(11) أيلول حرب ضد الانسانية والحضارة

هرمز كوهاري

hhkacka@yahoo.com

  11- أيلول ، لم تكن معركة ضد أمريكا فقط ، بل كانت ضد الحضارة الانسانية جمعاء ، وحدثت بهذا العنف في أمريكا بقصد جعل أمريكا عاجزة عن محاربتهم من هول الصدمة ، فكيف ببقية الدول الاضعف منها ، أو أن هذه المجموعة المجرمة المنفلتة تحدت أمريكا وفي عقر دارها ، لتعطي إنطباعا أن بإمكانها أن تتحدى أي دولة أخرى في العالم ، فقد أرادتها " بروفة " لأعمالها في الدول والمجتمعات الاخرى ، وتوقعت أن تقدم تلك الدول عصا الطاعة والاذعان خوفا ورعبا من أمثال تلك الضربة ، وهكذا تصورت أنها ستستولي على الدول واحدة بعد الاخرى وترفع تلك الدول الراية البيضاء لها.هذا إذا كانت أمريكا قد إتخذت موقفا دفاعيا .

 ولكن جرأة أمريكا والحلفاء وتحديهم للارهاب العالمي ، وإتخاذهم موقفا هجوميا لا دفاعيا لإدراكهم بان هذه هي بداية حرب شاملة تشمل معظم دول العالم بل تهدد الحضارة والانسانية ، فلم تكتف بمحاربتهم في بلدها فقط بل في تعقبهم أينما حلوا وإرتحلوا وعشعشوا ، وبحثوا عنهم لإخراجهم من جحورهم المظلمة النتنة ، الطالبان من تورا بورا ، وزعيم عصابة البعث صدام حسين من حفرته المشهورة الحقيرة الذي كان يزاحم الجرذان فيها!! .

 إن 11- أذار بما فيها من المآسي والضحاية من الابرياء من النساء والاطفال والشباب المتطلع الى المستقبل الزاهر ، والمسافرون وأحلامهم الوردية بسلامة الوصول ، حيث تنتهي كل رحلة عادة بالتصفيق والتهنئة بعضهم البعض عند الوصول بالسلامة ، تحول المشهد الى الرعب ثم الى المحرقة الرهيبة كمحرقة قنبلتا هيروشيما وناكاساكي ، ومهما بلغت عبقرية الكاتب في الخيال والبليغ في التعبير فلا يمنهم وصف ما عانوه أولئك الضحاية ، ضحاية الجريمة البشعة ، سيئوا الحظ في تلك اللحظات التي سبقت الاصطدام ، ولا يسعه الشخص إلا أن لا يفكر في وضعهم لأنه قد يفقد توازنه!! و بالرغم من كل ما حدث ،فقد كانت جرس إنذار الى العالم المتحضر المتمدن و ما مخطط له من شر و تدمير تطوره و حضارته التي ساهمت كل شعوب الارض ببناءها حجرا فوق حجر ، كلفته ملايين الضحاية في الحروب لصيانتها وملايين الايام من التعب والشقاء والسهر لإيصالها الى ما وصلت اليها الآن .

 إن الهجمة الغادرة في 11 – أيلول ، لم تكن ضد أمريكا ولا ضد الرأسمالية ولا ضد المسيحية أو ضد الالحاد أو ضد الكفار كما يحلوا لهم أن يصفوا كل من لا يؤمن بما يؤمنون بالقتل والاغتصاب والتدمير والتفجير ، بل أن تلك الهجمة الغادرة كانت المعركة الاولى في حرب طاحنة بين الخير والشر ، بين الموت والحياة بين النور والظلام ، شملت المسلمين والمسيحين وكل من له دين ومن ليس له ، كانت لإطفاء نور الحضارة لكي تعيش الناس في ظلام الرجعية والتخلف والقتل على الهوية .

 إنها ليست معركة أمريكا وحلفائها ولا معركة الراسمالية ولا معركة المسيحية أو الاسلام ، إنها معركة البشرية جمعاء ضد أعدائها ، إنها معركة كل من يريد الحياة ضد من يريد له الموت ، معركة الآمن المسالم ضد المعتدي الغاصب ، إنها معركة التعمير ضد التدمير والتفجير ، إنها معركة السلم والنور ، ضد الظلام القتل والغصب والفجور ، إنها معركة الزرع الخيّر والمثمر ضد الدغل ، إنها معركة العامل لحماية آلته ، ومعركة الفلاح لحماية زرعه ، ومعركة الطالب لحماية مدرسته وجامعته ، ومعركة المثقف لحماية كتبه ومكتبته ونشر فكره ، وكما مر أعلاه لا يسلم الزرع من شر النباتات المضرة إلا بإجتثاثها من الجذور ، ولا ينتهي البعوض القاتل بالقتل فرادا إلا بتجفيف المستنقعات .إن هؤلاء القتلة ليسوا إلا حشرات ضارة أنتجتها مستنقعات الافكار البائسة .

 ولهذا فمن واجب كل فرد بل تحتم عليه الحياة أن يساهم في هذه المعركة ،مساهمة فعالة لا أن يقف كالمتفرج ، وقد يقول الفرد الاعزل ماذا بإمكانه أن يفعل ؟ وأقول إن الفرد الاعزل بإمكانه أن يخدم المعركة أكثر من  الدبابة و الطائرة والمدفع ، لأن هؤلاء الارهابيين يعشعشون بيننا ، فمن واجب كل فرد أعزل أو مسلح أن يخبر السلطات ، كلما شعر بوجود ما يشير الى وجود أي منهم أو يؤدي الى إكتشاف مخابئهم أو حفرهم أو مخازنهم التي تضم أسباب الموت للاطفال والنساء والشيوخ والشباب على حد سواء .

 مهما بلغت قوة وجبروت الدولة ، فلا يمكنها القضاء على آفة الارهاب إذا لم يتعاون أفراد الشعب معها ،المثقف بقلمه أوحامل الهاتف بهاتفه والشرطي والجندي والسياسي كل بالوسيلة المتيسرة لديه وبأقرب وقت ممكن قبل الافلات من المصيدة ،

 كل الدكتاتوريين في العالم ومنهم صدام حسين ، لم يكن صدام يسيطر على الشعب العراقي وعلى الشارع العراقي لا بالدبابات ولا الطائرات أو المدفعية بل ، بالمخبرين فكانوا العين الساهرة له ، والآن يجب أن يكون كل فرد من أفراد الشعب المحب للحياة والسلم والديمقراطية عينا ساهرة لكشف الارهابيين أنما حلوا وعشعشوا لأخراجهم وأدواتهم الجهنمية من جحورهم والقضاء عليهم قبل أن يقضوا علينا وعلى حضارتنا ، وإننا لمنتصرون .

 فالحق يعلو ولا يُعلى عليه!

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com