تشبيب الفقر (الاطفال المهمشون) - الجزء الثاني

سحر مهدي الياسري

saharmahdi63@yahoo.com

(في نزاعات اليوم،الاطفال هم الضحايا الاكثر مأساوية ومعاناة في الفئات الاخرى،تشير تقديرات الامم المتحدة ان اكثر من 22 مليون طفل شردوا داخل او خارج اوطانهم.هولاء الاطفال هم /الايتام/ اطفال الشوارع/ الاطفال العاملون /المعوقين الاطفال المتأثرين بمرض نقص المناعة...وغيرهم)
يشير المفهوم عموما الى الايتام والمجموعات الاخرى من الاطفال الذين يتعرضون الى مخاطر اكثر من اقرانهم ومن الناحية العملية يمكن وصفهم بانهم الاطفال الذين يعانون من تصدع حياتهم وعدم انتظامها بسياقاتها الطبيعية.
ومن جانب التعريف الخاص بحماية الطفولة فان،الايتام والاطفال المهمشون هم من يمثلون حصيلة سلبية مثل فقدانهم التعليم،تعرضهم للامراض،سوء تغذية بمستويات عالية تفوق اقرانهم.
1-من هم الاطفال المهمشون
ان مفهوم الاطفال المهمشون يشير عموما الى الايتام والفئات الاخرى من الاطفال الاكثر عرضة للصدمات التي تؤدي الى نتائج سلبية في حياتهم اليومية مقارنة باقرانهم.على الصعيد العملي يمكننا القول ان هولاء الاطفال هم الاكثر عرضة للسقوط والتصدع خلال تطبيق برامج الحياة اليومية المنتظمة ولحماية هولاء من السقوط من الاثار السلبية،فان الجهود ينبغي ان تتظافر لاعطاء اهتمام خاص واستهداف دقيق لهذه الفئات،اما من جهود خاصة لازالة العقبات والمشكلات التي تقف حجر عثرة امام مشاركتهم الفاعلة والمتساوية في المشاريع والبرامج المصممة لخدمة جميع الاطفال،او البرامج الخاصة المعدة لتلبية احتياجات تلك الشرائح.
هناك سبعة جماعات من الاطفال المهمشون :-
1-الايتام والمشردين بشكل عام. يعد الطفل يتيماً في العراق عندما يفقد احد ابويه او كليهما وبسبب الحروب والعنف لاكثر من عقدين،اختفى العديد من العراقيين او أصيبوا او قتلوا،مما زاد عدد الأيتام.وفي الغالب يرسل الاطفال للعيش في دور الايتام عندما تعجز الاسر الفقيرة التي تعيلها امراة او الاسر الممتدة عن توفير الرعاية لاسباب اقتصادية او لاسباب اخرى. وتكمن المشكلة الرئيسية في التشرد على وجود ضغوطات اسرية(مشكلات وفقر)طاردة وان الشارع ينطوي على اغراءات جاذبة حيث تنتشر المخدرات والمسكرات وفضاء من الحرية بعيداً عن عصا الاب وشكوى الام. فثمة مفارقة بين جدران الاسرة،وانفتاح الشارع الذي يزحم بشتى عناصر التهديد لحياة المشرد ولشخصيته فضلا عن مستقبله.
وقد تفافمت هذه المشكلة مع ظروف المجتمع المأزوم الذي مربه العراق بسبب ظروف الفقر والحرمان الى جانب المشكلات المجتمعية الاخرى وعلى الرغم من ان مشكلة التشرد ليست جديدة في العراق الاان ظروف الازمات والفقر والحرمان والهجرة القسرية قد دفعت باعداد من الاطفال باللجوء الى الشارع كملاذ امن وتركزوا في اماكن معروفة ولعل اخطر المشكلات التي تواجه المشردين اليوم هي ظاهرة الادمان على المخدرات(الثنر والسيكوتين،الحبوب)،وهي رخيصة الثمن حيث تنتشر بشكل واسع بين المستفيدين كما اظهرت الدراسات مخاطر جدية تكمن في اشاعة العلاقات الجنسية المثلية بين النزلاء،وبشكل تكاد ان تكون جزءا لايتجزءا من حياتهم الى جانب ذلك تبرز مظاهر السلوك العدواني والذي يتميز احيانا بشراسة خطرة ضد بعضهم البعض او ضد العاملين وقد يستخدم المستفيدين في بعض الاحيان اساليب السجون الشائعة من الاعتداء على انفسهم او على الاخرين.
كما تشيع ايضا بينهم مظاهر السرقة والاحتيال واصطناع قصص لااساس لها من الصحة.
ولعل مكمن الخطورة في ان معظم نزلاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية الحاليين ممن اكتسبوا ثقافة الشارع التي تمثل العيش على هامش المجتمع والتحرر من ضوابطه وممارسة كل الاشكال الممكنة لخداعه.
ان خطورة التشرد تكمن في جانب اخر منها- في حقيقة ان المشرد يمكن ان يكون اداة يستغلها المجرمون سواء لترويج المخدرات او عصابات التسول والنشل والسرقة.وقد اظهرت بعض الدراسات قيام فتيات صغيرات بممارسة الرقيق الابيض او ممارسة البغاء او يتعرضون لعمليات تشويه او سرقة الاعضاء البشرية.

 

2-الاطفال المرتبطون،بالجماعات المسلحة او المتاثرين بالصراعات المسلحة. في ظروف الحروب والازمات وبعدها العديد من الاطفال ينفصلون عن عوائلهم ويتركون في اغلب الاحيان لدى اقاربهم عند هجرة ذويهم او ينفصلون عنهم قسرياً اثناء الفوضى والتهجير القسري كما يعانون ايضا من الصدمات وكذلك الحال والديهم.
ان الظروف المأساوية التي يتعرض لها هولاء الاطفال ان لم تؤخذ بنظر الاعتبار فان الكلفة الاجتماعية ستكون باهضة في المستقبل وربما تسهم في اثارة العنف والتمرد على القانون،فالاطفال الذين ينشأون ويترعرعون خارج اسرهم ومجتمعهم المحلي اقل قدرة على التكامل والاندماج في مواجهة العقبات والضغوط الاجتماعية في ممارساتها السلوكية واقل قدرة على رؤيتهم لمصالحهم في اطار المحافظة على النظام الاقتصادي والسياسي. وهنا ربما يندفعون لتشكيل مجاميع ينخرطون من خلالها في ميليشيات مسلحة او عصابات في المناطق الحضرية او قطاع طرق في المناطق الريفية. الى جانب ذلك تسجل مناطق النزاع المسلح معدلات عالية لوفيات الاطفال فالنزاعات عموماً تؤدي الى تحطيم وانهيار شبكات الامان الاجتماعي الخدمات الصحية والتعليمية المقدمة أذ غالباً ماتعطل فرص العمل وتتلاشى،حيث تستشري البطالة ويسود الاحباط بين الشباب.
بسبب هذا التردي والانهيار للخدمات وشبكات الامان الاجتماعي وفرص العمل،فان الحاجة و للتدخل يشكل مطلباً مهماً لقيام المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية لتأمين الحد الادنى من الاحتياجات لتلافي الكوارث الكبرى. لقد دفعت التهديدات التي مثلها العنف في العراق مجموعات كاملة لترك منازلها مشكلة مجموعات سكانية كبيرة من اللاجئين والمهجرين معرضين لمخاطر سوء التغذية والامراض( ).وقد امتدت هذه الهجرة او النزوح الى ماهو ابعد منها بكثير حيث تركت اثارا نفسية واجتماعية وصحية لاحدود لها ولعل ماتجدر الاشارة اليه في هذا المجال المخاطر الوخيمة للمتفجرات التي ظلت على امتداد مساحات واسعة من بقايا الحروب مدفونة في الاشرطة الحدودية وكذلك في اراضي التي دارت فيها المعارك.ويقدر عدد الالغام الموجودة في العراق بحدود(25)مليون لغم( ).هذه الاعداد الكبيرة من الالغام تهدد حياة الاطفال جاعلة معظم بيئتهم غير آمنة بما فيها حرمان الاسر من وسائل معيشتها،ومخاطر القتل والعوق وتعميق الفقر،مما يرسخ التفاوتات الاجتماعية التي تبتلي كل مظهر من مظاهر الطفولة.

 

3-اطفال الشوارع. ان مظاهر الحرمان التي تعاني منه العديد من المناطق الحضرية يؤدي الى زيادة نسب الاطفال المتواجدين في الشوارع. ان العديد من هولاء الاطفال ينحدرون من اسر فقيرة، البعض منها ترأسها ام تعمل خارج المنزل لساعات طويلة بأجور زهيدة كالخدمات المنزلية او بائعات المتجولات وغيرهم. ولعل الاستقراء الاولي لخلفيات هذه الاسر يظهر انهم من المهاجرين الذين يقطنون المناطق الحضرية(احزمة الفقر او جيوب الفقر ) والذي يشكل احد اهم التحديات للسياسات التنموية.فالمشكلة اليوم ليست البيئة الريفية بل قاع المدينة الذي يكتظ بافواج بشرية مثقلة بتحديات مصيرية قذفت بالعديد من اطفالها الى الشارع ليقظوا اغلب وقتهم في الشوارع والاماكن العامة حول اكواخهم او اماكن عمل امهاتهم،والذين يتعرضون لمخاطر الاستغلال المستمرة فضلاً عن مخاطر الامراض.

4-الاطفال المعوقون. تظهر المعطيات الميدانية للعديد من الدراسات ان الاطفال من ذوي الاعاقة هم مهمشون وموصومون ومبعدون عن مجرى الحياة الاجتماعية وتفاعلاتها عموماً وعن التيار الرئيسي للتعليم وخصوصاً.
وقد تفاقمت المشكلة في العراق في العقدين الاخيرين مع نقص كبير في المعلومات المتوفرة للاسر والمجتمعات المحلية فغالباً لا تعرف الاسر ما الذي يشكو منه الطفل من مرض وكيف يتسنى له رعايته.كما تعاني نسبة كبيرة من الاسر نقصا في المساعدات والدعم الذين يمكن ان يتوافر لها من خلال نظام الرعاية الصحية الاولية،وتلجا الى ابقاء الاطفال في المنزل،لان المدارس عادة لاتقبل الاطفال من ذوي الاعاقة.
في اطار هذا المسار نجد ان اثار اليورانيوم المنضب والاشعاعات والحروب قد أسهمت في زيادة معدلات الولادات المشوهة(التشوهات الخلقية )وباتت حضيرة المجتمع مهددة بافواج من المعوقين مما يستلزم رفع واثارة وعي المجتمع المحلي وتفهمه بالمخاطر الناجمة عن زيادة الاعاقات.

5-الاطفال المشغولين باشكال وضيعة من عمل الاطفال. ابتداءً تجدر الاشارة ان ظاهرة عمل الاطفال ليس جديدة ففي كل البيئات الريفية وحتى الحضرية المتريفة او ذات الثقافات التقليدية والعلاقات القرابية الوثيقة نجد انتشار هذه الظاهرة دون ان تثير ردود فعل قوية،لعل ذلك يكمن في ان عمل الاطفال في تلك البيئات يجري في اطار شروط وظروف امنة،وفي ظل رقابة اجتماعية اسرية،او مجتمعية محلية.
مكمن الخطورة في هذه الظاهرة وخصوصا في المناطق الحضرية وقوعها خارج قوانين العمل وشروطه الاجتماعية من جهة فضلا عن انها تتقاطع مع ملزمات وشروط مهمة،تعليمية وصحية ونفسية وتقع غالباً خارج الضوابط الاجتماعية الرسمية وغير الرسمية،أي ان هذه الظاهرة تحدث خارج اطار الاعتراف الاجتماعي وشروط العمل الوطنية والدولية بل انها تتعارض مع المضمون الانساني لعملية التنمية الاجتماعية والبشرية،لذلك فان الكثير من المؤشرات الاحصائية التي توردها الدول ربما لاتكون دقيقة لقد تركت الهموم الاقتصادية للاسرة العراقية بصماتها على اعضائها وخصوصا الاطفال،حيث يزداد سوءاً تفاقم التضخم والبطالة والحرمان مما اضطر العديد من الاسر للاعتماد على الاسهام المادي لافرادها الاصغر سناً والاقتصاد في الانفاق حتى لاتتجاوز حدود الدخل.وفي الوقت الذي يتميز فيه العراقيون بشكل عام بان لديهم التزاماً قوياً بصورة ملحوظة لتعليم ابنائهم،فان الاسر ذات الامكانات المتواضعة اعتبرت الذكور من الاطفال قادرين على الاسهام مادياً في مصروف الاسرة في الاوقات التي تكون فيها الاحوال الاقتصادية صعبة. ان استمرار الازمات وتعمق حالة الفقر وتزايد البطالة بين الراشدين من كاسبي الارزاق،جعل هناك عددا متنامياً من الشباب اخذ على عاتقه حمل المسؤولية المادية لاسرته واليوم نجد الكثير من الشباب يعانون من قلق مستمر حول مستقبلهم بعد ان باتت اسرهم تواجه مشاكل جدية غير قادرة من خلالها تأمين استمرارية الحياة فاضطربت الهرمية الاسرية ولم يعد الابناء يكنون الاحترام للاباء، وفي بعض الاحيان تدفع الحياة الحضرية في المدن الابناء الى الشوارع وهم في مرحلة من العمر تكون فيها هوية الشباب وقيمة في مرحلة حرجة من طور التكوين،وبذلك تورث المخاطر التي يواجهونها في الشوارع القلق والهم وتهبط الهمة.وقد اظهر ظروف صحية سيئة،فضلاً عن تعرضهم لكافة اشكال الاساءة والاستغلال الجنسي والعنف، بعض التقارير والدراسات تتحدث عن مايقارب مليون طفل من اعمار مبكرة يعملون في ظروف صحية سيئة،فضلاً عن تعرضهم لكافة اشكال الاساءة والاستغلال الجنسي والعنف،
لعل السبب الرئيسي لعمل الاطفال في العراق هوالفقر.تقريباً(25%) من سكان العراق يعيشون دون خط الفقر،تبعا لاحصاءات الحكومة المؤقتة.
هناك ايضاً ثقافة قوية تشجع عمل الاطفال في العراق،حتى مع وجود مدارس وجامعات مجانية فان الكثير من العوائل لاترغب ببقاء اطفالها في المدارس او ترى بضرورة التحاقهم في العمل خارج المنزل باسرع مايمكن تبعاً لخبراتهم.لذا فان هناك ارتباط للعمل بثقافة المجتمع. فالكثير من الاوساط الشعبية والريفية في العراق تنمي لدى اطفالها حب العمل وضرورة الاعتماد على الذات مبكرا بل ودعم الاسرة وتشجيع الادخار في عمر مبكر يبدا غالبا عند سن 7 سنوات. الاان ما يتحقق من عوائد وكسب ينمي دخل الاسرة قد لايكافئه مايترتب من كلف نفسية واجتماعية وربما سياسية من وجهه نظر المجتمع. فعمل الاطفال ظاهرة تؤشر ضعف مؤسسات التعليم المستوعبة للاطفال وضعف المؤسسات الاقتصادية المنتجة لفرص العمل والمدرة للدخل. فلاباس من عمل الاطفال اذا كان يقي من فاقة ويحمي تماسك الاسرة ويجنبها الوقوع في التشرد والانحراف والتسول. ان فقدان الامن واللايقين جعل من النشاطات الاقتصادية تتقزم، وشبكات الامان الاجتماعي تنهار،بينما تعمقت معدلات البطالة والفقر في المجتمع. تحت هذه الظروف،فان الكثير من الاطفال والشباب انخرطوا في ميدان العمل او يتسولون في الشوارع او ينخرطوا في مختلف الاعمال المتوفرة،وغالبا ماتكون تحت الظروف مضنية وقاسية من اجل تأمين لقمةالعيش لاسرهم.
بعض هولاء الاطفال هم كاسبي الرزق الوحيدين لعوائلهم بسبب وفاة اوعوق او بطالة الوالدين. تظهر دراسة قامت بها وزارة الصحة في كانون الثاني 2005، ان 55% من الاطفال الذين يعملون في المناطق الريفية يعانون من الامراض الجلدية الى جانب هذا وذاك فان الكثير من الاطفال الذين يعملون في الورش والمصانع الكبيرة يتعرضون لاصابات او مشكلات التنفس تقود الى تعرضهم الى مواد كيمياوية او غازات مؤذية.
ويعمل الاطفال ايضا لدى صانعي الطوب،والحدادين،وفني الكهرباء،وفي محطات البنزين،والكراجات والمصانع.كما يعمل البعض الاخر من الاطفال كحمالين او في جر العربات التي تجر عادة من قبل الحيوانات. وفي العيد من المشاهد،نجد ان الاطفال يشغلون الات ضخمة ويرفعون اثقالاً كبيرة لاتناسب نموهم،الجسدي،ويقضون ايامهم في ظل ظروف خطرة ولايولون سلامتهم الا القليل من الاهتمام.
وبالرغم من ان هولاء الاطفال ينامون تحت حماية اسرهم ومع ان ارباب عملهم لايعتبرون من المسيئين بالضرورة، الا ان ظروف العمل غالباً ما تكون خطرة فالاطفال الذين يبحثون عن علب الببسي الفارغة لبيعها وسد بعض متطلبات العيش،يتعرضون للتعامل في مكبات النفايات الخام وحتى مع الاعتدة غير المنفجرة، وغالباً مايعانون من الامراض الجلدية والتهابات الاجهزة التنفسية والاسهالات،ومشكلات العيون وغيرها.

6-الاطفال الخارجون عن القانون: ان حالة اللاستقرار والفوضى نتيجة غياب القانون وحدوث حالات النهب والسلب والحرق لدوائر الدولة.وقد مهد لان تصبح الساحة العراقية مسرحاً لعرض افلام العنف من قتل وتفجير لم يشهد لها التاريخ في الماضي مماسبب ذلك تعرض الاحداث الى التشرد والوقوع فريسة بايدي اصدقاء السوء المجرمين المحترفين.وقد سجلت المؤسسات المعنية ارتفاعاً في حالات الجنوح تحت تاثير المخدرات.
ثمة قضية اخرى تجدر الاشارة اليها وهي ارتفاع نسبة العنف الجنسي الذي يتلازم عادة مع النزاعات المسلحة والفوضى.اذ لايقتصر ارتفاع هذه النسب على الجرائم التي يرتكبها المقاتلون. اذ غالبا ماتقوض الفوضى والازمات التي تولدها الحرب حكم القانون،تاركةالاطفال وبخاصة اولئك الذين انفصلوا عن اسرهم ومجتمعاتهم اكثر تعرضا لمخاطر العنف الجنسي او الاستغلال. وقد كان مخيمات المهجرين والاماكن والدوائر التي احتلتها بعد الاحتلال اماكن خطرة على الاطفال حيث ان مافيها من زحام زائد،ويأس وضعف في تطبيق حكم القانون يعرضهم للاساءة الجنسية،اضافة الى ذلك،فان الفقر والجوع وانعدام الامن التي تصاحب الفوضى وضعف وسائل الضبط الرسمية وغير الرسمية يمكن ان تكره الاطفال على الانخراط في الدعارة وهناك امثلة عديدة لاستشراء مثل هذه الحالات في بعض المدن العراقية خلال السنتين الاخيرتين.

7- الاطفال اللاجئون: في دراسة أجراها معهد بروكنز عن المرحلون داخليا في العراق internal Displacement in Iraq عام 2002 والذي اكدت فيه الدراسة على ان المرحلين داخليا في العراق هم ضحايا جداول اعمال سياسية تبنتها الدولة اضافة الى كونهم ضحايا انقسامات سياسية عميقة الجذور،فان اعدادهم قد تجاوزت(600.000 –800.000 ) الف فرد في شمال البلاد والى 300.000 فرد في الوسط والجنوب( ).
لقد كانت عمليات الترحيل تتم اما على نحو مفاجيء فترى اعداد غفيرة من الناس في حالة هروب وليس بحوزتهم سوى ملابس يحملونها على ظهورهم( ).اوتتم بطرق بطيئة اخرى تتمثل في مشاريع انشائية واسعة النطاق تغير على نحو جذري البيئة والمثال الاساسي لها هو تجفيف الاهوار الجنوبية بهدف تحقيق اهداف عسكرية وسياسية بل وحتى اقتصادية.
لقد باتت مشكلة الترحيل احد التحديات المجتمعية في مسار النهوض المجتمعي،وان حل هذه المشكلة سيجعل اية حكومة عراقية تواجه خيارات صعبة اجتماعية وسياسية واقتصادية.
لقد تركت هذه المشكلات بصماتها على الانسان العراقي وخصوصا الاطفال،فالاحوال المعيشية للاسر المرحلة والمشردة في ارجاء المحافظات تتشابه بما فيها من بيئة خطرة للاطفال.وغالبية الاسر المشردة تعيش في مبان عامة مهجورة مع وجود اعداد اقل تعيش في الخيام او في بيوت الاسر المضيفة والمباني التي يعيشون فيها بصيغة غير قانونية لحق بها الدمار بدرجات مختلفة. والابواب والنوافذ فيها مكسرة او مفقودة كليا معرضة المشردين فيها الكثير من عناصر الاذى وليس هناك مياه جارية او كهرباء او مراحيض ويشرب الاطفال الكثير من عناصر الاذى وليس هناك مياه جارية او كهرباء او مراحيض ويشرب الاطفال المياه من مصادر مياة غير معالجة ويستعملون العراء كدورة مياه ممايجعل المخاطر الصحية التي تواجه الاطفال الذين يعيشون في ظل هذه الظروف كبيرة خاصة عندما لا تتوافر للأطفال المشردين امكانية الوصول الى الرعاية الصحية.
الى جانب هذا وذاك يشكل الأمن الغذائي أحد التحديات التي تواجه الاسر المشردة من حيث تأمين كميات كافية لحاجات الاسرة او بقاء حصص الاعاشة الاسرية من الغذاء في المواقع التي غادروها فضلا عن التهديد المستمر لاخلاء المباني الحكومية وهو ما يشكل مصدر قلق دائم للاسر ويضعها تحت تهديد دائم مما ينعكس مع الحياة اليومية للاطفال.


- تحديات البيئة اليومية
في مدن العراق بما فيها العاصمة بغداد يعيش الاطفال والراشدون معا وسط معمة القتال المميت بين اطراف متعددة ويعيشون في مناخ من الخوف والخطر وفي العديد من الممارسات يجري تفتيش البيوت من بيت الى بيت،وتحدث مداهمات للمنازل بحثا عن المشتبه فيهم،بينما المعتمدون من الاطفال والنساء ينظرون الى مايجري شاعرين بالاذلال والالم وهم يشاهدون ابواب بيوتهم،تركل بالاقدام وبيوتهم تقلب رأسا على عقب والذكور من اسرهم يقتادون تحت تهديد السلاح، وتشعر الاسر بانها لاحول لها ولاقوة وتتأزم مشاعر الغضب في صدور افرأدها لعدم معرفتها سبب اعتقال او اختطاف الاباء او الابناء احياناً والمكان الذي اقتيدوا اليه وكيفية الاتصال بهم هذه المخاوف والاحباطات يتشربها الاطفال ويتحدثون عن شعورهم بالخوف من اللصوص واطلاق النار اليومي بالقرب من مدارسهم وبيوتهم وعن حوادث وشائعات خطف الاطفال من اجل الفدية وقد اظهر ت العديد من الدراسات الميدانية ان انعدام الامن كان التهديد الرئيسي لحياة الاطفال( ).
اذا ما أخذنا بالاعتبار الفقر والصعوبات الاقتصادية والتحديات المجتمعية الاخرى(تعليم،صحة،شبكات امان اجتماعي،اسكان... وغيرها)فضلاً عن الاثار الناجمة عن تلك الصعوبات(ايتام،مشردين،معوقين،ضحاياوغيرهم)فان الحقائق والوقائع التي تسيطر على المشهد تبدو قاتمة للاطفال والشباب.
فالاوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة وانعدام الامن يظلان عاملين رئيسين في تفاقم المصاعب والصعوبات، هذه الاحوال السائدة هي التي تضخم وتعمق هشاشة وضعف الاطفال العراقيين ومدى تعرضهم للمخاطر،وتفوض قدرة مانحي الرعاية لهم على توفير الرعاية والحماية الكافيتين. مادام الناس يحصلون على امنهم وطمانيتهم من اندماجهم بالمجتمع المحيط بهم فان الاستثمار لتحسين حياة الاطفال والشباب يعتمد بشكل اساسي على البيئة التمكينية التي يعيش فيها والتي تتمحور في ثلاثة اصناف :
الاول : السياسات والمؤسسات التي تخلق البيئة التمكينية للاطفال وتحقق لهم الاستثمار الناجح على المستوى القطاعي والكلي. وهي:
1-صحة الطفل وتغذيته.
2- المعيشة والتشغيل.
3- التعليم المستمر مدى الحياة.
4-السلوك الصحي.
5- التعليم الثانوي والمهني.
6- حماية الفئات الاكثر عرضة لتهميش.
7- تنمية الطفولة المبكرة.
8- توفير البيئة الصحية الامنة.
9- التركيز على التعليم الابتدائي.
وكما موضح في المرتسم الاتي:

- ستراتيجيات النمو الاقتصادي التي تدعم الفقراءوخصوصاً(السياسات التي تعزز وتدعم الخدمات المقدمة وخصوصاً مجالات التعليم والصحة بالاضافة الى تنمية البنى التحتية
- وضع اهتمام خاص للفئات الاكثر احتياجات سيما التي تعاني من حالة اختناق مثل تقديم الخدمات العامة والخاصة ودعم منظمات المجتمع المدني،وبناء القدرات الانسانية اضافة الى حملات مؤسسية لتعزيز ودعم القطاعات المهتمة بالشباب(السياسات والاستثمارات).
الثاني:العوائل والمجتمعات المحلية التي تدعم وتحتاج الى رسم ستراتيجيات وتدخلات مع تركيز خاص على طلبات ذوي الاحتياجات الخاصة،ومعالجة المشكلات الخاصة بهم وتذليلها. من خلال التركيز على السياسات والاستثمارات في قطاعات التنمية الانسانية(مثلا اسشمارات في تجهيزالمياه المحليةمع توسيع المدارس الابتدائية لتقليل طلب الاسرعلى استغلال تجهيز المياة ومنع الفتيات من الدراسة وتقديم المساعدة المالية للاسر الفقيرة لتعزيز واستدامة سلوك معين،وغالبا مايحدث في مجال الاستثمار راس المال البشري مثل ارسال الابناء للمدارس او جلبهم الى المراكز الصحية بشكل منتظم او دعوة الاباء لحضور برامج المهارات وبناء القدرات لذا نجد ان هذه البرامج التي تصمم لتحسين الطلب على الخدمات الاجتماعية الاساسية تتكامل مع التدخل التقليدي لتحسين الخدمات المقدمة ونوعيتها.وان تجارب العديد من البلدان اظهرت نجاحاً في النتائج والمعطيات للاسرة المحتاجة
- الثالث: المشاركة الفاعلة والمتساوية لكلا الجنسين وتفعيل ادوارهم حيثما وجدت وعلى مختلف المستويات التنموية-من الستراتيجية الى التصميم،من التنفيذ،الى التقويم لتمكيننهم وادماجهم في معراج النماء والحداثةدعم الاطفال والشباب)

وختاماً يمكننا القول انه لايمكن تحقيق الاستدامة الاجتماعية الاّ من خلال الحد من التدهور الذي تواجهه الطفولة في العراق. فالتحديات والمعقوبات التي تهدد طفولتنا تشكل خطراً رئيسياً على الاستقرار وعقبة امام مزيد من التنمية الاجتماعية والاقتصادية في كل مكان.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com