|
رسالة خاصة الى سيادة الرئيس جلال الطالباني المحترم يحيى السماوي استميحكم العذر لا ستغلالي تواضعكم الجميل وصراحتكم الأجمل، لأخاطبكم برسالة شخصية، أنا الذي لم أكن أمتلك حق ارسال رسالة كهذه الى مفوض شرطة في ظل النظام الصدامي المقبور وليس الى رئيس الدولة . جميل منكم سيادة الرئيس ايفادكم مندوبا عنكم للاطمئنان على صحة شيخ أدباء الضاد الروائي العالمي نجيب محفوظ .. غير أن التفاتتكم الكريمة هذه ستفقد معانيها الوطنية والقومية والانسانية وسينظر اليها على أنها مجرد لافتة سياسية، ما لم تشفع بالتفاتات مماثلة تجاه مبدعينا ورموزنا الثقافية والفنية، وبخاصة من أسهموا في تشكيل وجداننا الوطني . لا أزعم أنكم لم تمدوا أياديكم لمساعدة محتاج أو مأزوم فقد مددتموها أكثر من مرة ونأمل المزيد . واذا كانت الأخبار عن تدهور صحة الشاعر الكبير المناضل مظفر النواب، لا حقيقة لها، فان رقود فنان الشعب العراقي المناضل فؤاد سالم، في قسم العناية المركزة في أحد مشافي دمشق، لم يكن اشاعة، انما، حقيقة لا يقربها الشك، الأمر الذي يوجب عليكم سيادة الرئيس لا ايفاد مندوب شخصي حسب، انما وايفاد فريق طبي ... فالذي قدمه هذا الفنان الكبير للشعب العراقي، أكثر بما لا يقاس، من كل ما قدمه أدباء الأمة وفنانيها للشعب العراقي خلال محنته الطويلة في ظل نظام المقابر الجماعية ... وانه لمن المعيب على نظامنا الجديد ( اذا كان جديدا حقا ) عدم ايلاء رعاية خاصة لهذا الفنان النقي مثل ثلوج ( بيره مكرون )، الأصيل مثل نخيل البصرة، النظيف مثل قمصان الشغيلة، والشامخ كالمئذنة ... فالذي قدمه فؤاد سالم، لم يقدمه ( درزن ) كامل من وزراء عراقنا الجديد ... وأعطى للقضية العراقية ما لم يعطها أربعة ( درازن ) من أعضاء برلماننا ... ومع ذلك فما يزال لا يملك من الوطن الذي أرخص من أجله العمر، حفنة أمتار مربعة تسع جسده المنهك وأطفاله، في وقت استحوذ فيه أدعياء النضال واللصوص، على القصور والفلل الباذخة، بل وحتى السيارات المصفحة ... ناهيكم عن عدم تخصيص راتب تقاعدي لهذا الفنان الرمز مع أنه أجدر عشرات المرات من آلاف المتقاعدين الجدد الذين تمتعوا بالمرتبات التقاعدية نتيجة ( صك ) طائفي، أو اختتام ( دورة نضالية ) في معهد من معاهد البنتاغون!؟ واذا كان العطار غير قادر على اصلاح ما أفسده الدهر في صحة شيخ الروائيين العرب نجيب محفوظ، الذي قارب عمره القرن ( مد الله في عمره ) فان فناننا الكبير لم يصل بعد خريف العمر، وبالتالي، فان العطار سيعيد اليه العافية، حين يمد يده في الوقت المناسب ... فهل سيبقى فنان الشعب حاملا خيمته على ظهره، ينتقل بها من وطن الى آخر، بعد نحو ثلاثين عاما من النضال العنيد ضد الدكتاتورية، فكان بحق، الناطق الجماهيري بلسان الفن الوطني الملتزم، والذائد عن شرف عود بغداد وقيثارة الجنوب، ومزمار كردستان، مرتضيا بالفاقة والتشرد، عازفا عن النعيم السحت والأضواء المبتذلة، لا لشيء، الا لأنه قد عاهد الشعب أن يكون حنجرته الصادحة بأمانيه وتطلعاته، لا بوقا في جوقات الانشاد الصدامية . ما فائدة أن تقيموا النصب التذكارية والتماثيل لرموز وجداننا الفني والثقافي والنضالي، بعد رحيلهم، اذا كنتم لا توفرون لهم في حياتهم، الرغيف والدواء والخيمة؟ شكرا سيادة الرئيس، لأنكم منحتموني فرصة أن أخاطب رئيسا دون أن ترتجف مفاصلي خوفا من التدلي من حبل مشنقة، أو طلقة مخاتلة، أو حادث دهس منسق ... شكرا سيادة الرئيس ... وسأشكرك أكثر، حين يصل موفدك الشخصي الى حيث يرقد فنان الشعب العراقي فؤاد سالم، وحيث تسكن عائلته في شقة ضيقة للايجار!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |