن اخطاء المسلمين وانحرافاتهم على مدار التاريخ – لاحظ مدار التاريخ – إثمهاعلى اصحابها ولا يتحمل الاسلام وزر شيء منها )الاسلام والعلمانية 33

جميل مرة اخرى، لكن هلا صرح لنا من هم هؤلاء المنحرفون والمخطئون على مدار تاريخ الخلافة..؟! وما هي انحرافاتهم واخطائهم على مدار التاريخ ..؟! وما اثرها على الاسلام والتشريع ..؟! وهل هكذا تكون الدولة الاسلامية المطلوب استعادتها دولة العدل والاحسان ؟! وهل هكذا تم رد  الحقوق والمظالم لاصحابها ؟! يبدو ان (قرضاوى) مشغول بالدفاع عن الشريعة وليس الناس لان (اسلافه) في الوظيفة كانوا هم القائمين عليها اما لو كان الاخلاص هو المقصد فلابد إن يلحق قرضاوى اعترافه  باعتراف اخر : بانها كانت دولة الظلم والطغيان والفساد وليست العدل والاحسان  وان عليه وعلى امثاله  كي يجدوا احتراماً بين الناس أن يعلنوا هذه الاخطاء  ويعتذروا لكل الابرياء في تاريخنا وتاريخ من مسهم شرنا وأذانا في الدنيا!! اعتذاراً تاريخياً يجمعون عليه  بدلا من خطابهم المراوغ المختل عن دولة العدل والاحسان التي امتلأت ظلماً وجوراً وبتعبير الخليفة عمر بن عبد العزيز نفسه ..!

هذا قوله في اعتراف شديد الوطأة لا تعرف معه ما يجب إن نفعله مع مثل هؤلاء الذين أوهموا المسلمين بتلك المفردات والنظريات  وساعدتهم الدول الاسلامية عبر ما تملكه من وسائل تثقيف اعلامية وتعليمية لتأكيد هذه المفردات التي ليست اكثر من معان وافكار لجماعة (متأسلمة) ملوثة بالدم ،ومع إن السلفية تريد الرجوع بنا الى القرن السابع الميلادي وسحب فتاوى تلك الحقبة على واقعنا المعاش  من باب الحجر على العقل والغاء نصوص التشريع،،،! ويتناقض قرضاوى حيال الشأن السياسي ونظام الحكم في الاسلام- الحاكمية-  فتارة يقول:هو حكم الله وليس البشر وبما إن الله لن يحكم بنفسه فهم قد اختاروا انفسهم للحكم بالنيابة عنه ! ولكنه بعد فترة يعترف بان مسألة نظام الحكم  في الاسلام ابدا لم تكن أصلا من أصول الاسلام وبقوله في الجزيرة في 20-02-2005 :(لما سقطت الخلافة الاسلامية وليس للاسلام سلطة دينية، لذلك الاخوان وحسن البنا كانا من ابرز دعاة هذه الفكرة -الحاكمية -)!وتستمر علامات الاستفهام وعلامات التعجب في التراكم التبريري وطمس الحقائق وتزيف الوقائع .. وبهذا اكتفي لئلا يتنفر القارئ الكريم مما يسمعه من خزعبلات وتلفيقات واباطيل على الله وعلى رسوله (ص) واستخفافاً بالامة ودمائها لقاء حفنة من دراهم و فتات زائل ..

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com