|
موقف الخنزير من نظرية دارون وجور بني ادم مثنى حميد مجيد فلما فرغ البغل من كلامه التفت الجمل الى الخنزير فقال له قم وتكلم واذكر ما تلقون معشر الخنازير من جور بني ادم، واشك إلى الملك الرحيم، فلعله يرق لنا ويرحمنا، ويفك أسرنا من أيدي بني ادم، فإنكم من الأنعام. فقال حكيم من حكماء الجن، لا لعمري ليس الخنزير من الأنعام بل من السباع، ألا ترى أن له أنيابآ ويأكل الجيف؟ وقال قائل اخر من الجن، بل هو من الأنعام، ألا ترى أن له ظلفآ ويأكل العشب والعلف؟ وقال الاخر، لا بل هو مركب من السباع والأنعام والبهائم مثل الفيل، والزرافة مركبة من الحمار والجمل. ثم قال الخنزير للجمل، والله ما أدري ما أقول وعمن أشكو من كثرة اختلاف القائلين في أمرنا. أما حكماء الجن فقد سمعت ما قالوا. وأما الإنس فهم أكثر اختلافآ في أمرنا وأبعد رأيآ ومذهبآ، وذلك أن المسلمين يقولون إنا ممسوخون ملعونوون، ويستقبحون صورتنا، ويستثقلون أرواحنا، ويستقذرون لحومنا، ويتشاءمون من ذكرنا . وأما أبناء الروم فيتنافسون في أكل لحومنا في قرابينهم، ويتبركون بها إلى الله . أما اليهود فيغضبوننا ويشتموننا ويلعنوننا من غير ذنب منا إليهم ولا جناية عليهم، لكن لعداوة بينهم وبين النصارى . وأبناء الروم وأبناء الأرمن فحكمنا عندهم كحكم البقر والغنم عند غيرهم يتبركون بنا من خصب أبداننا وسمن لحومنا وكثرة نتاجنا وغزارة ألباننا . وأما الأطباء من اليونانيين فيتداوون بشحومنا ويتواصفونها في أدويتهم وعلاجاتهم . وأما ساسة الدواب فيخالطوننا بدوابهم وعلفها، لأن حالها يصلح عندهم بمخالطتنا وشمها روائحنا . وأما الأساكفة والخرازون فيتنافسون في شعر أعرافنا، ويتبادرون في نتف أسلتنا في شدة حاجتنا إليها، فقد تحيرنا لا ندري لمن نشكر وممن نشكو وممن نتظلم!
ـــــــــــــــــــــــ النص منقول كاملآ من كتاب رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء المجلد الثاني، دار صادر، بيروت.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |