القس سعد سيروب امانة في اعناق خاطفيه

نبيل يونس دمان

nabeeldamman@hotmail.com

 انا لا افهم لماذا يُختطف رجل الدين المسيحي الشاب سعد سيروب، وما هو الذنب الذي اقترفه، وتحت اية سلطة او قانون او ذريعة يحدث ذلك. في رسالتي هذه اخاطب الجهة المختطفة، ان تحافظ على حياته قبل كل شيء، وتحسن معاملته، وان تسمع منه صلوات السلام والمغفرة والرحمة. دعوه يعيش بينكم ضيفاً، اذ ربما في الموضوع إلتباس او سوء فهم، وإلا اعلنوا للملأ، ما الذي اقترفه، ليستحق هذا المصير المجهول.

 عندما لا تنطقون طوال هذه المدة، منذ اواسط آب الماضي، رغم النداءات والإلتماسات العديدة، فإنكم ترتكبون خطيئة، امام الله وامام البشر، بحق انسان حُجبت حريته، لا تدعوا اطفالكم في المستقبل يوارون وجوههم خجلاً، إذا ألحقتم الأذى به، انا لا اظنكم تفعلون ذلك، والذي اتوقعه انكم تحلقون حوله، تسمعون منه وجهات نظره في الحياة، وتأملاته في الغيب، بإعتقادي ايضا ستتطابق رؤياكم في الإله الواحد الذي لا شريك له، والذي بأيحاء منه هبطت الرسالات الثلاث، التي اصطفاها لشرقنا الاوسط، وهو احوج ما يكون الى الاستقرار والحياة الكريمة، لملايينه من اتباع تلك الديانات.

 يا من بيدهم مصير القس المختطف، أرجوكم سهـّلوا عودته الى اهله وشعبه المؤمن، الذي يخدمه من اجل المحبة، من اجل الخير، ومن اجل الاخوة، التي لن تنفرط اواصرها ابدا، رغم سوء الاحوال، والاقتتال الغير المبرر، لأبناء الوطن الواحد. انا واثق من مجيء الوقت الذي تنتهي فيه عذابات العراقيين، فيضعون ايديهم ببعضها البعض، ويبنون وطنا سيكون فخر الأوطان، كما كان في غابر الازمان، حضارة مشرقة تبهر الأمم.

 ان القس سعد من سكان العراق الاصليين، الذين بات انقراضهم وشيكاً، تحت الظروف القسرية الراهنة، والهجرة الواسعة، دون رغبتهم، دون ارادتهم، ودون ان يكون لهم اليد في كل ذلك، لقد كان شعبه يوماً سائدا والآن مسودا، اصبح غريباً ومطارداً في ارضه، التي رفع اجداده قيمها في الاعالي، ولا زالت ارجاء المعمورة تردد مآثرها، استحلفكم لا تعجلوا في دفع شعبنا الرافديني العريق الى الزوال، دعوه يزول طبيعياً كما تشير المؤشرات. لا تستعملوا العُصي في طردنا من ارضنا، فنحن مغادرون عطشى وجوعى، هائمون على وجوهنا، دعونا وشأننا نكفكف الأدمع وكفى أيلامنا، يا لقساوة العالم الذي يقف متفرجا، ويا لضعف الحكومات التي بيدها القرار، وهي تشهد أفول نجمنا. عند زوالنا لا سمح الله سيشهد قاطنوا الارض، بان انتهاء ذلك الشعب المسالم، قد اثار غضب الرب، فيلقى الآثمون جزاء ما اقترفوه، ويكون المصير كما سادوم وعامور. رغم جراحاتي لا انشد ذلك ابداً، بل اطلب منه المغفرة والنعمة والبركة، لمن يرث العراق.

 انصتوا لنداء عائلة سيروب، انصتوا لرسالة البطريرك الجليل مار عمانوئيل دلي، الذي يعيش الحزن والقلق، طوال فترة غياب كاهنه، اناشدكم حاملاً الانجيل المقدس في يميني، والمصحف الكريم في يساري، فدونهما تهتز العروش، وتطيح الرؤوس، وامام قدسية وقوة الكلمة التي فيهما، ترتج الارض وتهتز السماء، اتضرع للرب، وتحت سلطانه أقبـِّل تربة العراق، مذرفاً الدمع، طالباً بخشوع، ان يحرك انفسكم، ويلين قلوبكم، فتؤمنون عودة المختفي، ليظهر طليقاً على ارض اجداده وبين شعبه، الذي نذر نفسه لخدمته، ولإعلاء كلمة الرب، حتى تكون مشيئته، في استرداد الوديعة، في أجلها الموعود.

 رغم كل شيء، يراودني أمل قوي، بان هذا النداء سيلقى الاستجابة من لدن خاطفيه، باسم الجيرة والمحبة والانسانية، فيعود القس سعد سيروب، والابتسامة تعلو شفتيه، والفرح يعم ناسه ومحبيه. وختاماً أقول، باننا ابناء الرافدين دجلة والفرات، أحفاد سومر وأكد وبابل وآشور، شعبٌ لبسنا الحضارة وحملنا مشعلها منذ آلاف السنين، فلا تطفئوا الشعلة في يدنا المعروقة، بل دعوها تخفت بالتدريج، وحتى تنطفئ... تنطفئ.

 اقتطع بعض ابيات الشعر من قصيدة مطلعها :

 أيا منزلا ً اصبح خاويـــــــــــــــــا ً تلاعب فيه شمأل ودبـــــــــــورُ

 كتبت يوماً على حيطان دير الرصافة، قرأها الخليفة المتوكل فبكى :

بلى فسُقيت الغيث صوب سحائـــب عليك بها بعد الرواح بكــــــــور

تذكرت قومي بينهم فبكيتهـــــــــــم بشجو واني بالبكاء لجديــــــــر

وعزيت نفسي وهي نفس اذا جرى لها ذكر قومي أنـّة وزفيــــــــــر

رويدك ان اليوم يعقبه غــــــــــــــد وان صروف الدائرات تــــــدور

لعل زمانا ً جار يوما ً عليهــــــــــم لهم بالذي ضوى النفوس يحور

فيفرح مرتاب ويأمن خائــــــــــــف ويطلق من حبل الوثاق أسيـــــر

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com