تركيا ليست بقوة إسرائيل وكوردستان لا يشبه لبنان

 محمود الوندي

m-w1948@hotmail.de

يومياً تطالعنا تصريحات الحكومة التركية بعـد أن وصلت الى طريـق مسدود في محاولاتها لتتدخل في شؤون العراق وكوردستان بشكل خاص بواسطة عملائها في الجبهة التركمانية ، بأن حزب العمـال الكوردستاني قد جعلهم يخرجون عـن طورهم وأنـه قـد حان الوقت لتصفيتـه وتلويح بأستخدام القوة لوضع حد لهجماته ، وكذلك شمرجنرالات الحرب عن أيديهم وتعرض عضلاتهم المنخورة وحركاتهم البهلوانية على حلبة الحدود المشتركة مع كوردستان العراق لأبادة الكـورد وتشريدهم وتدمير القـرى والمدن الكورديـة في كل مكان بحجة القضاءعلى قـوات حزب العمال الكوردستاني والتي لا يتجاوز عددها الأربعة ألف مقاتلاً داخل كوردستان العراق ، كما يفعل الجيش الأسرائلي بتدمير البنية التحتية لـلـبنـان بحجة القضاء على حزب الله ، لـذا نجـد تصريحات الحكام الأتـراك جاءت متزامنـة مـع قرع طبول الحرب من قبل إسرائيل ضـد لبنان وحزب الله وما يقـوم به الجيش الأسرائيلي من تدمير للبنية التحتية وقتل للأنسان وتشريده ، أذن فما الفـرق بين الجيش الأسرائيلي وبين الجيش التركي إذا ما يقـوم به الأخيرفي حالة غـزوه للأراضي العراقيـة ويجـرم بحق الكورد من قتل وتشريد وإعتقالات ؟

 وقـد جاءت العمليات العسكرية الأخيـرة للماكنة العسكرية الأسرائيلة ضـد حـزب الله اللبناني تمنـح ساسة وجنـرالات تركيا شيئا من الأمل بإعادة نفس السيناريو في إقليم كوردستان العراق وتعـتزم هـي دخول الأراضي العراقيـة بحجـة تقليص حركة حزب العمال ، وهي تظن وفي فترة قياسية أن تحقق مكاسب مهمة وحيوية على الأرض ، فكأن تركيـا نسيت أن صراعها مع مقاتلي حزب العمال الكوردستاني منذ ربع قرن ، وليس وليد اليوم أوشهر او سنة حتى يتظاهر للعالم بأنها سيقيمون القيامة ، وكأنها واثق من نفسها بأن العالم سيقابل أدعيتها بكل رحاب صدر، ولكنها لا تـدرك مـا ستجنيه على نفسها في حال أجتياحها أو غزوها لكـوردستان العراق ( جنوب كوردستان ) تحت ذريعـة غـير منطقيـة لمحاربة مقاتلي حزب العمال الكوردستاني ، كما تجنى إسرائيل على نفسها الآن التي تحاول تعـزيز مـواقـع لها داخـل الأراضي اللبنانيـة أوتقـدم الى مواقـع أخرى منـذ الثاني عشرمن الشهرالماضي ، إلا أنها تواجه صعـوبات كبيـرة فـي التقدم ، بسبب تواجه بمقاومة شديدة من قبل حزب الله .

 منذ تحرير كوردستان والحالة الطبيعية التي يعيشها أهالي كوردستان ، تحاول الحكومة التركية وعـبر سياقات عـديدة وسلكت طرق شتى أن تكـبح من طموحات الشعب الكـوردي ، وخصوصاً بعـد تغيـر نظام الحكم في العـراق أي بعـد سـقـوط الـنظام الصـدامي التي فـقـدت تركيـا بعـض الأمتيازات والمكاسب حصلت عـليها ومنها الأتفاقـيـات الأمنيـة العسكريـة التي أبرمتها مـع الحكم السابـق ، لأن التطورات الحاصلـة في كـوردستان العـراق وقيـام برلمان وحكـومة أقـليم كـوردستان تغـضب دول الجوار، وتركيـا بـشكل خاص لأنها لا تـريد أن كـورد يواكبـون العصر، وتـراهم قـد جـن جـنونهم وأصيبوا بنوع خاص مـن الهستريا فأنه يـدل على ضعفهم وخوفهم من الكورد الذي يشكل خطـراً محدقاً بأمنها القومي وأثارة للروح القوميـة الكورديـة في تركيا ، لذلك تسعي الدولة التركية بكل ما لديها مـن الطرق الدخول الى كوردستان العراق أو جنوب كوردستان وتحت تسمية تمشيطات ضد مقاتلي حـزب العمال الكوردستاني ، بعـد أن فشلت عمـلائهم داخـل الجبهـة التركمانيـة التي تتخـذ مـن التركمان ستاراً لها لتعكـيرجـزء من هذه الحالة الذي يعيشه الشعب الكوردي مـع قوميات أخرى بأمان وسلام ومحبة من أجل توفيرغطاء للتدخل التركي في شؤون العراق بحجة حماية التركمان .

 السؤال يطـرح الآن بأي منطق تركيا ستقنع العالم أو حتى شعبها ، لحشد هذه الآلة العسكرية الجرارة وأكثر من مائتي ألف من الجندرمة التركية والقوات الخاصة ، بأضافة الى العدد الهائل من الأليات المختلفة لمقاتلة أعداداً قليلة من تلك القوات تعسكرقرب حدود الأراضي العراقية؟ وهي قوات إدارية لاعلاقة لها أبداً بالقوات التي تنشط في ميدان نشاطها الفعلي في عمق أراضي كوردستان تركيا ،علماً كافة الهجمات التي تشن على الجيش التركي هي في شمال كوردستان (كوردستان تركيا) والتي تصل الى العمق التركي وليس الهجمات من داخل كوردستان العراق ، هل يعقل لتركيا التي لا تستطيع القضاءعلى حزب العمال الكوردستاني في داخل تركيا فهو منتشرفي جغرافية جبلية وعـرة تمتد الى مئات الكيلو مترات الى العمـق التـركي فكيف أن تقضي عليه في الخارج ؟ أم لها أهـداف أخرى تريد قـضاء على طموحات الشعب الكوردي داخل كوردستان العراق .

 كوردستان العراق ليس بهـذه السهولة تغزوها تركيا سوف تكلفها خسائر جسيمة كما تكلف أسرائيل الآن في لبنان أمام حزب الله اللبناني ، علماً فإن إسرائيل دولة متقـدمة من كل النـواحي وبأضافة الدعم الدولي والأقليمي وحتى العـربي الملفت النظر الـذي تحزى بـه ، وكيف بأن الحكومة التركيـة الحالية ذات إقتصاد كسيح وأنها تعيش على المساعـدات التي تمنحها لها الولايات المتحـدة الأمريكية وبعـض الـدول الأعضاء في الحلف الأطلسي ، تسـتطيع أن تشن هجـومـاً علـى كوردستان العراق ، وأنها تعرف جيدأ قبل غيرها من هـم يحمون كوردستان وما هي قوتـهم وماضيهم مـن التأريـخ ، فكوردستان محمية برجال أشداء الذين يفدون بدمائهم من أجل كوردستان هم أسـود في وقت الشدة وصقور في التغلب على الصعوبات ، ويعرفون كيف يردون ويفشلون مخططات الحكومة التركية ، وناهيكم عن طبيعة أرض كوردستان لكونها ملائم جداً لممارسة هكذا نوع من حرب الأستنزاف وحرب العصابات ، لأن الشعب الكـوردي لديه أماكن الوعـرة أكثر وعرتاً من أرض لبنان لذلك يستطيع أن يقاتل الغازي داخل أرضـه ، وتعلم الأتراك أيضاً بأن كل شبرمن أرض كوردسـتان تكـون بمثابة مقابرجماعية لجنودهم المحتلين الغزاة في حال أقـدامهم على حماقتهم بدخول كوردستان ، لـذلك فالمغامرة التركيـة ليـس في مصلحة الشعب التركي وسـتكون نتائجها وتبعاتها كبيرعلى الإقتصاد التركي وعلاقاتها مع الدول الخارجية وخصوصاً الدول الأوربية وأمريكا ، لأنها جوبه مقـدماً برفض أمريكي لأنها لا تريد أن تتفجر الجبهة الشمالية للعراق بل تريد أن يبقى كل شيء هادئاً في تلك المنطقة ، وتحـذير حلف الناتو لها بعدم أرتكاب هـذه الحماقة والمغامرة الصبيانية التي ستكون نتائجها وبالاً وكارثياً ، وبالأضافة يتعاطف مع قضية الشعب الكوردي كل أحرارالعالم والخيريـن .

 أذ أن حكومة أقليم كوردستان مدعـومة الى المعاملة بالمثل في تعاملها مع تركيا ، وألا ستمضي الحكومة التركيـة في تصعيد حملاتها وتهديدها ضد الكورد ما دامها تفسرالأشياء بغير مضامينها ومعانيها الطبيعية ، وفي كل الأحوال، فإن حكومة أقليم كوردستان يجب أن لاتلين أمام الإبتزازات التركية المتتالية ،إن المجابهة السياسية التركية ضد الكورد لن تتم إلا برفض كل مطالبها المشبوهة والتي ترمي الى معادات الشعب الكوردي ، وعلى تركيـا لجوء الى حل الصحيح هـوالتوجـه نحـو حـل القضية الكورديـة بحل السلمي والأسلوب الدبلوماسي والحوار السياسي والديمقراطي ، ولأقرار بحقـوق أكـثرمن عشرين مليـون كـوردي في تركيـا لتفـادي الوقـوع في خطأ سيناريو جنـوب لبنـان وعلى أرض كوردستان العراق ، وتسـعي لتحقيـق الحياة الحـرة الكريمة للشعب الكوردي في تركيا وتكريس الديمقراطية الحقيقـة للشعبين الكوردي والتركي معاً.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com