رجال الله صنعوا التاريخ

سليمان الفهد / كاتب وسياسي عراقي

Sulaiman_alfahd@hotmail.com

إن مصطلح " حزب الله " الطاهر حملته أكثر النصوص أصالة وقدسية كالقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة إضافة للأدعية المأثورة. لكن هذا المصطلح أهمل في شؤون الحياة العملية ولعقود كثيرة من حياتنا الإسلامية كأطروحة أصيلة ذا آثار ايجابية.

 هذا المصطلح، يعني الكثير وفق ما جاء في الكتاب العزيز (ومن يتول الله ورسوله والذين أمنوا، فان حزب الله هم الغالبون)، (ألا أن حزب الله هم المفلحون) وقد ورد هذا المصطلح في أماكن اخرى متعددة من القران الكريم. إذن من هم هؤلاء الناس الذين يترتب عليهم هذا الإطار. وما هي مسؤوليات هؤلاء الجماعة المتحزبة. تحت " حزب الله ": إنهم الجماعة المؤمنة المتعاقدة على نصرة الله ورسوله وأوليائه، فكرا وعملا، هذا باختصار شديد جدا.

 إذن ناتج الوحدة بينهم هي الهدف والعواطف والسلوك بين المؤمنين، مؤكديها حقيقة وواقعا فعليا دون جدال، فهم يبلغون مرحلة الصفاء والتماسك والتضحية من اجل العقيدة، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعمل لإعلاء كلمة الله تعالى تعتبر عاملا أساسيا في اتجاه مسيرة حياتهم. فأبناء هذا الحزب يتحملون مسؤولية جسيمة يجب تجسيدها على ارض الواقع لتنفيذ هذه المهمة الرسالية الشاقة لكي يبني حزب الله قواعده.

 إذن لابد من أن نضع تصورا لتشكيلاتهم وممارسات عملهم ومنهجهم لإقرار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حياة الأمة، انسجاما مع درجة وعي المهمة الملقاة على عاتقهم وإدراك حجم التحدي لوجودهم الإسلامي. فما دام هؤلاء المؤمنين يتحركون ضمن حزب الله تعالى لم تتحدد بشروط بعينها للوصول إلى درجة كمال الرسالة وتطبيقها على ارض الواقع فمن الطبيعي يكون التحرك في إطار الحزب إقرار لدين الله والتصدي للانحراف عنه، بدءا من الإعمال الفردية للتكليف الشرعي مرورا بكل نشاطات الحياة المنظمة وشبه المنظمة وانتهاء بالعمل الجماعي في كل جوانب الحياة فهم (بعضهم أولياء بعض...)، (إنما المؤمنون أخوة...)، (يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر...). نعم إنهم يملون فراغا في حياة الأمة هي بأمس الحاجة إليه في السلم والحرب. جماعة لا تضيق طريقة عملهم الإسلامي في ساحة العمل حيث يملاؤن فراغ مسيرة الأمة ونهوضها.

 هكذا باختصار نرى هذه الثلة المؤمنة التي أوصانا بها رب العزة في كتابه الكريم وهذه هي أسباب نشأة من هم في ثغور جبل عامل اليوم، رجال كونيين، عملة نادرة في التاريخ الحديث، حفنة من رجال تجاوزت كل ما حولها من حواجز وعقبات لتسير في قضية حقه بأسمى صورها، سيرة أناس ساروا نحو الكمال وصيرورة الكون نحو الوجود الأسمى، ثلة من الرجال لم تك يوما تعمل لنفسها بأنانية أبدا أو لعائلتها، أو لمجتمعها، أو لأمنها، أو حتى للإنسانية جمعاء. إنها كانت لكل هؤلاء مجتمعين، كانت فوق كل هذه الدوائر الضيقة بفعل تعلقها الأصيل بالمبدأ الأسمى ومصدره. بالله عز وجل. هؤلاء الرجال نوع لا يمكن وصفهم بالرساليين فقط. لا أبدا، يجب وصفهم بالإلهيين، لامتدادهم المستقيم نحو الذات الإلهية. تفاعلهم نحوها، هم الرحم الذي يخرج منه هؤلاء الربانيين. متى تزاوج العشق الإلهي مع عشق الكمال الإنساني البارز عندهم. نراهم ينسابون في أعمالهم ومواقفهم وأفعالهم وممارساتهم فيضربون برقة تارة وأخرى بصلابة على الصدور المفعمة بالحب وتعطش الأفئدة لعشق الشهادة في سبيل اللحاق بمصدر الصوت الأعلى. لتزلزل وترهب وتسحق أعداء الله والإنسانية.

 هذا النوع الخاص جدا من الرجال رجال الله، يصنع التاريخ، لأنه يسمو على كل تاريخ، ولا أبالغ إن قلت إنهم بدأ بهم التاريخ الحديث لأمتنا المغلوب على أمرها منذ عقود، ومن عندهم انطلق وبهم يختتم، ومصداق هؤلاء الرجال الربانيون الرابضون على خطوط النار في جبل عامل. انتصروا على أعتا قوى بالمنطقة وأشرس عدو عرفه التاريخ بوعدهم الصادق. وعدوا فأوفوا استنادا لما يؤمنوا به من تحزب الهي نحو الكمال ليسدد الباري عز وجل لهم هذا الوعد، النصر المؤزر على الأعداء وبلا حدود رغم قلة العدد والناصر.

 صنعوا لنا تاريخا ومجدا بعد أن كنا في هوانا وذلا....... إنهم حزب الله وهم الغالبون حتى يقضي الله وعدا كان مفعولا بموعود منتظر.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com