|
ما هو الأهم القتل أم مسألة تغيير العلم محمود الوندي أحتدمت الآراء وتباينت المواقف في الأيام القليلة الماضية بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة أقليم كوردستان عن القرارالذي أصدره رئيس أقليم كوردستان مسعود بارزاني بإنزال العلم البعثي الدموي الذي أرتكب في ظله أبشع الجرائم بحق الشعب العراقي عامة والشعب الكوردي بشكل خاص فوق المؤسسات والدوائر الرسمية في أقليم كوردستان واستبداله بعلم كوردستان وبجانبه علم الجمهورية العراقية عام 1958 لحين صدورقرارمن البرلمان بتغيير العلم ، وجاء قرار تبديل العلم بسبب الجرائم الذي أرتكبها نظام البعث منذ أنقلاب شباط الأسود 1963، وموضحاً سيادته أن رفع علم ثورة 14 تموز في كوردستان جاء تأكيداً على حرص الشعب الكوردي على وحدة العراق ، والشعب الكوردي لن يقبل برفع علم العنصرية والشوفينية على أرض كوردستان الذي رفضه جزء كبير من الشعب العراقي ، لأن الذاكرة شعب كوردستان مشحونة بالكثير من المآسي التي حلت بهذا الشعب تحت ظل ذلك العلم وجرت أبشع حرب إبادة ضدهم ، كان الجيش العراقي يحمل هذا العلم عندما يقتل ويدمر قرى كوردستان ، شدد الرئيس بارزاني على أن حكومة أقليم كوردستان سترفع العلم الجديد الذي سيقره البرلمان ، وعلى مجلس النواب في البرلمان لأنجاز بسرعة مشروع العلم والى جانبه النشيد الوطني وبما يحفظ للعراق وحدته وسلامته ويعبرعن جميع المكونات العراقية . قد أحتكمت القيادة الكوردية الى حل يتسم بالمنطق والعقلانية والسند القانوني والدستوري بتبديل العلم بعلم جديد يرمزالى السلام والأخاء والعطاء في العهد الجديد بدلاً من العلم يرمز لوحدة وهمية بين الدول العربية لم تتحق حلم الوحدة المنشودة ، أن توجيهات الرئيس بارزاني يصنع حالة الفهم المشترك مع العراقيين حول مفاهيم ومعايير السيادة الوطنية الحديثة عند صياغة المبادئ السيادية الجديدة في العراق الديمقراطي الفيدرالي بما يرعى الخصوصيات القومية والدينية والثقافية للأقاليم الفيدرالية وتنمية الروح الوطنية لدى الجماهير ، لهذا تأتي تحرك حكومة أقليم كوردستان لأختيار علم وطني عراقي موحد يجمع شتات كل الأطياف لصالح الدولة العراقية الحديثة أما بخصوص تصريحات الساسة العراقيين من بقايا الفكر الشوفيني الذين ما زالوا في وهم النظام البائد وقادسيادته وبطولاته على أن موضوع عدم رفع العلم العراقي الحالي في الأقليم ، إن ما يثيرهم مخاوف من تقسيم العراق أو أنفصال كوردستان، ربطه الى الأنفصال فهي محض إدعاء كاذب ، ولا شك إن تصريحات الساسة العراقيين أمثال صالح المطلك سمسار ساجدة زوجة طاغية العراق وهيئة علماء المسلمين وبعض الأطراف السياسية الأخرى حول هذا الموضوع هو تخبط جديد مثل التخبطات الأخرى والتشبث بالماضي الدموي وأصرارهم على التمسك بالعلم البعثي فأن هولاء ظهروا حقيقتهم العنصرية الصارخة ، خلقوا ضجة بسبب أصدار رئاسة أقليم كوردستان قراراً بأنزال علم البعثي ورفع العلم 14 تموز المجيدة أي العلم الذي أعتمده حكومة الزعيم الخالد الشهيد عبد الكريم قاسم ، كأنهم لا يعلمون بأن العلم الصدامي غير مرفوع أساساً في كوردستان منذ الأنتفاضة المجيدة ، محاولتهم للأحتواء وخدع الشارع العراقي بحجة علم البعث رمز جامع للوحدة العربية ، رغم بينت لنا عكس ذلك ، بل العكس تماماً أن نظام االبعث تحت هذا العلم وشعار الوحدة غز دولة العربية . أثار موضوع إنزال علم البعث أستياء شديد لدي البعثيين القدامى وأعوانهم داخل البرلمان العراقي ويحاولون بشتى طرق للتصدي لهذا القرار، كما تسارعت أقلامهم المأجورة تقذف بقاذوراتها في كل الإتجاهات والتهجم على الكورد وقيادته ونعتهم بمختلف الأوصاف التي لم تعد غربية على أذاننا كالأنفصاليين الخونة والعملاء الصهاينة ، أما الفضائيات العربية فحدث ولا حرج حيث سارعت بدورها بنشر الخبر وخصصت له برامج للنقاش والحوار مستضيفة عدداً من المحللين والمنظرين القومجية الموالية لهم ، وكالعادة أيضاً لم يقصر هولاء الحثالات في الأشادة بعلم سيدهم المهزوم بأعتباره يمثل عروبة العراق وعزته ، وصاروا يرددون نفس الكليشة المملة والأسطوانة المشروخة . السؤال الأهم لهولاء المساكين -- لماذا لاتبذل هذه الهيئة والمطلك لمنع قتل العراقيين من الشيعة والكوردعلى الهوية في كافة المدن الغربية على الأيدي الأرهابيين ، ما هو الأهم القتل والذبح على الهوية أم مسألة تغيير العلم العراقي ؟ والأولى بهولاء أن يدينوا عملية الإرهاب ضد شعبنا العراقي وتحصين الجبهة الداخلية وليس تدق المسمارفي جسد المصالحة الوطنية ، فإذا كانوا صادقين فليوجهوا تهديداتهم الى الأرهابين الذين يشكلون التهديد الحقيقي على أمن العراق وليس تهديد ضد تغيير العلم ، لكن من الضروري أن يدرك المطلك وهيئة علماء المسلمين ومن لفة لفهم أن الكورد يريد علماً عراقياً وطنياً يعتز به هو برهان للمدركين على رغبة الكورد في الأندماج بالدولة العراقية الجديدة ، أما لو كان الكورد يخطط للأنفصال -- كما يريد المطلك وأعوانه إيهام الناس -- ، فلم يدعي الى تغيير العلم ، أن لغة التهديد والشتائم الذين تعودوا تلقيها لسلوكهم المنحرف لغة صدام الذي يقبع الآن في السجن ليست لغة حضارية ، لا تخشى منهم الشعب الكوردي الذي قاوم الطغاة وقدم من ضحايا ثمناً لحريته ومرغ أنوف أسيادهم بالتراب . إن القرار رئيس إقليم كوردستان حول العلم العراقي ليس مفاجئاً كما سمته بعض القوي البعثية داخل البرلمان هو قرار جريء وصائب وليس في هذا إساءة للعلم الوطني الموحد ولا إخلال بقواعد وأسس العمل الخاصة بالرموز السيادية ، هذا اسلوب المتبع في كل أنحاء العالم هو عندما يزول نظام دكتاتوري سيزول معه كل ما هو متعلق به أو يرمز اليه وهذا ما حصل في العديد من دول العالم ، أما النقاش والتداول حول هذا الموضوع بدأ منذ سقوط النطام البعثي ، ومن حق لأقليم فيدرالي يتمتع بكامل حقوقه أن يرفع علم خاص به وله الحق بذلك ، وهذا معمول في الدول الأسكندنافية والمانيا وغيرها من الدول التي تقوم على أساس فيدرالي تحمل علمها الخاص وفقاً لخصوصية المنطقة التي تتمتع بها وحسناً فعلت رئاسة أقليم كوردستان بأنزال العلم البعثي ، ونبارك خطوا تها حينما قررت برفع علم ثورة تموز 1958 بدلاً من رفع العلم الصدامي هو بمثابة أعادة الروح الى القوى الوطنية والشهداء المقابر الجماعية والى الشهداء الأنفال والاهوار والأسلحة الكيمياوية ، أن هذا القرار الشجاع هو أعلان رسمي لنهاية الحقبة الشوفينية السوداء ووثيقة وفاة للفكر الظلامي وتحدي صارخ بوجه بقايا ذلك النظام المهزوم ومن يعول على عودته وبزوغ الشمس على العراق وربوع كوردستان الحبيبة ، ونرجوا من الرئيس مسعود بارزاني خطوات جرئية مماثلة بالنسبة الى المناطق التي سلخت من كوردستان وتعد الى أحضان أقليم كوردستان.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |