|
بمناسبة محاكمة صدام وزمرته الجبانة .. من لم يتجّرع سم العلقم لا يعرف مذاقه أحمد رجب يعلم أكثر المتابعين للشأن العراقي والكوردستاني بأنّ النظام الدكتاتوري الذي حكم العراق قرابة 40 عاماً قد شنّ عمليات حربية همجية ضد القرى والقصبات والمدن الكوردستانية وفق خطة عسكرية منهجية مدروسة بحكمة من لدن المجرمين الطغاة لإفراغ الريف الكوردستاني من جميع سكانه، مدنيين، وهم السكّان الآمنين، ومقاتلين، وهم قوات البيشمركة على حد سواء، في محاولة للقضاء على جذور ومقوّمات المجتمع الكوردستاني، وأطلق عليها اسم (عمليات الأنفال) حيث تم قتل وتشريد عشرات الآلاف من المواطنين الكوردستانيين، وتدمير آلاف القرى والقصبات بالكامل عن طريق القصف الجوي والمدفعي والنسف بالمتفجرات، وردم مصادر ينابيع المياه وغلقها بواسطة الكونكريت المسلح، وقتل الماشية والحيوانات وحرق المزروعات والبساتين في كوردستان، وانّ هذه العمليات هي جريمة بشعة بحق الإنسانية، كونها جريمة إبادة للجنس البشري، جريمة الجينوسايد. إن جريمة النظام الدكتاتوري البشعة هذه، وقيامه بشن عمليات الأنفال السيئة الصيت والأكثرقذارة هي مثال َ صارخ على سياسة الإرهاب التي مارستها قوى الشر الصدامية، ودليلاَ ساطعاَ على ان الإرهاب والقتل والإبادة الجماعية كان السياسة الرسمية للمجرمين القتلة الفاشست، فمن لم يعش أيام الأنفالات الظالمة، ومن لم يتجّرع سمومها لن يستطيع أبداً عكس الواقع المرير لشعب آمن، ومناضل في سبيل حقوقه في العيش الكريم. شنّت القوات الحكومية المدججة بأسلحة حديثة شرقية وغربية من مشاة ودروع، ومدعومة من الطائرات الحربية المقاتلة والسمتيات والمدافع والدبابات، والأسلحة الفتاكة بما فيها الأسلحة الكيمياوية وغازات الخردل والسيانيد والتابون وغيرها وهاجمت بوحشية مقرات الأحزاب والقوى التي تدافع عن جماهير وأرض كوردستان، وبعد قتال شرس وغير متكافيء بين القوات المهاجمة وقوات البيشمركة الأنصار البواسل ودعم الجماهير الكوردستانية لأبنائها يسقط عدد من الشهداء، وتستمر المعركة لأيام وبعدها تتمكن القوات الغازية من السيطرة على المواقع حسب خطتها، وتسقط ( دولى جافايه تى ) في المرحلة الأولى من عمليات الأنفال الهمجية، وعندها يتصل وزير دفاع النظام الشوفيني المجرم سلطان هاشم احمد برأس النظام الدكتاتوري مبشراً إياه بأن قواتهم قد حققت "النصر"!!. وسلطان هاشم أحمد هذا، عروبي شوفيني حاقد ومجرم جبان قاد عمليات الأنفال القذرة، ولذي كان " بطلاً " أيام نظام صدام، ولكن بعد سقوط النظام رأيناه مرعوباً يبحث ويفاوض ليسلم نفسه للقوات الأمريكية التي هيأ صدام حسين قواده بقيادته لمبارزتها، وهذا ماحدث بالضبط، إذ سلم أكبر عنصر في قواده، وهو وزير دفاعه المجرم سلطان هاشم أحمد في 19 كانون الأول عام 2003 نفسه لتلك القوات. بعد وقوع منطقة ( دولى جافايتى ) تحت سيطرة القوات الغازية المجرمة أرسلت حكومة المجرم صدام قوات مماثلة كقواتهم في عمليات الأنفال الأولى لتهاجم منطقة ( قه ره داغ ) بعد نشرالذعر والرعب في نفوس المواطنين من جرّاء إستخدام السلاح الكيمياوي المحرم دولياً وأخلاقياً في مدينة (هلبجه)، وقد تصدى لها البيشمركة وأبناء كوردستان هذه المرة أيضاً، وفي اليوم الأول سقط عدد من الشهداء، وفي اليوم الثاني وّسع العدو مساحة الجبهة، فبعد فتح الجهة الشمالية للمنطقة، فتح العدو الجبهة الشرقية، ومن ثمّ الغربية والجنوبية بغية محاصرة المقاتلين البيشمركة وأهالي القرى في المنطقة، وضرب قرية سيوسينان بالأسلحة الكيمياوية ليسقط 78 شهيداً من سكّانها، وكان هدف الطغمة الدكتاتورية المجرمة زيادة الرعب والخوف في نفوس المواطنين. بعد ضرب قرية سيوسينان بالسلاح الكيمياوي المحرم دولياً، ووقوع الضحايا، بدأ الأهالي في حفر القبور ودفنهم، وتوّجه المصابون إلى مستوصف الحزب الشيوعي العراقي في قرية أستيل العليا للعلاج، وهم لا يرون شيئاً حيث أصيبوا بالعمى، وكانت الحالة مأساوية، وانّ بكاء الأمهات يعلو ويتحد مع بكاء الأطفال وأصوات الشيوخ الخانقة، ليصنع تراجيديا كوردستانية أخرى. كان العدو مستمراً بضرب القرى والمواطنين في كل مكان وبكافة الأسلحة، وكانت القرى تتهدم وتحترق بيوت الفلاحين الفقراء وحاجياتهم، ويزداد عدد الشهداء والمصابين، ونحن وأهالي المنطقة لا نملك شيئاً سوى الدفاع في كل الجبهات، وتسقط المناطق الواحدة تلو الأخرى، وتحاول السلطات الدموية تضيق الخناق على الأنصار البيشمركة والأهالي، وبعد معارك ضارية دامت أكثر من اسبوع سقطت هذه المنطقة الإستراتيجية المهمة، الظهير القوي للنضال البطولي لأبناء كوردستان. وبعد سيطرة قوات النظام الدموي على منطقة قره داغ بدأت الرحلة إلى منطقة (كرميان) الباسلة، وفي أوائل نيسان تقدمت قوات المجرمين القتلة من جهات عديدة لحرق هذه المنطقة الشجاعة التي لعبت دوراً مشرفاً في الدفاع عن وجود الكورد وإخوانهم من القوميات الأخرى، واحدة منها آوايى تازه شار وقرية شيخ حميد، وتتشابك القوات المهاجمة مع قوات البيشمركة في قتال ضاري وشرس، وتتصاعد أعمدة الدخان في كل مكان، ويتقدم العدو ويحرق كل قرية يصلها، ويزداد عدد الجبهات التي تتدفق منها قوات العدو، ويزداد عدد الشهداء والضحايا، ويتصدى البيشمركة ببطولة نادرة للقوات الغازية، وبعد معارك دامت لعدة أيام سقطت هذه المنطقة بيد العدو الفاشي، ولكن العدو الجبان لم يكتف بسقوط دولى جافايتى وقه رداغ وكرميان، إذ استمر في هجومه على مناطق جه مى ريزان، ودشت كويه، وسماقولى، وباليسان، ودشت هه وليرو خوشناوتى ودشت هه رير وصولاً إلى مناطق الموصل ودهوك ومناطق بادينان. كانت تلك الحملات الهمجية التي شنها نظام صدام حسين الدموي ضد السكان المدنيين في كوردستان، جزءا من مخطط الإبادة الجماعية (الجينوسايد)، وأراد صدام من خلاله القضاء على الوجود الكوردي حيث ساق في فترة لا تتجاوز سبعة أشهر أكثر من 182 ألفا من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال الى صحارى الجنوب، ولم يكن أحد يعرف المصائر التي واجهت هؤلاء الناس وما فعل بهم صدام. ولكن بعد سقوط نظام صدام حسين في نيسان عام 2003 تمّ كشف العديد من المقابر الجماعية في شتى بقاع العراق وخصوصا في المناطق الصحراوية الغربية والجنوبية وحتى في كوردستان. علينا أن نعمل جميعاً نحن الكورد ومعنا الأخوة من الشعوب والقوميات الأخرى في درء أخطار قادمة ضد جماهير شعبنا في كل مكان، وأهم سلاح لنا التضامن، والوحدة، وأحترام الرأي الآخر، والعمل على تعويض المتضررين والإستجابة لمطاليبهم، والإبتعاد عن ترديد شعارات من شأنها توسيع الهوة والفجوة بيننا وبين الآخرين، والإعتماد على أنفسنا والإستفادة من الأصدقاء والعمل بنكران الذات. أن الكورد في كل مكان، في عموم كوردستان وفي دول المهجر يطالبون من الحكومة العراقية، وفي يوم محاكمة رأس النظام البعثي الساقط المجرم صدام حسين وزمرته الجبانة أن تقر وتعترف بما يطلبها شعب وأبناء كوردستان من إستحقاقات وهي : اصدار قرار رسمي خاص تعترف الحكومة العراقية بموجبه بجرائم الأنفال من حيث كونها اعمال الأبادة الجماعية (الجينوسايد) ضد الشعب الكوردي. حيث تدل كل الشواهد والوثائق والرسمية بان تلك الجرائم كانت قد خططت لها ونفذت بصورة منهجية على مراحل خلال الفترة من 21 شباط وحتى 6 ايلول من عام 1988 وكان الهدف الرئيسي منها هو الابادة الجماعية والتطهير العرقي للكورد. * قيام الحكومة العراقية بالأعتذار رسميا من الشعب الكوردي عما سببه النظام الدكتاتوري الذي كان يمثل النظام السياسي للدولة العراقية، ولكون الحكومة العراقية الحالية تلتزم قانونيا بالاستحقاقات المترتبة على العراق مثلما تلتزم بكل الاتفاقيات والعقود والمواثيق الدولية التي ابرمها النظام البائد. * تقديم الحكومة العراقية تعويضات عادلة الى أسر ضحايا الأنفال وكافة المتضررين من هجمات الجيش العراقي على مدنهم وقراهم بكافة انواع الاسلحة بما فيها الاسلحته الكيمياوية. وكذلك تقديم الرعاية الاجتماعية والصحية والنفسية اللازمة للمصابين بالعاهات والاضطرابات النفسية ما بعد الصدمة. * تقديم كافة المساهمين في تنفيذ تلك المذابح من المسؤولين العسكريين والمدنيين وعناصر البعثيين ورؤساء العشائر ومستشاري الافواج الخفيفة من عملاء النظام البائد الى المحاكمة وليس اقتصارها على صدام حسين وكبار معاونيه.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |