|
ذكريات عن البرزانيين المبعدين الى مدينة الديوانية رياض العطار / كاتب صحفي عراقي، عضو اتحاد الكتاب السويديين الغربة القاسية والتقدم في السن والمرض والتفكير بطبع نتاجي الفكري الغزير والنضال لمدة نصف قرن من الزمن في مجال السياسة والدفاع عن حقوق الانسان، جعلتني لا اتذكربعض التفاصبل الدقيقة لما سأتطرق الية من ذكريات عن الاخوة الاكراد الذين ابعدوا قسرا في السبعينات الى مدينة (الديوانية) المعروفة بطيبة اهلها وبساطتهم واستقبالهم للضيوف ... في عام 1975 وبعد انهيارالحركة الكردية اقدم النظام البائد على ابعاد الاف العوائل الكردية الى المحافظات الجنوبية ومنها مدينة الديوانية حيث تم اسكانهم على طريق مدينة الديوانية وقضاء (عفك) في صرائف لا تتوفر فيها ابسط مستلزمات الحياة . كانت معظم المجموعات التي ابعدت الى مدينتنا هم من الاخوة البرزانيون اضافة الى بعض الكوادر السياسية من الحزب (البارتي، هكذا كان اسم الحزب الديمقراطي الكردستاني) الذين ابعدوا قبلهم الى الديوانية وكان منهم الناشط السياسي المعلم عبد اللطيف نادر الذي تعرفت عليه واصبح صديقا لي . استقر الاخوة الاكراد في الصرائف وهم يعانون كل انواع المضايقات من الاجهزة الامنية حيث يتم استدعائهم الى مركز الشرطة ثلاثة مرات في اليوم لاثبات الوجود وتشجيع البعض على الزواج من الكرديات ودفع الف دينار لكل من يتزوج بكردية...! . في يوم من الايام جاء الى محلاتي ثلاثة من الاخوة الاكراد بملابسهم الكردية ومعهم طفل يرتدي مثلهم، بعد السلام قدم احدهم نفسه قائلا: الشيخ خالد البرزاني (حسب ما اتذكر) لقد ارسلني المعلم عبد اللطيف نادر ... رحبت بهم واجلستهم وبعد شرب الشاي، قال الشيخ خالد انه يريدني ان اساعده في شؤون اخذ المقاولات لان الظروف تستوجب ذلك ويرجوا التوصية به في البنك والادارة المحلية وشراء العطاءات وغيرها، قلت له، سوف اساعدك بكل شيئ وسوف اوصي بك من له معرفة بهذه الامور. بعد اسابيع احيلت عليه اول مناقصة وسارت الامور بشكل جيد رغم حصول بعض العثرات التي كنت اتجاوزها من خلال نفوذي في المدينة . واعود الى المعلم عبد اللطيف نادر الذي جاءني في يوم من الايام يخبرني انه لا يستطيع ان يستمر هكذا وانه قرر الالتحاق بالثورة الكردية وطلب مساعدة مالية تمكنه من الوصول الى اهله في راوندوز ومساعدة اخرى وهي اخراجه من نقطة التفتيش الكائنة على طريق بغداد، فكلفت احدهم بذلك ووصل سالما الى اهله حيث وصلتني حوالة بريدية منه يسدد بها ما اقترضه مني، وعلمت بعد ذلك انه اصبح سكرتير اتحاد معلمي كردستان وانه مرض وكبر بالسن وو... وانقطعت اخباره عني بسبب ان السلطة نالت مني بشكل مباغت لم احسبه على الاطلاق، حيث صودرت جميع اموالي وممتلكاتي .. . بتهمة لا علاقة لي بها وبتدخل من احدى الشخصيات العربية الكبيرة التي سهلت دخولي الى الاردن مع جميع افراد عائلتي وأستثنائي من جميع الاجراءات... و اعود الى الشيخ خالد البرزاني في الديوانية حيث جاءني يوما يودعني قائلا انهم سوف يعودون الى كردستان وانه لا يعرف مصيره وهو يشكرني على مساعدتي له في الظروف القاسية والخطيرة ..، وبعدها ايضا انقطعت اخباره للسبب اعلاه... و اخيرا، اذكر هذه الذكريات بمناسبة استشهاد ثمانية الاف برزاني عام 1983 واتساءل في هذا السياق: هل الشيخ خالد البرزاني وعائلته المحترمة من بين الذين دفنوا احياء في المقابر الجماعية في الصحراء ام لا ؟، اتمنى ان يكون الجواب لا، وان الطفل الذي جاء الى محلاتي مع ابيه اصبح شابا ومن المؤكد انة الان مقاتل شجاع لما رأه في طفولته وعائلته من تعسف وظلم على ايدي صدام حسين الذي يحاكم الان على جرائم الانفال وبعدها عن جرائم حلبجة والاهوار وقمع انتفاضة اذار المجيدة عام 1991 وو ... (لقد بدأت بتأليف كتاب خاص حول هذه الجرائم بعنوان: (جريمة الانفال وحلبجة ... من الجرائم الموجهة ضد الانسانية) وسوف اطبعه في اربيل, بعد ان تتبنى احدى المؤسسات الثقافية في كردستان طبعه وتوزيعه ...
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |