المنظمات النسوية العراقية - الى أين المسير

المحامية سحر مهدي الياسري

saharmahdi63@yahoo.com

بعد الاحتلال الاميركي للعراق وفتح الباب أمام الشعب العراقي لتشكيل منظمات المجتمع المدني في مجالات حقوق الانسان والمرأة الطفل والدراسات القانونية والفكرية السترايجية والعديد العديد الكبير من المنظمات التي لاحصر لها ولا لأعمالها وتضخمت أعدادها الى درجة مبالغ فيها فأصبحت بلا طعم ولاعمل جدي .ولو أني ضد تحجيم دور منظمات المجتمع المدني ومع أن يعبر المواطن عن نفسه من خلال منظماتها المستقلة والتي حرم في السابق منها ولكن الحال الذي وصلت اليه هذه المنظمات بالتضخم العددي أثر بشكل سلبي على دور منظمات المجتمع المدني في الحياة العامة وتشتت فعالياتها وأنشطتها ولم يعد لها دور واضح في خدمة مجتمعها .نحتاج الى وقفة جادة مخلصة مع أنفسنا لاعادة النظر بأسلوب منح أجازة تأسيس هذه المنظمات وأتخاذ أجراءات جدية وحازمة بوجه المنظمات غير الحاصلة على أجازة التأسيس ومتابعة مصادر تمويلها وأوجه الصرف فقد تحولت قسم من هذه المنظمات الى مصدر أثراء للبعض .
شكلت المنظمات النسوية العدد الاكبر من منظمات المجتمع المدني التي تشكلت بعد أنهيار النظام السابق حتى وصل العدد أخيرا متجاوزا الرقم أربعة الالاف منظمة نسوية ,أصابتني الدهشة وأنا أسمع هذا الرقم من وزيرة شؤون المرأة السابقة هذه المنظمات مسجلة لدى وزارة شؤون المجتمع المدني ولايعلم عدد غير المسجلة
لنا أن نسأل كم من هذه المنظمات يعمل بصورة جدية وفاعلة على الساحة العراقية ؟؟
كم من هذه المنظمات مؤثر في مجتمعه واستطاع أن يقدم للمرأة العراقية المكافحة ما تستحقه ؟؟
كنت أريد كتابة موضوع بمناسبة يوم المرأة العالمي على شكل بحث يتضمن دراسة واقع هذه المنظمات ومعوقات العمل مع جداول تتضمن أعدا د المنتسبات الى هذه المنظمات والانشطة التي قمن بها خلال الثلاث سنوات ومقترحاتهن لتطوير العمل وبسبب الوضع الامني راسلت أكثر من اربعين منظمة نسوية بلغت انها فاعلة على الساحة النسوية العراقية ورغم الانتظار لم أتلقى سوى رد من أحدى المنظمات النسوية الكردية في دهوك وكانت مسؤولتها متفضلة بالرد بالتفصيل أما الاخريات فلم أتلقى أي رد لحد الان وقسم منهن قابلتهن بشكل شخصي ووعدن بالرد ولكن ليس هناك جواب .الحديث عن المعوقات والاعداد الحقيقية للاعضاء المنظمات ليس عيبا لانها تجربة حديثة ولان الوضع الامني ومعوقات كثيرة تحول دون التحرك بشكل فاعل بالاضافة التي تنحي الدولة بشكل كامل عن دورها برعاية ودعم هذه المنظمات ماليا ومعنويا وفتح المجال كاملا لها قانونا لتكون ذات تأثير في قرارات الدولة المتعلقة بالمرأة كلها معوقات حقيقية تحول دون أن يكون لمنظمات المجتمع المدني حضور مؤثر وفاعل ومنتج
لقد كان لتشرذم الحركة النسوية العراقية دور سيء على واقع المرأة العراقية وفقدت مع تسيد الاسلام السياسي الساحة الكثير مما انجزته بجهود عراقيات مناضلات وكانت طامته المادة 41 من الدستور التي ألغت قانون الاحوال الشخصية وأسست لمحاكم القرون الوسطى فيما يتعلق بقوانين الاسرة فبدلا من التطور والتقدم الى الامام نرجع الى الوراء ولم تفعل النساء المشاركات بلجنة كتابة الدستور ما يجب منهن على الاقل الحفاظ على منجزات تعتبر تاريخية للمرأة العراقية ولم أقتنع بأي تبرير ساقته نساء لجنة كتابة الدستور عن موافقتهن على هذه المادة وكان بأمكانهن الانسحاب من اللجنة وتهيئة الرأي العام العراقي رجالا ونساء للوقوف بوجه الريح التي تريد أعادتنا للوراء وفرض أجندتها على مجتمعنا ولكن يبدوا أن مبلغ ستين ألف دولار (مكافئة اعضاء لجنة كتابة الدستور) مغريا بشكل كاف ليسكتهن
وكانت فعالية منظمات النساء المتشرذمة غير قوية بشكل يكفل الوقوف بوجه أصدار مثل هذه المادة وليسمحن لي مع الاعتذار لهن فشلن في تحقيق أي شيء للنساء العراقيات بل العكس قسم من هذه المنظمات وقفن بشكل سلبي من قضايا كثيرة للمرأة وكن عائق أمام أي طرح يعطي حقوقا تستحقها المرأة العراقية .ومع أختلاف أهداف هذه المنظمات الى درجة التقاطع فيما بينهن ولغة الاقصاء المستشرية ومحاولة الجهات الحزبية تأطير هذه المنظمات لصالح أهدافها وجعلها واجهة حزبية لتحسين صورهم القاتمة فقدت هذه المنظمات الكثير من قدرتها على العمل
لنسألهن ماذا غير حضور الندوات والمؤتمرات في الداخل والخارج موضة هذه الايام ماذا فعلن؟
الامية تنتشر بين صفوف النسوة العراقيات وحسب المنظمات الدولية أن نسب كبيرة من الاناث العراقيات لايلتحقن بالمدارس بسبب الوضع الامني وبسبب الافكار المتخلفة التي غلفت الشارع العراقي بأجندتها التي لاترى حقا للمرأة بالتعليم والعمل علما ان الدستور نص على حق التعليم الالزامي دون قانون ملزم للالحاق بالمدارس بالاضافة الى التسرب لاعداد هائلة منهن من مقاعد الدراسة ماذا فعلن أخواتنا في منظمات النساء
ماذا فعلن في الحد من العنف والاعتداء والقتل والتعسف ضد المرأة ,ماذا فعلن في الاقصاء الواسع للنساء في الوظائف والترقيات وفقدان فرص العمل والتمييز الواضح ضدهن في سوق العمل والتعسف ضدهن في مواقع العمل والفصل القسري للنساء المعينات بعقود في دوائر الدولة ومنشآت القطاع المختلط والخاص وأقصاء النساء في المنظمات والنقابات المهنية ووضع حلول للا عداد المتزايدة من العاطلات عن العمل ومعالجة تأنيث الفقر بين النساء والذي تصاعد بشكل متواتر في الثلاث سنوات الاخيرة مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات
ماذا فعلن لارساء قوانين أكثر عدالة للمرأة ووقف الاعتقالات الكيفية للنساء وأغتصابهن والاعتداء عليهن في المعتقلات والسجون
أخواتي ماذا فعلتن ؟؟
لن أقول لاشيء لاني لا أظلم أحدا ولاني أعلم ان الكثيرات منكن مخلصات ومناضلات حقيقيات فيما يتعلق بحقوق المرأة العراقية ولكن هذا الواقع المتشرذم يؤخر عملكن كثيرا نحن بحاجة لوحدة هذه المنظمات ووجود مرجعية عليا تضع برنامجا واضحا محدد الاهداف للمرحلة الحالية وللمستقبل ((ولست مع أن تكون وزارة شؤون المرأة هي الراعية وخصوصا أن الوزيرة الحالية غير معروف عنها نشاطا يخص المرأة )) وأن تعمل جميع المنظمات بشكل متعاون بأتجاه واقع عراقي يتعامل بأنسانية أكبر مع المرأة وبعدالة, التحديات كبيرة ومتشعبة ومع مجلس نيابي يشكل الاسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني الغالبية سيكون العمل صعبا أكثر والمعوقات حقيقية وبحاجة لنضال شاق .. عذرا مرة آخرى .

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com