ثقافة حرق المكاتب

احمد جوي

ahmadsabah77@yahoo.com

بين فترةٍ وأخرى يصل إلى مسامعنا خبر هجوم على مقار احد الأحزاب السياسية العراقية. فقبل سنة تقريبا احترق مكتب الشهيد الصدر في النجف الاشرف وكانت أصابع الاتهام توجه الى المجلس الأعلى وقوات بدر بدليل ان أنصار الصدر أغاروا على كل مكاتب المجلس وحرقوها والحقوا الضرر بها ، وكذلك تعرضت مكاتب الحزب الشيوعي قبل فترة إلى حرق وأيضا مكاتب حزب الوفاق الوطني تعرضت الى هجوم، وكذلك تعرض مكتب السفارة الإيرانية في محافظة البصرة الى هجوم من قبل انصار السيد الحسني على خلفية اساءة اعتبروها بحق مرجعهم من قبل احد دعاة الدين الايرانيين .

وقبل ايام شبت النيران في احد مقار الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه رئيس  الجمهورية السيد جلال الطالباني وتعرضت مكاتب الحزب في عدد من المحافظات الى هجوم مسلح من قبل أنصار حزب الفضيلة الذي يتزعمه روحياً سماحة الشيخ محمد اليعقوبي على خلفية مقالة نشرتها جريدة "الاتحاد" كانت قد إساءة لمرشده الروحي محمد اليعقوبي و لا ندري دور من من الأحزاب سيأتي لتحرق مكاتبه ؟ ! انها صدمة كبيرة  لابناء الشعب العراقي الذي ينتظر من قادته ان يطفؤ نيران العنف المشتعل منذ سنين في العراق.فأن تكون لغة السلاح والعنف هي اللغة السائدة بين الأحزاب العراقية فعلى الشعب السلام "ويارب سترك من هؤلاء القادة"

قبل فترة كانت لي مقالة وكانت تدور على المصالحة الوطنية وكيف يتسنى لها الحد من مظاهر العنف فكانت احدى اقتراحاتي كعلاج للعنف هو اعادة تأهيل التربويين العراقيين باعتبار تقع على عاتقهم مسؤولية تربية الجيل على لغة الحوار واحترام الاخر. واليوم اطلب تأهيل القادة السياسيين واعطائهم "كورسات" في مبادئ الحوار وإنصاف الآخر واحترام رأيه.

ان ثمة مخاوف اخذت تجتاح ابناء هذا الشعب سيما نخبه ومثقفيه وفنانيه ومبدعيه من أن ثمة رياحا  دكتاتورية قادمة اليه بعد ان أزاح الله عن صدره كابوس البعث واذنابه. نحن لانريد ان نستبدل ثقافة البعث الاقصائية والشمولية والعنجهية بثقافة حرق المكاتب وخنق روح النقد والاختلاف داخل الفرد العراقي وانا هنا لست مدافعاً عن احد إن مقام المرجعية مقام كبير وله في نفوس المسلمين قداسة. وليس من المرجح ان تلصق بعلمائنا الأعلام مثل هذه التهم , وعلى افتراض صدور مثل هكذا نقد لمراجع الدين لا ينبغي ان يرد على الناقد – مهما كان – بهذه الطريقة نعم من حق انصار أي قائد فضلا عن انصار المراجع ان يردو على من تعرض الى مرجعهم بسوء لكن بطريقة سلمية وبعيدة عن كل مظاهر العنف لان العنف لا يحل مشكلة اطلاقاً بل ربما يعمق الخلاف ويزيد العداوة والبغضاء .

اننا نقدر المشاعر الدينية ونحني رؤوسنا إجلالا لرجال الدين لكن ان تتجاوز هذه المشاعر حدودها وتمشي في غير الطريق المرسوم لها فذلك غير مقبول لان مثل هكذا رد فعل سيشكل عقبة في طريق الفكر ورجالاته والمشتغلين فيه لان في الفكر لا احد فوق النقد وهذا الشعار هو الذي ينبغي ان يسود المشهد الثقافي العراقي. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com