|
التأقلم مع الموت فراس الركابي / العراق - بغداد عشوائية الموت في بغداد تجعله بلا اجل مسمى ـ لكل اجل كتاب ــ بدت هذه الكلمات تفقد الكثير من معانيها في بغداد لان اسلوب الموت هنا يختلف عن اسلوبه في اي بقعة اخرى من الارض ، فالموت اشمل واكثر فهو بلا خجل يمازحك في كل مكان ولمرة واحدة فقط ويترك خلفك بكاء وعويل الاحبة ، الانفجار والتفخيخ والقتل المغدور سمات اساسية للموت في بغداد وبازمان مختلفة تحصد الارواح بلا تميز بين طفل او رجل كهل او حتى معتوه يتمشى في الشارع فهو موت مخروم . حين تجولك في بغداد كثيرا مايشد انتباهك اللافتات السود اللتي تنحب فقيدها الذي صار اسم معلق على الجدار فهي في كل ضاحية وشارع وحي ولا تخلو منها الازقة ، وهي ايضا دلالة لمكان العزاء ، وفي احدى مقامات العزاء يوما قرر الموت ان ينتقم من ذاته جاء رجل يحمل كل ملامح الايمان من لحية كثة ومسبحة سوداء وثوب فضاض استقبله المعزين المصطفون على يمين ويسار السردق وبداء بقراءة سورة الفاتحة ثم فجر نفسه ليعصف بالمصطفين الى جثث مبعثرة وتحول العزاء الى خبر صحفي حصري لاحدى وكالات الانباء الاجنبية . وصار لابد من استقبال معزين جدد. تخلى الموت عن نظاميته ومعدل الاعمارو الفردية فل الارواح تحصد بعشوائية فوضوية مع التخلي عن عامل الزمن ، اثر انفجار عشرات الضحايا في مكان واحد رائحة شواء الاجساد تنتشر في الهواء ممزوجة بانتفاض اخر قطرةدم على الاسفلت الاسود وضمن حرارة الصيف اللاهب , والتصاق بعض الاشلاء على الجدار من شدة العصف بعد ان فقدت اكثر الجثث ملامحها وكثيرا ما يموت اشخاص ولا اثر لبقايا جثثهم التي تحولت الى رماد متطاير كل هذا حصل لا ناس اتوا للصلاة وتحت حراسة امنية مشددة ، والكثير من المصلين كانو يتذرعون الى الله بالدعاء كي يطيل باعمارهم في هذه الاوضاع الامنية التي يعييشونها لكن نداء الموت كان اسرع . في حي الزهراءبمدينة الكاظمية كان يقطن هناك رافد السعدي في العقد الثاني من العمر والملقب ب( تاشي ) لانه منغولي من الدرجة الاولى يصادقة التخلف العقلي منذ الولادة قتل مغدورا عثر على جثته في احد الشوارع بان عليها اثار التعذيب ولا احد منا يعرف ماهو الفكر السياسي او الطائفي الذي كان في دماغ تاشي ؟ شكل الموت ظاهرة يومية في بغداد على مختلف مناطقها وباساليب متعددة ومبتدعه لم يسبق وان استخدمت في بلدان اخرى . الموت في بغداد لا بد ان يزورك وعزرائيل, ولابد من الترحيب به شأت ام ابيت وفي احيان كثيرة يصبح ويمسي ضيفا ثقيلا جدا ولا يفارقك الابعد ان ياخذ منك اثنين اوثلاثة من الغوالي ام علي 60 عام تسكن حي العامل فجعت بمقتل ولديها الاثنين وفي نفس الاسبوع ,الاصغر اخترقته رصاصات مجهولة وقتل غدرا ولا احد يعرف السبب وولدها البكر كان طالبا في كلية الادراة والاقتصاد ضمن المرحلة الاخيرة قتل على يد جماعة مجهولة ايضا بعد ان اثقبت رأسه اطلاقات نارية في منطقة نفق الشرطة دون معرفة السبب وتقول ام على ان ابنائها لايحملون اي فكر سياسي او ديني متطرف وتضيف انالله وانا اليه راجعون .
عندما يخيم الموت في مكان لافرار منه , ولا بد من معانقة الحزن . في ذروة الفرح وفي احدى الضواحي القريبه من بغداد كانت الوجوه الضاحكة تنتشر في كل مكان ضمن حفل زفاف تعتليه اصوات الزغاريط , كان الزوج الجديد يفكر كيف يقضي ليلته اليوم ويفكر بدخول الدنيا ضمن حياة جديده و ثمة مجموعة مسلحة تقطع سلسلة افكاره تقتاده الى مكان مجهول واحد اقاربة عثر على جثته بعد ايام على احد ارصفة الشوارع وباتت العروس تنحب حضها العاثر . كثيرا ما فكرت ان اضع نهاية لمقالتي اللتي انقل فيها بعض من قصص الناس الذين اعايشهم في كل مكان , لكن القتل الغدر والموت بلا سبب مازال يستمر وقد يصادفني الان وانا امارس الكتابة........................................................ لكن صارمن يوميات العراقيين التأقلم مع الموت .........
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |