توقيت زيارة المالكي الى لندن وواشنطن بين اراء الرفض والقبول

المهندسة ليلى البحراني / لندن

layla_gaber@yahoo.co.uk

بالرغم من ان زيارة المالكي الى كل من لندن وواشنطن كانت معد لها سلفا بترتيباتها وجدولها الزمني الاّ انها كانت في نظر العيون العربية والعراقية المعارضة للاحتلال الامريكي موضع اختبار للمالكي والحكومة العراقية المنتخبة دستوريا في مدى اهتماماتها للقضاياها المصيرية والعقائدية واختبار آخر لتمكنها باستقلالية القرار امام صانعي السياساسات الدولية . فعلى الصعيد الداخلي وبعيدا عن اراء الارهابيين الذين لايحملون مشروعا واضحا لخدمة العراق ويحركون ضمن املاءات واجندة خارجية استغلت الساحة العراقية مسرحا والمواطن العراقي وقودا لها لتمرير مشاريعها في رسم خارطة الشرق الاوسط الكبير او الجديد لاجل ان تشل وتعطل طاقة عمل اكبر بلد عربي قوة وكفاءة للدفاع والوقوف بجانب اشقائه العرب ويكون الذراع الايمن لهم .

نعم بعيدا عن هؤلاء الذين تقع عليهم لعنة الله والتاريخ بكل ماتحمل هذه اللعنة من تفسيرات لم تلق الزيارة استحسانا وقبولا واسعا بقدر ماسببت احراجا واضحا لتيارات عراقية وشخصيات داخل البرلمان العراقي امام الشعوب العربية وقد عارض التيار الصدري وحزب الفضيلة هذه الزيارة بأعتبارها تزامنت في وقت تلتهب الشعوب العربية سخطا وغيضا جراء الاعتداء الاجرامي على لبنان وجنوبه وقيادته الشيعية . اما عربيا اعتبرت الزيارة ان التغيير الحاصل في العراق بعد نظام صدام الاستبدادي يؤكد تغير منهجية السياسة العراقية وابتعادها عن الخط العربي والارتماء في الاحضان الامريكية او الفارسية كما انها قد تضيف رقما استرضائيا لما تخطط له الادارة الامريكية والصهيونية في انشاء شرق اوسط جديد .

امّا الاصوات الشيعية العراقية وشيعة عرب دول الجوار كانت الاكثر احراجا امام موازين الدعم والتلاحم الشيعي السني العربي والوقوف بجانب المقاومة الشيعية في جنوب لبنان ومؤازرتها شعبيا ,

وسط الاجواء العربية المحتقنة غيضا والعراقية المساندة للموقف اللبناني ترددت اخبار عن عدم رغبة المالكي للزيارة وينوي التريث لكن بما ان الواقع العراقي وملفه الامني المتدهور يستدعي الاسراع بمعالجته وتعديلاته لذا فرضت على المالكي التزامات امام شعبه الذي يقتل منه كل يوم مايقارب 200 شخص هذه الالتزامات لاتقل اهمية في همومها عن الوضع اللبناني ففي العراق هناك ملفات عديده لاتحتمل الابطاء كمبادرة المصالحة الوطنية بمرحلتها الثانية وتعديل بعض بنودها والتعهد بحل المليشيات ونشر قوات مشتركة عراقية امريكية مكثفة في بغداد لاجل حمايتها وتفعيل قانون الاعمار والاستثمار وحل مشكلة البطالة هذه الالتزامات اعطت للمالكي مبررات لاهداف الزيارة من قبل المنصفين .

وفي هذا المقال سأناقش ايجابيات الزيارة على الاوجه الثلاث عراقيا وامريكيا وعربيا.

فعراقيا كما ذكرت ان الزيارة كانت معد لها سلفا والمالكي كان متردد بالذهاب بسبب ظروف الحرب القائمة في لبنان وفي سؤال وجه اليه بسبب عدم خروجه من العراق كما جرت العادة بعد انتخاب كل رئيس لاظهار خطوط سياسته العريضة للعالم وهذا ماحدث لسلفه ايضا ,اجاب المالكي غلى هذا السؤال (لااريد ان اترك بلادي قبل ان اسوي البرنامج السياسي ومبادرة المصالحة الوطنية) هذا من ناحية اما الناحية الاخرى وهي الاهم ان الازمة اللبنانية يشارك في حلها كل المجتمع الدولي السياسي والمنظمات الانسانية لوقف اطلاق النار و اعادة الاعمار ,في حين ان العراق الذي يذبح كل لحظة على ايدي ذباحين مهرة تساندهم ايادي خارجية امريكية عربية اقليمية ويحترق حريقا تعذرت كل السبل لاطفاءه الا يحق لرئيس الوزراء الذي تقع عليه مسؤلية وقف آلة الذبح وايجاد وسائل بديلة لاطفاء البلد المحترق .. ؟ . نعم لقد انظوت زيارة المالكي في توجهاتها نحو هذا الاطار واجراء محادثات جريئة مع من احتلوا الارض واجبارهم على وضع الحلول لحماية امن بغداد وعدم اعطاء فرصة للمروجين بمجيء حكومة انقاذ وطني ترجع العراق الى المربع الاول وتلغي ورقة الدستور الذي خاطر الشعب بحياته لاجل التصويت عليها . فلا بد للمالكي ان يتقيد بموعد الزيارة .

على الصعيد الامريكي فقد وصفت الزيارة بمثابة رسالة جريئة عبرت عن تمسكه بالواقع العربي في القضايا المصيرية حملها السيد المالكي بملامحه القاسية الى اصحاب القرار في امريكا فهو من ناحيه شكر الامريكان على وقوفهم مع الشعب العراقي لتخليصهم من اعتى طاغية عرفه التاريخ الحديث في وقت عاش العراق وحيدا في مظلوميته مدة خمسة وثلاثين عاما وكثيرا ماتمنى ان تمتد اليه يد الاخوة الاشقاء بدلا من الغرباء. لكن للاسف لم يجد حينها ناصرا ولامعينا . تخلت عنه كل الانظمة العربية الا ّدولة اقليمية واحدة لم تكن قادرة على مواجهة صدام لاعتبارات عديدة . لكن السيد المالكي لم يأتي شكره للشعب الامريكي على حساب مبادئه في القضايا العقائدية مؤكدا ذلك بتصريحاته في ادانة اسرائيل واصفا اعمالها بالاجرامية امام اصراره بعدم تسمية حزب الله بالمنظمة الارهابية معتبرا المقاومة في الشرق الاوسط نتاجا طبيعيا لما تتعرض اليه الشعوب من اعتداءات سافرة . وكان قد اكد هذا الرأي في لندن ايضا .

اضافة الى ذلك طالب بوقف اطلاق النار في لبنان فورا وقبل ايّ تسويات ومفاوضات وبهذا خالف ماتسعى اليه اسرائيل والادارة الامريكية وبلير الداعية الى عدم وقف الحرب قبل تسليم الاسرى وحل مليشيات حزب الله بحجة الالتزام بحل المشكلة من جذورها . هذه التصريحات المالكية احرجت كثيرا الرئيس بوش وحزبه امام النواب الديقراطيين وخيبت آمال الامريكان الذين كانوا يتوقون شوقا لهذه الزيارة من اجل مساندته وتأييده لهم في سياساتهم الشرق اوسطية مما اضطرت الادارة الامريكية ان تدافع عن المالكي فوصفته انه ليس دمية يتحرك بارادة ورغبة بوش . على غرار ذلك طالب بعض النواب الديمقراطيين المالكي بأجراء ايضاح حول موقفه وتصريحاته قبل الذهاب الى الكونكرس والقاء خطابه هناك وهددوا بالمقاطعة وعدم الحضور ووصفوا آراءه في المسألة الاسرائيلية العربية انها ضد المصالح الامريكية وانها مزعجة كثيرا اغضبت الكثير من النواب لهذا وصفوه انه لايستحق ان يمنح الشرف معتبرين ان امريكا التي ضحت بالمال والاولاد تستحق المزيد وان اصدقاء امريكا يجب ان يقفوا بجانبها ضد اعداءها. وبهذا لم يأبه المالكي بكيد من اعتبروا انفسهم اصحاب فضل دائم على اهل العراق واثبت انه لن يراهن بين مايمليه عليه ضميره وبين المساومات السياسية على مصلحة الامة والبلد . .

اما على الصعيد العربي فالمالكي الذي عرف عربيا انه يمثل الخط العروبي لحزب الدعوة اراد بتصريحاته الخاصة بادانة اسرائيل وعدم قبوله وصف حماس وحزب الله بالحركات الارهابية ان يطماّن العرب بعدم تخلي العراق حكومة وشعبا عن محيطه العربي مهما احيط العراق بظروف ضاغطة بالرغم من ان معظم حكام العرب ورجال الدين العرب وشعوبهم شاركوا في ذبح العراقيين عن قصد او غير قصد في كلتا الفترتين البائدة والحاضرة . وبهذا اسقط الاتهامات العربية القائلة ان الحكومة العراقية وشيعة العراق يسيّرون وفق املاءات امريكية او ولاءات ايرانية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com