أمس بكى الرئيس السنيورا وأبكانا على لبنان والعراق

 حامد الحمداني

h.alhamdany@comhem.se

يوم أمس بينما كنت أتابع خطاب رئيس وزراء لبنان السيد فؤاد السنيورا في مؤتمر وزراء الخارجية العرب المنعقد في بيروت لم أتمالك نفسي شأني  شان الكثيرين غيري ممن كانوا يتابعون الخطاب ، عندما لم يستطع السيد السنيورا السيطرة على عواطفه الجياشة تجاه مأساة شعبه ووطنه المستباح جراء هذه الحرب العدوانية المجرمة التي شنتها اسرائيل ، وما سببته من ضحايا جاوز تعدادهم الألف شهيد ، وجراء تشريد ما يزيد على مليون مواطن من مدنهم وقراهم وبيوتهم التي خربها العدوان الإسرائيلي الغاشم ، وجراء تدمير البنية التحية للمواصلات في لبنان من طرق وجسور ، وجراء اغتصاب حسن نصر الله وحزبه المرتبط بالأم الحنون إيران لإرادة الشعب اللبناني ، وسلطته الشرعية ، جاعلاً من نفسه صاحب قرار الحرب خلافا للدستور والقانون ، فأجهش السنيورا  بالبكاء .

لقد كان المشهد مؤلماً وقاسياً على كل تابع خطاب السيد السنيورا ، فلم استطع منع نفسي من مشاركته البكاء ، البكاء ليس على لبنان وحده ، بل وعلى العراق الغارق بالدماء ، وبدأت الدموع تهطل من عيناي بغزارة، فقد حلت بلبنان مصيبة كبرى ، وحل بالعراق مصيبة أعظم  ، حيث راحت تتوالى أمام ناظري مشاهد العشرات بل المئات من الضحايا ، وبرك الدماء ، والدمار والخراب الذي يجري في مختلف المدن العراقية كل يوم  ، ومئات الألوف من المواطنين المهجرين من بيوتهم ومدنهم وقراهم ليس على أيدي جيش إسرائيل وسلاحه الغاشم ، كما جرى ويجري في لبنان العزيز ، بل على أيدي عناصر من بني وطني من الرعاع الذين يقودهم كالخراف من يسمون أنفسهم بالمراجع الدينية من كلا الطائفتين الشيعية والسنة ، ويحرضونهم على قتل بني جلدتهم على الهوية ، الشيعي يقتل أخاه السني ، والسني يقتل أخاه الشيعي لكي يحقق هؤلاء ، الذين اتخذوا من رداء الدين ستارا، أهدافهم الشريرة بامتلاك السلطة حتى ولو ادى ذلك على تمزيق العراق وخرابه ، وتهجير أبنائه .

لكن الفرق بين السيد السنيورا وسادة الإرهاب في العراق شاسع جدا بعد السماء عن الأرض ، فالسيد السنيورا بكى حزناً لما جرى لشعبه ووطنه من ويلات وآلام وضحايا وخراب جراء هذه الحرب المجنونة ، أما قادة العراق الغر الميامين !! من أصحاب الجبب والعمامات والمهيمنين على السلطة في البلاد فهم من يحرض  هؤلاء الرعاع على القتل والعبث بأمن المواطنين ، وتشريد العوائل بالجملة حيث نشهد اليوم أوسع موجة هجرة داخلية بين مختلف المدن ، وخارجية إلى سوريا والأردن ومصر ومختلف البلدان الأوربية هرباً من عصابات فرق الموت ، وقد تعدت هذه الهجرة بمراحل تلك الموجة التي حدثت أبان نظام الدكتاتور صدام وحزبه الفاشي  ، وهؤلاء الذين يدعون الحرص على العراق وشعبه لو كانوا صادقين حقا ً في دعواهم لاجتمعوا فيما بينهم وأصدروا أوامرهم إلى أتباعهم بإلقاء السلاح والتصافي مع أبناء جلدتهم ، لكن شهوة الحكم والسلطة عندهم أثمن من دماء العراقيين ، وأثمن من وطنهم ، فلم يعد الوطن يهمهم بشيئ ، بل أن جلهم لا يدين بالولاء لهذا الوطن .

لقد كان رئيس الوزراء اللبناني السيد فوآد السنيورا والعبرات تسيل من عينيه يعبر بكل صدقية عن حرصه على لبنان وشعبه ، وألمه وحزنه الشديدين على ما حل بهما من ويلات وخراب ودمار، فكانت عبراته خير دليل على وطنيته الصادقة وحبه العميق للبنان وشعبه .

أما القابضين على زمام السلطة من المعممين في وطني العراق فلم تحرك كل الجرائم الوحشية البشعة التي اقترفها ويقترفها الرعاع التابعين لهم شعرة من جسدهم ، تماماً كما قال دكتاتور العراق بان كل من يحاول مس سلطته فإنه على استعداد لقتل عشرات الآلاف من أبناء الشعب دون أن تهتز شعرة واحدة من جسده المغمس بدماء مئات الألوف من الأبرياء طيلة سنوات حكمه الكريه .

إن لبنان والعراق وفلسطين ضحية حروب إجرامية لا دور ولا مصلحة لشعوبها فيها ، إنها من صنع وتدبير الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها اسرائيل ، وحليفتها بريطانيا ، وهي التي تتحمل المسؤولية الكاملة لما حل في هذه البلدان من ويلات ودمار وخراب وضحايا لا تعد ولا تحصى منذ الحرب العالمية الأولى وحتى يومنا هذا.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com