أهدموا الأعشاش الموبؤة قبل فوات الأوان (1 – 2)

ناجي ئاكره يي

akrawy51@hotmail.com

الرشوة تفسد الذمم

( قول حكيم )

تقول منظمة الشفافية الدولية بأن الفساد المالي والأداري كان مستشريا في العراق أبان النظام السابق، والمراقب المحايد والنزيه كان يعتقد بان فساد النظام السابق قد تجاوز حد المعقول، كنا نتصور بأنه لا يمكن ان يأتي ما هو أسوء منه وخاصة في اقليم جنوب كوردستان، واذا أستثينا الحاصل من المفاسد في المناطق الأخرى من العراق لأسباب معروفة، فالمعايش لمنطقة جنوب كوردستان لا يجد الا ظروفا من الفساد الأداري والمالي لدرجة خطيرة، حيث يصيب الأنسان بالذهول بسبب تفشي وأنتشار هذه الظاهرة في مفاصل المؤسسات وفي مرافق المجتمع الكوردستاني.

 من المعروف بأن السلبيات متشابهة مثلما تكون الأيجابيات متماثلة في العالم، سابقا في كوردستان حينما كنا نجد مرتشيا يشار اليه بالبنيان، ويصبح منبوذا من المجتمع لا يجري معاشرته ومصاهرته يتهرب منه الأقرباء والأصدقاء، الحالة الآن في كوردستان أنقلبت على عقبيها وأصبحت الرشوة والكسب غير المشروع شطارة ودلالة على النفوذ، والتجاوز على الممتلكات العامة والأملاك الخاصة دلالة على قرب المتجاوز من هذا المسؤول وهذه الجهة وتلك، أما حينما تجد نزيها في مؤسسة ودائرة ما، نلاحظ بأن الفاسدون ينظرون اليه على انه شاذ ومعقد ولا يعرف مصلحته ولا مصلحة ذويه، ويوصف بأنه متخلف ويبيع القيم للأستهلاك المحلي، ويقولون بأن عيب الرجل في جيبه عليه ارشوا تشفوا، كأن الحياء والنزاهة والمبادئ في الناس يورث الفقر، بل ويحارب هذا الأنسان والمسؤول النزيه في رزقه من قبل القطط السمان ومن قبل الثيران الهائجة الشرهة.

نقول يجب ان نتوخى الصدق مع بعضنا البعض ومع ذاتنا وانفسنا قبلها، ونقول يجب ان نرفع من القواميس المقولة القائلة ( اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب )، لأننا نعيش في مرحلة حساسة يتقرر فيها تجربة شعب ومصير أمة، وشعبنا الكوردي مر بتجارب قاسية وظروف صعبة، ليس من المعقول ان يعمل البعض من الذين كانوا الى الأمس لا يملكون ثمن حذاء، وكانوا يتكلمون بصوت عالي عن الطهارة والتضحية والنضال، ان يتلاعبوا بمصير شعبنا ويكونوا السبب لغياب الأستقرار وسعادة الكورد، وان ما تحقق لشعبنا الكورد من الأنجازات هي ليست ملك أحد مهما يكون ومن يكون، بل هي نتيجة تضحيات جسام وأنهار من الدماء والدموع والشهداء والثكلى لشعب مظلوم ولأمة مغبونة على مدى قرون.

 نعم قام النظام الصدامي المجرم وقبله الحكومات العراقية والحكومات التي تتقاسم كوردستان، بتحطيم كل جوانب الحياة للكورد ماديا وبشريا وبصورة مدروسة ومخططة، لذا لا نسمح بأن يقوم البعض بعرقلة اسس النهضة ومقومات الحياة لشعبنا الكوردي تحت شعارات فضفاضة ومسميات عفى عليها الزمن، يلتف حولهم فئات من الخونة والعملاء ومن الأنتهازيين والجاش والمستعربين والوصوليين مجهولي الهوية والفكر،

هؤلاء جميعا الذين يرفعون معول الفساد الأداري والمالي، سواء من كان منهم معنا في سوح النضال والكفاح حيث نعرف بعضنا البعض وكنا نعرف مقدار امكانياتهم ومواردهم، والطارئين الذين أصطفوا معهم بعد الأنتفاضة الباسلة، حيث تجذروا في المجتمع وتشابكت مصالحهم مع نفعية ومصالح البعض من الذين نزلوا من الجبل بأسم الكوردياتي وأدعوا الطهارة الثورية، سواء من كان منهم يلبس رداء هذا الحزب وذاك اومن يسير تحت كتف هذا المسؤول القيادي اوالآخر، ويشغل هذه الوظيفة اوهذا المنصب ام يتحمل مسؤولية هذه الوزارة وتلك، وممن عملوا في هذا المرفق وذاك المفصل وتواجدوا تحت قبة هذه المؤسسة وتلك، لا نستثني منهم اي فاسد مارق خائن مجرم.

 نحن حينما نتهم هؤلاء المكشوفين امام شعبنا المضحي، لا ننطلق من أحكامنا عليهم من فراغ، ولا نرفض هؤلاء لغرض منافستهم اومنازعتهم على امتيازاتهم، بل نطلب من ولاة الأمر ان يضعوا أصابعهم ( ومعهم كل الخيرين ) في عيونهم الوقحة الطالعة من على وجوههم القبيحة ومن رؤوسهم الخاوية، وشعبنا يرفضهم لدواع وطنية وقومية حماية لمستقبل شعبنا ومصيره، وننطلق من أنذارنا لهم ايمانا بتطلعات شعبنا والظروف القاسية التي تجاوزها في هذه المرحلة على الأقل، وحرصنا يأتي من توقعاتنا لما يخططه اعداء الكورد من مشاكل وعراقيل ليضعوها امام مسيرة شعبنا، فهؤلاء مهما رفعوا من شعارات كاذبة والمزايدات المخادعة لا تهمنا بشئ، لآننا نعرف بأن هؤلاء جميعا قد دخلوا في عقود ناقصة ولكن بتحالفات متكافئة في السرقة والغش والخداع، ونحن مستعدون ومعنا الأكثرية الصامتة ان ندخل في صراعات حادة ومتشنجة معهم، ونكشف المستور للعالم أجمع وللمؤسسات والمنظمات الدولية، ونستمر بتعريتهم الى ان نرفع هذه البقع السوداء من على طريق مسيرة شعبنا.

نعم ان كافة المسؤولين الحزبين والحكوميين والبرلمانيين في الأقليم امام امتحان كبير من قمة الهرم الى قاعدته، لأننا على يقين تام بأن صيانة مستقبل شعبنا لا يتم من خلال الممارسات الجارية والتستر عليها، لا تتم هذه الصيانة الا عن طريق العمل الجاد لأستقراره لا عن طريق التلاعب بالألفاظ وبالماضي، المطلوب ان يتوفر لدى ولاة الأمر محاسبة انفسهم وحاشياتهم ومرؤوسيهم قبل كل شئ بصدق العزم ووضوح الرؤية، وبتجرد كل المسؤولين الكبار منهم والصغار الحزبيين والحكوميين من الذاتية والتقوقع، وأن يكون شعارهم الأنتفاح على الحقيقة بسمو التطلع على طريق سلامة المجتمع ليثبتوا أنهم أهل لتحمل المسؤولية، وان يكون لهم موقف ازاء ما يجري من تجاوزات ورشاوي، من لدن البعض الذين لهم مسؤوليات ونفوذ، الذين جعلوا من الفساد والأنحراف ظاهرة بارزة الى حد التأثير في العلاقات الأنسانية لمجتمعاتنا، ومن واجب الوطني النزيه والمسؤول الصادق مع شعبه والحزبي المخلص لقوميته، الوقوف بوجه هؤلاء بصورة حازمة وحاسمة بأيقاف كافة أشكال الدعم المادي اوالمعنوي الخفي منه قبل العلني عنهم، هؤلاء الذين يساهمون في اذلال وأفقار شعبنا ويعملون الى جعل التخلف والرشوة والفساد الأداري والمالي والطغيان أكثر تمكنا وترسيخا.

لقد بلغ السيل الزبى، ان ما يحصل على الطبيعة الكوردستانية في جنوبها وفي واقع اليومي لساكينها، يدفع أبناء شعبنا الى الضياع في نفق دامس ومظلم، والأكثرية الصامتة مهما حاولت ضبط النفس والأنفعالاات المصاحبة له، ليس معناه تبريئة المسؤولين على اساس أنهم لا يدرون بهذه المشاكل وأنهم لا يرون تأثير تلك التجاوزات وما تثيرها من السخط العام، رغم أختلاف الأراء عند تحليل الأوضاع السائدة الا انها في معظم الحالات تكون هذه الأراء متشابهة الى حد مدهش في التحليل الأخير، وما أبتعاد ونفور الشبيبة الكوردستانية عن هذا الواقع المؤلم بتروي وحكمة واللجوء للخارج، لأنهم يشخصون جيدا التعتيم الحاصل على هذه التجاوزات ويعرفون مسببيها ومصادرها.

الطبقة المتوسطة في كوردستان في طريقها الى التحول الى طبقة فقيرة مهمشة، والطبقة الفقيرة في طريقها للوصول الى دون الفقر، ومن صعد من القلة من الطبقة الوسطى هم من الفاسدين، اصطفوا بسرعة مع الثيران الهائجة والجشعة أصحاب الملايين والسهرات والمزارع وليالي الملاح، والمجتمع في طريقه الى ان يتحول الى أبناء الست ( وهم الأقلية ) من الطبقة الحاكمة وأصحاب النفوذ والقوة والمال والسطوة، وأبناء الجارية ( وهم الأكثرية ) من المهمشين والمحتاجين والفقراء.

 نعم مراكز البحوث والأستطلاعات ترصد المحسوبين على هذا الحزب وذاك ومن يعمل لحساب هذا المسؤول وتلك المافيا، ومثقفينا والأكثرية الصامتة من شعبنا يرفدون هذه الجهات بكل الحقائق ومجريات الأمور، راجين أن تنقشع الغيمة الكالحة السواد من أجل الرؤية الواضحة للعلامات الفارقة، متمنين أيضا الخروج من هذه الفوضى والفساد واللامبالاة بأقل الخسائر، ولكن كل هذه التوقعات الوردية لا تصلح الجشع وما أفسدته دودة الفساد بعد ان أختلط الأبيض والأسود، ولا يستوي الواقع الا بتخريب وهدم الأعشاش التي تحولت الى كارتلات وأوكار موبؤة، وشعبنا حينما ينفجر سوف يجد هؤلاء كيف يتلقون ضربات ( كم ) على وجههم لكي تسقط أموالهم في دهاليز النسيان وشخوصهم في مزبلة التاريخ.

قصدنا ليس تضخيم الأمور المضخمة اساسا وتعرية المشاكل وهي جاثمة على صدور شعبنا، ولا نريد بكل هذه ان نزرع اليأس وخيبة الأمل، غايتنا ذكر الحقائق كما هي لأن الحقائق لا تلغى بالعمليات القيصرية يا قادة وزعماء كوردستان ويا مسؤولي الأقليم، لأن كل المؤشرات تقول بأن مجتمعاتنا في طريقها للأصابة بمرض عضال، مرض المحسوبية والرشوة والفساد الأداري والمالي والتسترعلى المتجاوزين والمفسدين، ان الأستمرار في هذا الطريق وانتهاج هذا المسلك مهما حاول المسؤولين تجاوزه بالترقيع، فأن السرطان سوف ينخر نخاع عظام المجتمع، فالذي يريد التصدي للمرض لكي يتخذ شعبنا دوره الطبيعي في النشوء والبلوغ والتطور، يجب عليه اولا حجب المواقف غير المسؤولة التي تدل على أبعاد مرضية، وان أبناء شعبنا لا يهتمون بدغدغة مشاعرهم بأمجاد النضالية لهذا المسؤول وذاك، تحت شعارات فضفاضة بالية بعد ان ظهرت للعيان لسان أموالهم في طريقة عيشهم وموجوداتهم ومن خلال البنوك الأجنبية، لذا يعتري شعبنا رجفة ألم وحسرة حينما يسمعون كلام هؤلاء عن الأخلاص والوطنية والقومية وعن النزاهة والنضال، التي أثبتت أموالهم وأطيانهم وأملاكهم صحة بطلان ادعاءاتهم، ويتوقع شعبنا ان لم يجري محاسبة المسؤولين وسؤالهم من أين لك هذا، وأن لم يتم تصحيح المسيرة ووضع القاطرة على سكتها، فأن هؤلاء سوف يكتبون مرثية شعبنا بأيديهم ويضيعون عليه فرصته التأريخية، ولكن هيهات مناالذلة والسكوت، وعلى الطبقة الواعية والمثقفة والصحافة الحرة أخذ المبادرة وتشخيص مكامن الخلل، وتنبيه المسؤولين الحريصين على مستقبل شعبنا عن المخاطر المتوقعة، والوقوف بوجه من يمتهن كرامة شعبنا وامواله وأملاكه ويستغل حاجاته ويعبث بسمعته، وليعلم أصحاب الطغيان المادي ان وطننا كوردستان ليس حارة المساطيل ليتصرف فيه من لا يملك ويمنح لمن لا يستحق.

يجب معالجة الوضع بكل جرأة بعد ان فاحت الروائح النتنة من بعض المسؤولين وهم اساسا أميون وجهلة، ونكران الذات ضرورية ومطلوبة من المسؤولين، لكي يبقى الأيمان بالقيادات السياسية المخلصة وبتجربة الفدرالية وبالوطن، ولكي لا يضعف في جماهيرنا روح المقاومة تجاه ما سوف يصادفنا من مشاكل ومتاعب، وهنا يكون من الواجب والضروري عدم افساح المجال لكي تعود السياسة الحزبية الأنانية الى دورتها الماضية كديكور للوجاهة والنفوذ والأستحواذ على الأموال والأملاك، وبالتالي شطب رأي الأكثرية الصامتة بجرة قلم، هذه الأكثرية التي تطالب بمحاكمة قضائية لا سياسية لكل الخونة ولكل مسببي هذه التجاوزات ولكل من يخرق القانون والنظام العام والنسيج الأجتماعي لشعب كوردستان، بعد ان وصل التناقض الى ذروته فمن الضروري محاربة النزعات السلطوية والأستحواذية الجامحة غير المشروعة والمناقضة لمصالح وتطلعات جماهيرنا المظلومة، وننبه هنا بأن الوضع الكوردستاني يتشابك سلبا وأيجابا مع مواقف الأحزاب الكوردستانية من جهة، ومن جهة أخرى مع الظروف الأقليمية والدولية، وان الكثير من المراقبين يستطيعون التشخيص والفصل وتحديد المسؤوليات لكل حالة على حدة.

تشكيل مؤسسات الأقليم أدى الى أزدهار الحرية والديمقراطية لصالح البعض في الأحزاب المتنفذة ( كما )، على حساب مصالح الجماهير مما ادى الى طغيان الأحزاب على الحكومة وبالتالي طغيان الحرية غير المسؤولة على المؤسسات، وهذه الحقيقة تعرفها الجماهير جيدا.

اذا اردنا ان نعالج التشنجات والمشاكل علينا بالأفعال لا بالأقوال التي لا تؤكل الخبز، والذي يريد الكوردياتي عليه تفعيلها بالعمل لا بالشعارات الفارغة لأن الكلمات الرنانة في عصرنا أصبحت بمثابة صفر على الشمال، وتقوية مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، وخاصة بعد ان أصبح البرلمان الكوردستاني مغيبا فيه الأجتهادات والطروحات الجريئة نتيجة تسلط الأكثرية وتوافقاتها، مع تقديرنا للكثيرين من البرلمانيين الذين هم أصحاب بائع طويل أيجابي في كل مجالات الحياة، لم نرى يوما بأن البرلمان قد ناقش بعض الظواهر التي تكمن فيها المخاطر، فمثلا يوجد في محافظة اربيل 870 مسجدا وجامعا اذا تخرج من كل مسجد مغسول دماغ واحد في السنة فسوف نحصل تقريبا على الف ارهابي سنويا، وكلنا نسمع أخبار عن خطب الجمعة وأخرها خطبة ملا اسماعيل كردي الذي طالب علنا بوأد حقوق المرأة واعتبر كل مظاهر التقدم بدع يجب محاربتها بالقوة، التدخل الغير مبرر واللامسؤول لرجال الدين في حياة الناس ساهم في تخلف المجتمع وابعاده عن تفعيله لقضاياه الأساسية التي لا تعالج عن طريق الأدعية والبكاء على القبور والأضرحة وبالأرهاب.
و توجد بالمقابل في المحافظة حوالي 750 مدرسة فقط وبضعة عشرات من المستشفيات والمستوصفات، فلنقارن عدد المساجد والتكيات مع عدد المدارس والمؤسسات الصحية، حين ذاك نعرف مقدار خطورة الفساد الأداري والمالي، ونطلع على بوصلة الأتجاهات الأقليمية وما يخططونه لمستقبل شعبنا وضخامة الكارثة التي نسير اليها بأرجلنا، بعد ان مات أجزاء منا نتيجة أنجرافهم مع سيول الفساد.

 إذا فشت الرشوة في مجتمع من المجتمعات فلا شك أنه مجتمع فاسد، محكوم عليه بالعواقب الوخيمة وبالهلاك المحقق، ومع الأسف لا زالت الأمتيازات تنهال على الجحوش والخونة وعلى الأصحاب والأحباب والمقربين، ولكن ما يبعث على الأمل بأن جماهيرنا تنقل هذه الأخبار وتشخصها وأصبحت غذاءها السياسي، والمزاج الشعبي العام يرفض بيوتات المتسيسن المتزمتين المستفيدين من المال العام، ويميل الى نبذ العنف والى تسوية سلمية للأمور العالقة وترغب في الطريق المعتدل لحل المشاكل وتطالب بأقامة أوضاع ديمقراطية حقيقية قبل ان تنفجر، وهنا ندق ناقوس الخطر فعلى المسؤولين النزهين تحمل مسؤولياتهم والأصطفاف في صف الجماهير ونزعة الأعتدال لديها، والألتزام بالواقعية وعدم الأنسياق وراء ما يقوله ويفعله القطط السمان، ولا يمكن ان تتحول تلك القطط الى حمامات وديعة مسالمة، وعلى المسؤولين المخلصين الأرتباط الوثيق بأحتياجات الأغلبية المغبونة وتلافي نواحي النقص والعجز لديها.

 نحن لا نريد من المسؤولين ان يعالجوا الأمور بالتسترعليها، مثل ذلك الشخص الذي أختلف مع زوجته في العمل وجاء الى البيت ليصالح زوجته، بل المراد ان تكون مؤسسات المجتمع المدني قادرة على التحرك، وتعتبر تلك الخطوة هامة وجذرية على الطريق الصحيح لتعزيزالحريات والعلمانية والديمقراطية في الأقليم، لأن الوفاق السياسي جاء في كثير من الحالات لصالح الأحزاب والدليل هو ما حصل لميزانية وزارة المالية حين توحيد الأدارتين، وماحصل في السابق ايضا من مواقف الأحزاب المتشنجة منها والصلبة والعنيفة ولا ننسى الدماء التي أريقت نتيجة تلك المواقف.

السؤال ليس علامة الجهل دائما، ولكن غيابه علامة اللامبالاة الى درجة الحمق وغباء متجذر وثقة العقول الكسولة بأمكانياتها كل هذه تؤدي الى الكوارث، والسؤال هنا حينما يجلس المسؤولون ويتكلمون عن الفساد ويتحاورون في علاجها، نجد جميع المسؤولين ينأون عن أنفسهم هذه الظاهرة وعلى أساس أنهم كلهم من صنف الملائكة لا ندري مع من يتحاورون ومن يحاسبون أذن ؟ !!، المطلوب من المسؤولين ومن الأحزاب المتنفذة عدم الأستخفاف بعقول الناس وابعاد حاشياتهم المتجذرين لأن لدينا معلومات خطيرة بأنهم يحجبون الحقائق ولا يوصلون المظالم اليهم، المصالح الفردية والنزعات الضيقة هما بعض عناصر هذا الفساد الأداري والنتيجة كما ترون، عليهم تغير اسلوبهم في التعامل مع الشعب لأن الشعوب لا تكون دمى دائمة أبدا، ومن باب الحرص نقول أن استمرهذا الأسلوب وهذه الظواهر فلن يبقى لهم أحد ولا يحصدون سوى الأخفاق.

و حينما نشيرالى هذه الظواهر الواضحة للعيان والتي تطال ضررها جماهيرالشعب، والتي أصبحت على كل لسان شريف بعد ان أصبحت قواسم مشتركة لأغلب الأحزاب والمسؤولين، لا نريد بذلك التشهير بل لنعلم المسؤولين النزيهين الصادقين بحقيقة مجريات الأمور، لكي لا يتهرب هذا المسؤول وذاك غدا بحجة عدم معرفته بهذه الحالات المستشرية من فساد بعض النخب السياسية الذين كانوا يدعون الطهر الثوري، ومن الغريب ان يدعي هؤلاء المفسدين أنفسهم بان هذا الفساد موجود، ولكنهم يسكتون ويغمضون عيونهم عن صور الفساد المتنوعة.

قوانين دول العالم ومعايير سلوك الصحيح للمسؤولين والتي من المصلحة تطبيقها في الأقليم، هي اقرار البراءة والذمة المالية للمسؤولين والموظفين والعاملين في المؤسسات والدوائر ولعوائلهم، وما يملكون من موجودات واملاك منقولة وغير منقولة ومصادرها وتثبيت أصولها، وعلى البرلمان الكوردستاني وضع التعليمات والمعايير والضوابط لهذا الأقرار، والتفريق بين ما يملكه المسؤول ما بين المال العام والخاص، اي بين ما يملكه حزب المسؤول والجهة السياسية بأسمه وما يملكه هو شخصيا.

و ليعلم أصحاب الطغيان المادي نحن لسنا في ساحة حرب ليفزوا بها، ويحصلوا على المغانم كفائزين ويمسحوا المنطقة لصالحهم، وليعرفوا بأن الشعوب لا تموت والموت نفسه ليس وسيلة جيدة لكسب الرزق، وان الجياد لا تقودها الغزلان مهما تجل المبذرون والفاسدون في هذا المكان وذاك، وأبناء شعبنا لم يقطعوا كل هذه المسافات في مسيرته، ومن ثم ليحدقوا في تصرفات سراق قوتهم وفي جمالهم وفي كلامهم المنمق والفارغ من المحتوى، وان الشمس الموجود فوق راية كوردستان لا يمكن ان تسمح الجماهير بأستغلال شروقها الأوغاد، لأن رايتنا ليست ملك أحد وأبناء شعبنا ليسوا عبيدا للفاسدين ولا لحاشياتهم ولا لأموالهم.

و نضع أمام رئاسة الأقليم الموقرة وأمام رئاسة البرلمان المحترمة وامام حكومة الاقليم الرشيدة والحزبيبن المهيمنين هذه الرسالة، من باب الحرص والمصلحة العامة ومن باب المحبة، نقول لكم بأن جماهيرنا لا تنقصها الهمة ان وصل الأمر الى كسر العظم، وان صرخة الموت والجوع والفقر يجب ان تلبى وتسمع، وان هناك أشباه الأشجار في صفوفكم يختبئ وراءها بشر يحملون معول الفساد والهدم، ويعرفون اي نهار طلع علينا بعد الليل الدامس لذا يريدون ظلامها لأن الغد الكوردي لا يهمهم، عليه نرجوا ان لا تقيدوا أعناق أبناء شعبكم بسلاسل السراق والخونة، ولا تجعلوا قطرة دم تراق في غير موضعها، وكل الشواهد تقول بأن هناك دماء سوف تراق في غير موضعها، ويجب ان تعتبروا بأن كوردستان فوق كل ملك وأعتبار، وسلطتكم وصلت اليكم نتيجة تضحيات شعبنا المضحي والمتفاني، فأرفعوا الحاجب بينكم وبين شعبكم والسدود والموانع لتسمعوا وتعرفوا معاناة أبنائكم على حقيقتها وبالملموس، وان غدا لناظره لقريب.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com