|
هل بالإمكان بناء بلد من لا بلد حسن ذياب الشمري (في البدء لابد من القول انني من دعاة التعايش تحت مضلة الانسان لاغير ) خاطئون هم اولئك الذي يقولون إن العراق امةً واحدة أو انه كان بلداً موحداً بين كافة اطيافه ومكوناته أوانه شعب متداخل فيما بينه. فالعراق كان وما زال بلد الايدلوجيات المتنافرة والمختلفة والمتخالفة – انه بلد واحد في خارطته وبلد متعدد في تركيبته البشرية. انه بلد قائم على فلسفة نابعة من قيم متضادة، و على مفاهيم معبرة عن مجتمعات ذات تواريخ متصارعة فكرياً وولائياً على ارضه . ان كل مركّب في هذا البلد يقف موقفاً عدائياً تجاه الاخر بسبب متبنياته الفكرية والفلسفية. ولهذا ارى ان أي دعوة في العراق الى الوحدة هي من تسبب في تجزئته وتفتيته ، فليس ثمة قاسم مشترك بين العراقيين الجنوبيين والشماليين والغربيين سوى ما يطلق عليه اسم الخارطة. ان العراق كان طائفياً على مر العصور وعلى طول تاريخه الدموي وما حدث ويحدث في هذا الزمن ليس سوى ان البعض (واقصد من البعض الاميركان) قد اثاروا ما كان دفيناً أي ان الصراع انتقل من الافكار والجدالات الى واقع التفجير والاغتيالات كما ان العراقيين ليسوا سذجاً الى هذا الحد بحيث تأتي اميركا وتضع فيما بينهم خلافاً عقائدياً وفكرياً وجغرافياً وقومياً. ثم تقول لهم هيا تقاتلوا...بل ان الشعب كان على الدوام مستعداً لكل ما يحدث اليوم من قطع ما يمكن قطعه من أجساد بعضهم البعض وأما ماقيل عن ان العراقيين متصاهرين فيما بينهم فهذا وأن كان نادراً فهو لايمت للوحدة بشيء بقدر مايدل على رغبة هذا بتلك او تلك بهذا كما يحدث من تصاهر بين العرب والغرب (فالعنف على اشكاله يقع ) والعراق في هذا الزمن هو شكل متكامل للعنف، كل ما فيه بات يدعوا الى العنف ليلحق بما علمنا اياه مشايخنا (رزقهم الله) من ان ذاك ناصبي وهذا رافضي والاثنان مالهما ودمهما وعرضهما حلال. ان التربية والبيئة وخطابات الساسة المتشنجيين وبقايا قذارة صدام كلها تدفع الى بلوغ قمة العنف داخل العراق فالجميع يسعى لزيادة عدد الابرياء المذبوحين . والعجيب ان الابرياء يسعون وسط ذلك الى نصرة الذابحين..!؟ في خضّم كل هذا هناك اميركا (الذي طغى) ... التي لاتفهم لغة سوى العنف والقتل وعقد المؤأمرات يوماً على السنة وآخر على الشيعة. اميركا التي اقتبست سياستها من نضريات مفكري العنف (كتوماس هوبز ) الذي يقول ان الانسان نزاع نحو العنف والجشع والاعتداء ولهذا يجب التعامل معه بالقوة والشدة . ان مثل هكذا دولة وهكذا سياسة. لايمكنها الخروج من ثقافة القتل والسلاح والتشريد للشعوب المستضعفة. وان تبني هكذا فلسفة في السياسة الامريكية هي من تفسر التصريحات الاخيرة لكوندليزا رايس التي دعت الى ترك العراقيين يقتتلون فيما بينهم الى ان تضطر البقية منهم الى التصالح. وكخاتمه وان كانت لاتنفع ان تكون كذلك علينا ان نترك الاحداث تتجه بالاتجاه الذي تريد . فأن كانت تسير باتجاه التجزئة فليكن ، وان كانت تسير باتجاه الفدرالية فمرحباً بالفدرالية، فليس ثمة شيء اغلى من دم العراقيين يا آلهة الحكم والدين .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |