|
مرض الديمقراطية العراقي وحرية قمع الآخر
وداد فاخر* / النمسا
ساد العراق بعد تفشي الفكر الفاشي العفلقي نمط خاص من الثقافة السياسية ذات النظرة الأحادية عملا بمفهوم البعث الذي بشرت به سلطة القمع الفاشي لصدام حسين(من ليس منا فهو ضدنا)، والتي انتقلت حتى لمن هم في غير صفوف البعث الفاشي فيزياويا وعلى طريقة انتقال الحرارة وبطريقة (الإشعاع). فالكل يريد الآخرين على مقاسه في المفهوم الجديد لـ (الديمقراطية العراقية) الجديدة، وتحولت مفاهيم مثل حرية الرأي والحرية الشخصية، وحرية التعبير لمصطلحات متحجرة جامدة، وخلد فقط شعار البعث السالف الذكر وفق مفهوم (الديمقراطية العراقية) الجديدة. ومن لم تمكنه قدرته على استعمال قوة السلاح بسبب كونه يعيش خارج العراق يستخدم بضراوة قوة الكلمات والعبارات القمعية للحجر على حرية الآخرين، والتهجم عليهم وشتمهم إن أمكن ذلك. هذا الفساد الفكري المخيف يدعونا للتحرك لواد مثل هذه التوجهات الفاشية التي تأثرت بحقبة خطرة من تاريخ العراق الأسود الذي تفشت فيه المفاهيم الفاشية وطرق القمع المختلفة، والتي وصلت بحزب البعث الفاشي للتصفية الجسدية لخصومه وحتى لأبناء الشعب البسطاء لمجرد الشك بأنهم يقفون ضمن من لا يؤمن بأفكاره السوداوية الفاشية. وتظهر طرق القمع والتصدي لحرية الآخر بالنسبة للعراقيين وخاصة من مدع الثقافة السياسية، و(النضال المفبرك) عند عراقيي الخارج ممن لم تسنح لهم الفرصة بسبب من وجودهم في دول الديمقراطيات الغربية باستعمال العنف واللجوء للسلاح في نقاشهم السياسي وخصوصا في غرف البالتاك، ومواقع النشر على الانترنيت، حيث يتبارى البعض في ممارسة سلطة قهر الآخرين ممن لا يتماشون مع مفاهيمه الخاصة، ولا يؤمنون بها البتة. وهناك غرف قمعية خالصة معروف توجهها العام، وخطها البعثو –سلفي تتخذ من الاحتلال عكازة تتعكز بها لنشر مفاهيمها البعثو - سلفية السوداء، ودعاياتها المدفوعة الثمن سلفا، يعرفها القاصي والداني، ويعرف من يرتادها أيضا، وهي جزء من الدعاية البعثية المضادة لعملية التوجه الديمقراطي ولعودة عقارب الساعة للوراء. لذا أصبحت ظاهرة ثقافية مثل غرف البالتاك والنشر في المواقع علامة مخيفة ووسيلة لنشر الرعب الثقافي وأحيانا للدعاية المضادة ضد التوجهات والمفاهيم الديمقراطية فيما إذا استعملت بالطرق الخاطئة كما يحصل في غرف ومواقع معينة خاصة ممن تحدثنا عنها، والتي تبث سموم ومفاهيم معادية للتوجه الديمقراطي، وتنشر بطريقة سهلة مفاهيمها السوداوية على طريقة (دس السم بالعسل). وأحاول هنا أن أعطي مثالا بسيطا حدث لي شخصيا عند ارتيادي لأحدى غرف البالتاك والتي اعتز بها كثيرا وتنشر عبق روح الوطنية العراقية، وبدعوة من صديق ورفيق اعتز به كثيرا لدماثة خلقة وأدبه الجم، وسعة صدره وتاريخه النضالي المشرف ضد الفاشية. وقد فوجئت حال دخولي الغرفة بأحد أولئك المتخفين خلف أسماء مستعارة، ومن الذين شوهتهم الأفكار الفاشية إن كان بإرادة منه وعن طريق الإشعاع الفكري الفاشي، يتحامل علي مسفها أفكاري التي نشرتها في مقال يعري مواقف المسئولين العرب من الحرب الإسرائيلية العدوانية الأخيرة ضد الشعب اللبناني، وما جرته تلك الحرب من ويلات على اللبنانيين العزل. والأغرب من هذا وذاك أن من يدير الندوة التي تستضيف فيها الغرفة احد الصحفيين العراقيين لم يحرك ساكنا ويطلب من المتهجم أن يقف عند حده ويضطر لطرده من الغرفة كما يحدث دائما وفق نظم داخلية مرتبطة بحرية الرأي داخل هذه الغرف، وانبرت للمتهجم فقط سيدة محترمة للرد عليه وتسفيه آراءه. وقد تماشى(الأستاذ) المحاضر مع الشخص المتهجم، وتجاهل عن عمد التعليق والإجابة على ما طرحته من رأي كمشارك في النقاش في الندوة لا بل تجاهل عن عمد رد تحيتي له وبحضور إخوة من الكتاب والمثقفين الذين أثق بنزاهتهم وحكمتهم، ووقوفهم مع كلمة الحق رغم إن احدهم وهو من خاطبه المتهجم قهقه عن طريق الكتابة، ولا ادري سبب ذلك هل هو تشفيا أم استهزاءا منه ؟؟!. علما إنني اعرف موقف ذلك (الأستاذ) وهي من باب (شنشنة اعرفها من اخزم) – اقصد (الأستاذ) المحاضر -، فلا داع للإطالة عنه وعن موقفه المريب ذاك. وأعود فأقول إن لا سلطة لأحد علي َ شخصيا على ما اطرحه من آراء وأفكار أنا مؤمن بها شخصيا، خاصة إذا كانت تصب في جانب الخط العام لجمهور العراقيين، علما إن لا فضل لأحد كائنا من كان عليَ إن كان سابقا ولاحقا، إن كان في تدبير أمور حياتي ومعاشي. فقد تركنا نتدبر أمورنا في أكثر الأمور صعوبة وخطورة للغاية يوم كنا داخل الوطن عند حدوث أي نكبة سياسية وخارجه عندما تركنا الوطن قبل 28 عاما هربا من قمع النظام الفاشي العفلقي، فالمقولة الدائمة لمن جندنا كل طاقاتنا من اجلهم والدفاع عنهم وبالأخرى عن الفكر الذي نعتنقه تقول دائما (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون). فقد حصل ذلك في الوطن العزيز وتدبرنا امرنا منفردين، وحصل ذلك في الكويت عند الغزو الصدامي لها عام 1990، وبعد تحرير الكويت عندما تركنا أيضا كل يتدبر أمره حسب شطارته، وتركت وحيدا تحت رحمة المخابرات الإيرانية بعد وشاية (الإخوة) من التيار الإسلامي العراقي في إيران، وتقاريرهم (الوطنية) ضدي كي أتدبر أمري بنفسي، وها أنا أدبر أمور حياتي بدون أن يمن علي أي احد ولو بقرش واحد كما يقال. وكما قال الصديق العزيز الشاعر بدل رفو المزوري (احنه كتاب بلوشي). وللعودة لمفهوم القمع الجديد على طريقة مدع الثقافة من العراقيين التي تصدر كردة فعل عن بعضهم نتيجة للأحداث السياسية والصراع الطائفي في الداخل وفق مفهوم (الديمقراطية العراقية) الجديدة أرى أن ينبري خيرة المثقفين العراقيين الحقيقيين بالتصدي لمثل هذه المفاهيم ووضع حد لها بغية محاصرتها وعدم السماح بانتشارها وتأججها لان في انغماس المثقفين في الصراع الفكري الطائفي الجاري داخل الوطن معناه جر العراق لويلات لا تحمد عقباها وبالتالي يصبح لدينا مفهوم جديد هو (رضاء العراقيين غاية لا تدرك) بدل المثل السابق الذي يقول (رضاء الناس غاية لا تدرك)
آخر المطاف : قيل قديما (لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه).
* شروكي من بقايا القرامطة وحفدة ثورة الزنج.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |